كتاب الفشل البناء (المؤلف: جون سي. ماكسويل)

في قديم الزمان كان هناك ساحر مشهور سيزور بلدة، كل الناس تتحدث عن قدراته الخارقة، وكيف أن لديه القدرة على تحويل المواد والأشكال وعمل العجائب. 

الناس كانوا ينظرون إلى الأمور التي يقوم بها بانبهار شديد، ويعتقدون امتلاكه قدرات خارقة على عكسهم تمامًا؛ فهم أشخاص عاديون، ولكن ما لا يعرفونه حقًّا هو أنه أيضًا مجرد شخص عادي مثلهم، هم فقط يجهلون سره ومصدر قوته.

الساحر كان لديه خبرة بسيطة عن العلوم والتفاعلات الكيميائية، وذلك ما مكنه من القيام بأمور لا يستطيع بقية الناس القيام بها، ولكن بالطبع إن تعلمها أي شخص آخر فسيستطيع تقليده بكل سهولة.

 الكثير من الناس يرون الشخص الناجح على أنه ساحر ولديه قدرات خارقة لا يستطيع أي شخص القيام بإنجازاته نفسها، والسبب الأساسي هو جهلهم بمصدر قوته.

ما سبب نجاح شخص معين؟

يمكن أن نذكر أسماء أشخاص ناجحين حتى صباح الغد، وأن نكتب كتبًا كثيرة عن أسباب نجاحهم:

• أموال كثيرة ورثوها.
• أو عائلة كبيرة تدعمهم وتزودهم بنفوذ كبير.
• أو ممكن ذكاء أو موهبة ولدوا بها.

صفات تبدو لأول وهلة أنها سبب النجاح، لكن لو بحثنا أكثر سنجد بأنها ليست كذلك. لو أخذنا أكثر صفة متعارف عليها على أنها سبب النجاح والتي هي الموهبة والذكاء، وراقبنا شخصًا ناجحًا بسبب موهبته ستجد أشخاصًا أقل منه في الموهبة، ولكن أكثر منه نجاحًا، وأشخاصًا أكثر منه في الموهبة وأقل منه في النجاح.

وذلك لأن الفرق بين الشخص العادي والشخص الناجح هو في طريقة التعامل مع الخسارة وتعريفه للفشل.

الفشل والخسارة

ما الفشل؟ الفشل ليس خسارة المال أو درجة سيئة في الامتحانات، الفشل هو اليأس والاستسلام.

الأخطاء ليست فشلًا، الأخطاء تعطينا مؤشرًا على أن هناك شيئًا ما لا يسير على ما يرام ويجب أن نجد له حلًّا.

الأخطاء هي مجرد دروس ورسائل تعطينا معلومات عن كيفية القيام بالأمر بصورة أفضل في المرة المقبلة، ندفع ثمنها ونكررها إلى أن نتعلم.

النجاح أصلًا هو مجموعة محاولات مواصلة التحرك مهما كانت الظروف غير مناسبة وتخطي الألم وعدم الانهيار بعد المشكلات؛ أي شخص ناجح يمر طوال الوقت بمشكلات وانتكاسات لا أحد يعرف عنها شيئًا، ولكنه يستطيع التغلب عليها ويظل محافظًا على توازنه.

تحقيق أي إنجاز أو الوصول إلى مركز معين مهما كان صعبًا يعدُّ أسهل جزء، أما الثبات ومقاومة المفاجآت والصعوبات والمحافظة على النجاح فهو التحدي الحقيقي.

غير رد فعلك تجاه الفشل

تتعلم «هدير» و«آية» لعبة الشطرنج ولا تزالان في البداية. «هدير» كان حظها جيدًا، كل مرة الحظ يسعفها وتلعب مع ناس مستواهم أقل منها، على عكس «آية» التي كانت في كل مرة تخسر لأنها تلعب مع أشخاص مستواهم أعلى منها.

لو أنهما بقيتا على هذا المنوال، فلنتخيل كيف سيكون الفرق بمستواهما بعد شهر! ولو دخلتا في تحدٍ مع بعضهما فمن التي ستربح؟

الإنجاز له ثمن وهو الخبرة التي تكون عبارة عن بعض العقبات، أما الخسائر والمشكلات الصغيرة فأمور مؤقتة هدفها تمرينك وتزويد مهارتك.

النجاح أصلًا معلم سيئ، سيجعلك تشعر بأنك لا تحتاج لأن تتعلم، على عكس الفشل الذي سيعلمك ويمدك بالخبرة.

اعترف بفشلك

الناس عندما يشعرون بالفشل يغضبون ويحاولون إخفاء فشلهم أو قد يحاولون زيادة سرعتهم وحل المشكلة بالطريقة نفسها التي فشلت في المرة الأولى ويسببون مشكلات أكبر، وفي النهاية سيشعرون باليأس ويتوقفون تمامًا.

لا تحاول أن تخفي فشلك اعترف به، تلك هي أكبر معركة يمكن أن تدخلها. المعركة والتحدي مع نفسك بأن تعترف لنفسك بعيوبك وأخطائك.

لا تخدع نفسك بالأعذار وتبحث عن أحد ما لتلقِ اللوم عليه وتتهمه بأنه سبب فشلك.

لا تتهور وتزيد من سرعتك وتأخذ رد فعلك السابق نفسه الذي كان سبب المشكلة، من الطبيعي أنه عليك أخذ رد فعل مختلف حتى لا تصل إلى المشكلة ثانية.

الأخطاء تتحول إلى مشكلات عندما لا تتجاوب معها بطريقة صحيحة، والمشكلات ستتحول إلى فشل تام، عندما تُصِر وتستمر بأخذ ردات الفعل القديمة نفسها، وتصر على التجاوب معها بطريقة خاطئة.

لا تأخذ الفشل بصورة شخصية! الفشل ليس وصمة عار وليس وضعًا نهائيًّا، هو مجرد تجربة واحدة وجزء صغير من الصورة الكبيرة.

أتعلم ما أسوأ فشل؟

هو أن تخسر من دون أن تتعلم الدرس من الخسارة، هذه هي الجزئية الوحيدة التي تستحق أن تأخذها بصورة شخصية.

 لا تتسرع وتحكم على المشكلة، حاول أن تغير الطريقة التي تنظر بها وابحث عن التحدي الموجود بداخلها وعن أي مكسب خفي أنت لم تنتبه إليه، حتى لو كان المكسب هو مجرد درس ستخرج به وتستخدمه في تجربتك في المستقبل.

المخاطرة

«أيمن» تعلم ركوب الدراجة باستخدام «السنادات»، ولكنه خائف من الدخول في المرحلة التالية بأن يجرب القيادة بدون دعائم «سنادات».

خوفه سيظهر على شكل كسل وتسويف. سيهرب لإحساس وهمي بالأمان، هو لا يدرك بأن الألم لا أحد يستطيع تجنبه. ستتألم وتخسر طالما أنك تعيش على هذه الأرض، حتى لو لم تقم بما عليك فعله، فستتألم بصورة ندم على الأشياء التي لم تقم بها بعد فوات الأوان.

يوجد أشخاص لديهم موارد عظيمة وموهبة ولكن خوفهم سيمنعهم من استخدامها، وهناك من ولد بدون أي موهبة وبموارد بسيطة ولكن محاولته ومخاطرته ستجعله يعبر للطرف الآخر ويتغلب على من هم أكثر منه موهبة وموارد.

الخاتمة

• طريقة التعامل مع المشكلات أو المتغيرات هي أساس كل نجاح.
• عندما تقع في مشكلة لا تكرر ردود الأفعال نفسها وتتوقع نتيجة مختلفة.
• تعلم من أخطائك ولا تكابر، وحاول أن تبحث عن كل درس وخبرة جيدة يمكن أن تخرج بها من الفشل.
• آمن بنفسك ولا تخف وتذكر بأنك بعد عشرين سنة من اليوم ستندم على الأشياء التي لم تقم بها وليس على ما قمت به.