كتاب أساسيات التسويق

Book-Cover

كتاب أساسيات التسويق (المؤلف: فيليب كوتلر)

تعمل "هدى" سكرتيرة بمكتب محاماة، هي تتجاهل علم الكيمياء تمامًا، فهو علم لا يهمها في عملها وهي أساسًا لا تحبه.

"هدى" تتعامل مع التسويق مثلما تتعامل مع الكيمياء، وترى بأنه لا فائدة منه وليس له علاقة بعملها لذلك فهي غير مهتمة به إطلاقًا.

الكثير من الناس ينظرون للتسويق بالنظرة نفسها، ويرون بأن من يجب عليه الاهتمام بالتسويق هم الأشخاص الذين يحتاجونه مباشرة في عملهم. ذلك ليس صحيحًا.

فالتسويق سيفيدك في عملك، وسيساعدك في علاقاتك.

التسويق ليس مجرد البيع والتخلص من السلعة بغرض الربح، هو موجود منذ قديم الزمان مع ظهور الإنسان على الأرض، ولا يقتصر على الأعمال التجارية، ويمكننا أن نقول بأن السبب لنجاح أي فكرة هو التسويق الناجح والأشخاص المتقنون للتسويق بالفطرة دون أن يسموه باسمه الحالي.

أحزن كثيرًا عندما أرى شخصًا مثل "حاتم" الذي أنشأ هو وفريقه موقعًا إلكترونيًّا بفكرة جميلة، هناك احتياج حقيقي لها، ولكنه كان يعتقد بأنه بمجرد أن ينشر الخدمة سيتهافت الناس عليه ويشتركون بموقعه بدون تسويق أو دعاية! 

هو يتجاهل التسويق تمامًا وقد يصرف ميزانية المشروع كلها على تنفيذ الفكرة ولا يصرف أي مبلغ على عملية التسويق.

الحلقة اليوم هي هدية بسيط لك إن كنت مثل "حاتم" وأتمنى أن أراك قريبًا صاحب مشروع كبير يملأ الدنيا نجاح.

دعونا نبدأ من نقطة البداية ونعرف التسويق معًا. التسويق هو عملية تحويل رغبة المستهلك لمنتج:

  • سيخلق للمستهلك قيمة تفيده.
  • ويخلق للمنتج ربحًا في المقابل.

المستهلك حصل على منتج أشبع حاجة ورغبة لديه واستفاد والمنتِِج باع المنتَج، وحقق ربحً واستفاد وتكونت علاقة قوية بين المنتِج والمستهلك تستمر حتى بعد البيع.

السوق

"عباس" يريد أن يفتتح مطعم كشري- الكشري هو المنتَج.

"ندى" جائعة وتريد أن تأكل، ذلك اسمه الاحتياج، ويشاركها في احتياج الجوع الكثير من الناس.

"ندى" تحب الكشري وقد يكون لديها رغبة في سد احتياجها بأكل الكشري، وهنا يتحول الاحتياج لرغبة وليس بالضرورة أن يكون لدى كل الناس الذين لديهم احتياج الجوع الرغبة في أكل الكشري، هناك أشخاص لا يحبون طعمه أصلًا، وسيكون لديهم رغبات أخرى.

"ندى" لديها المال ويمكنها شراء الكشري، وهذا اسمه الطلب، هناك أشخاص آخرون لديهم احتياج الجوع ولديهم رغبة في الكشري، ولكنهم لا يملكون المال وبذلك لن يستطيعوا تحويل رغبتهم لطلب.

إذًا سيكون السوق الأساسي لصديقنا "عباس" هو "ندى" والأشخاص المشابهين لها، الذين لديهم احتياج- يتعرضون للجوع بصورة يومية- ولديهم رغبة بأكل الكشري وفي الوقت نفسه لديهم طلب أي مال وقوة شرائية يدفعون ثمن الخدمة، هؤلاء هم الدائرة الأساسية لطلاب السلعة الخاصة به.

تجزئة السوق

وهكذا بعد أن حدد "عباس" سوقه الأساسي سيظهر له نقطة مهمة، "ندى" والأشخاص الذين يشبهونها ليس بالضرورة أن يشبع المنتج نفسه رغباتهم بطرق متساوية.

"عباس" سيقسم سوقه لشرائح، حتى يستطيع أن يخدم كل القطاعات، وهنا سيكون لديه أكثر من صورة لمنتجه، (أو ممكن أن يختار قطاعًا واحدًا ويركز عليه).

  • قد يقسمه وفقًا للعمر، فطريقة التقديم والعرض "لعبد الجبار" الرجل العجوز ستختلف عن طريقة العرض "لتامر" الشاب المراهق. "تامر" مثلًا يمكن أن يختار مطعمًا أغلى لمجرد أنه يقدم خدمة إنترنت مجاني سريع، أما الحاج "عبد الجبار" فلن يكترث كثيرًا لتلك النقطة.
  • وقد يقسمه وفقًا للطبقة الاجتماعية "أيمن" الغني سيهتم كثيرًا بشكل المكان الذي سيجلس فيه، الديكور، طريقة تقديم الكشري أشياء مهمة جدًّا بالنسبة له، بينما "عمر" الفقير أكثر ما يهتم لأمره هو السعر ولن يكترث كثيرًا للمكان المهم أن يكون مقبولًا وهذا يكفيه. 

لو افتتح "عباس" المطعم في حي فقير، وبالغ في تصميم المكان والديكور على حساب السعر مثلًا، فلن يكون هذا الأمر لصالحه لأنه ليس من أولويات الناس الذين استهدفهم بمشروعه.

ولكن عندما يقسم السوق ويجزؤه سيفهم رغبات العملاء الحقيقية وسيعرف كيف يقلل الهدر، ويتمكن من تلبية حاجة العميل.

اتجاهات التسويق

  • بذلك يستطيع "عباس" رؤية الاتجاه التسويقي المناسب له، ويقرر إن كان سيعتمد على مفهوم الإنتاج، ويركز على الانتشار والسعر الرخيص. 
  • أم سيعتمد على مفهوم المنتج ويركز على المنتج وجودته وطعمه المميز أكثر.

استراتيجيات الدخول

بعد تحديد الاتجاه؛ الآن السؤال هو كيف سيدخل السوق؟

  • ممكن أن يفتتح المطعم في مكان فيه أكثر من مطعم كشري ويقدم منتجهم نفسه، ولن يغير فيه بل سيعتمد على الأخذ من حصص المنافسين وهذا يسمى اختراق السوق.
  • أو سيبحث عن سوق جديد غير مخدوم ولا يوجد فيه مطاعم كشري، ويقدم خدمته هناك وهذا اسمه تطوير السوق.
  • أو أن يفعل مثل شركات الهواتف التي تنتج إصدارات للهواتف من هواتف أخرى موجودة، فكلا الهاتفين موجود في السوق ويتنافسان فيما بينهما. إن كان أي شخص فعلًا يعمل على منتج ويريد أن يزود حصته في السوق، فعليه أن يقوم بإضافات لم يقم بها أحد من قبله على طبق الكشري ويطور الخدمة مع وجود المنتج العادي الخاص به وهذا اسمه تطوير المنتج.

العلامة التجارية

"سهام" كانت تسجل كل المعلومات الجديدة التي يقولها المدرس، ولكن المشكلة هي أن الحبر الذي كانت تكتب به يختفي من تلقاء نفسه بعد مدة من الزمن وتحتاج أن تعيد كتابة كل شيء ثانية. هذا بالضبط حال الشخص الذي يعمل بدون علامة تجارية، لأن أي شخص يبيع ويكسب سيكون مرهونًا ومهددًا كل مرة للبدء من البداية، لكنه إن زرع علامة تجارية قوية سيخلق مصدر ربح مستمر.

التسويق يتم داخل عقل العميل المحتمل وقد لا تحصل على النتيجة بصورة لحظية، ولكن العلامة التجارية هي التي تضمن لك الاستمرار والبناء على التجارب القديمة، ستساعدك أن تبني أدوارًا أكثر، ويمكنك أن تحسنها وتضيف إليها مع كل مرة تطرح فيها شيئًا جديدًا.

الرسالة

"حسين" و"صلاح" يعملان في التسويق لعلامة تجارية واحدة من السيارات في دولتين مختلفتين.

"حسين" سيصمم إعلانًا عن السيارة يذكر فيه كل خصائصها ومميزاتها وكل التحديثات التي قاموا بها على المحرك، طوال فترة الإعلان اسم شركته موجود ومكرر، ويضع وسائل التواصل بأكثر من طريقة.

بينما سيصمم "صالح" إعلانًا لن يذكر فيه أي شيء تقني عن السيارة، سيكون الإعلان كله عبارة عن ممثل ينزل مرة من سيارة عادية لن يهتم أحد بوجوده وسينزل مرة أخرى من السيارة المعنية، وهنا كل الناس ستنظر إليه بانبهار، وبآخر ثانية من الإعلان سيقول كن مميزًا مع اسم ماركة السيارة!

بكل تأكيد أنت رأيت إعلانًا كهذا من قبل بصور كثيرة جدًّا.

هذه النقطة هي أهم وأكبر خطأ يقع فيه الناس، أن الناس لن يشتروا منك عندما يعرفون خصائص المنتج ولكنهم سيشترون عندما تعرفهم متعة استخدام المنتج، وضّح متعة استخدام المنتج ولا توضّح مكونات وخصائص المنتج.

الناس تشتري المنتج لأجل الحلم والمشاعر التي تعدهم بأن المنتج سيقدمها لهم لو استخدموه. فأنت لا تبيع المنتج- بل تبيع متعة الحصول على المنتج- اجعل كل أعمالك بصورة أعمال خدمية:

  • أنت لا تبيع سريرًا، بل تقدم خدمة النوم المريح.
  • أنت لا تبيع هواتف، بل تقدم خدمة التواصل في أسرع وقت ممكن.
  • أنت لا تبيع منتجًا، بل تقدم خدمة يستفيد منها العميل عند شرائه للمنتج. 
  • لا تبيع سيارات بل تقدم خدمات النقل والتوصيل.
  • ولا تبيع كشافات بل أنت شركة تقدم خدمة الإنارة.

يمكنك أيضًا أن توضّح العكس، أي المشاعر السلبية التي ستواجه العميل لو لم يشترِ المنتج.

إعلان مسحوق غسيل؛ ممثلتان إحداهما تستخدم المسحوق والأخرى لا تستخدمه، الأولى حماتها تحبها وتراها مدبّرة ورائعة! والثانية حماتها تراها فاشلة وغير مدبرة. (هنا يظهر ألم عدم استخدام المنتج). لاحظ أن الإعلان لم يذكر أي تفاصيل عن المنتج. الموضوع كله مشاعر من البداية للنهاية! 

ابحث عن المشاعر التي يمكن لمنتجك تقديمها وركز عليها.

الخلاصة

  • التسويق يشبه الرحلة، رحلة لمكان لا تعرف عنه شيئًا ستخطئ وتتوه هذا أمر طبيعي، استعد للخطأ وتعامل معه بمرونة.
  • حدد سوقك، وفي داخل السوق قسم عملاءك.
  • لا تبحث عن زبائن لمنتجك، بل ابحث عن منتجات لزبائنك، واعرف رغباتهم لكي تلبيها واعرف تمامًا كيف يريدونها واصنع خدمة مناسبة بسعر مناسب وقدمها بطريقة مناسبة، عرفهم على منتجك بأن توضّح لهم متعة استخدامه؛ لأنهم غير مهتمين بمعرفة خصائص المنتج ولا بمقدار تعبك فيه!
  • ابنِ وخزن سمعة طيبة وثقة في علامتك التجارية.