كتاب علم التحكم النفسي

Book-Cover

كتاب علم التحكم النفسي (المؤلف: ماكسويل مالتيز)

لا تزعج الكلاب


أمامك ٤ كلاب نائمة، عندما تصبح عند أقرب مسافة من الكلاب ستجد نفسك تمسك بحجر من الأرض وترميه على كلب منها.

هذا جنون أليس كذلك؟ لماذا فعلتَ هذا؟ لا تعرف السبب، الكلب سيستيقظ ويجري خلفك، وستجري بأقصى سرعتك وستسقط على الأرض، الكلب اقترب منك كثيرًا وبدأت تسمع صوت أنفاسه، ستحاول النهوض ولكنك لن تستطيع، ولذلك ستسلم له مصيرك وبعد قليل ستصرخ من ألم العضة - صريخك سيوقظك من النوم- ستستيقظ مفزوعًا، وتكتشف أن كل ذلك كان مجرد حلم.

ستمسك هاتفك بسرعة وتسجل لنفسك أول فكرة سأتكلم عنها اليوم.

اترك الكلاب المسعورة النائمة وشأنها

التجارب الفاشلة - الأخطاء - المواقف السيئة، بعد فترة تنام وتأثيرها يصبح محدودًا، اتركها نائمة ولا تزعجها ولا تبحث عنها وتخرجها من حالتها الخاملة.

 تنقيبك عنها لن يسبب لك غير الإحباط والألم في النهاية.

 لا تحاول تذكير نفسك بالسلبيات التي حدثت معك، تذكرها لن يفيدك بشيء وتعامل مع أخطائك على أنها مجرد أفعال قمت بها، وليس على أنها هويتك التي تكوّنك أو تصنّفك بصورة معينة.

هناك فرق شاسع بين قولك أنا متسرع، وبين قولك لقد تسرّعت. أن تصنّف نفسك بأنك متسرع وأن تصف نفسك أنك تصرفت بتسرع.

في الحالة الأولى أنت تصف نفسك وتثبّت الفعل عليك ويصبح التخلص منه أصعب، أما في الحالة الثانية فأنت تصف الفعل نفسه ويكون أسهل عليك التخلص منه.

ما الذي لديك لتخسره


"مهند" يبحث عن عمل، قدم السيرة الذاتية الخاصة به لأكثر من مكان. اليوم استيقظ من النوم على مكالمة من قسم التوظيف في بنك مشهور كان قد قدم للعمل فيه.

الموظف سيطلب منه أن يحضر لمقابلة عمل اليوم الساعة ٣ عصرًا.

سيذهب للموعد وفي أثناء الانتظار سيستمع لحديث يدور بين الشخصين الجالسين بجانبه، ويعرف بأن أحدهما لديه خبرة ٨ سنوات والآخر لديه خبرة ١٠ سنوات.

"مهند" سيشعر بالإحباط فهو لا يملك أي خبرة وسيشعر بأنه سينهزم بالتأكيد، وسيقرر بألا يدخل للمقابلة.

النتيجة معروفة فمن غير المعقول أن يتركوا الأشخاص الآخرين ويختاروه هكذا سيقول لنفسه. سينهض ويخرج وفي أثناء نزوله الدرج سيخطر في باله سؤال.

ما هو أسوأ شيء يمكن أن أخسره لو دخلت المقابلة؟ سأُرفَض! وما هي النتيجة؟! هي النتيجة نفسها التي سأجنيها بخروجي الآن.

 سيعود ويجلس مكانه والمفاجأة أن المنصب الذي تقدم إليه لم يكن معيار الخبرة مهمًّا فيه، وكان المعيار الأهم هو النشاط والحركة، وتلك كانت واحدة من أهم صفاته.

 جميعنا يتخيل مواقف وتطورات سيئة للأوضاع في ظروف معينة وهذا شيء عادي، ولكن الشيء غير العادي وغير المنطقي هو أننا نسترسل بتخيلاتنا ومخاوفنا ونأخذ قرارات على هذا الأساس.

قبل أن تتصرف بناء على مخاوفك اسأل نفسك هل من الممكن أن أكون مخطئًا وما أتخيله لن يحدث، هل هناك سبب منطقي أساسًا لتخيلاتي تلك؟

ولو أن شخصًا أهتم لأمره في مكاني الآن وطلب مني النصيحة هل سأخبره بأن يتصرف مثلما أتصرف أنا حاليًّا؟

ستكتشف في النهاية بأن معظم مخاوفك ليس لها أي أساس من الصحة. ابدأ بدون أي انطباعات عن نفسك وخصوصًا لو كانت سلبية.

استرخِ


فتح "فتحي" محل أجهزة أدوات كهربائية. استثمر فيه كل أمواله.

هو شخص مجتهد، فعل كل ما يضمن نجاح مشروعه، درس السوق جيدًا ودرس المنافسين، اهتم بمنتجه وقام بدعاية رائعة.

ولكنه كان مهتمًّا كثيرًا جدًّا، كل يوم كان يقوم بمتابعة بيع المحل ويقيم النجاح بصورة يومية، وكان يحسب كل الأبعاد وكل الاحتمالات كل شيء بأدق التفاصيل. هذه أمور يمكن أن تقوم بها على المدى القريب، ولكنك على المدى البعيد ستنهار بسببها.

أشياء مثل الاهتمام بأدق التفاصيل حتى وإن كانت كل الأمور مثالية قد تراه شيئًا جميلًا، ولكن ما هو المقابل لذلك؟

إن استطعت فعل ذلك بدون أن تكون الأمور على حساب إجهاد أعصابك وصحتك، فافعل، ولكن معظم الناس الاهتمام المبالغ فيه بالتفاصيل يسبب لهم ضغطًا كبيرًا جدًّا بفائدة ضعيفة جدًّا.

استرخِ واستسلم ولا تشغل فكرك بمصيرك.

شدة الحرص والمبالغة في التركيز على عمل الصحيح يمكن أن تسبب في وقوعك في الخطأ.

السعادة


المدرس "سيد" في أثناء شرحه للدرس سمع صوت ضحك من آخر الفصل سيلمح "هبة" و"هدير" وهما تتكلمان وتضحكان بدون أي احترام لوجوده.

سيطلب منهما الوقوف ويقرر معاقبتهما، ولكن قبل معاقبتهما سيعطيهما فرصة أخيرة، وسيقول: طالما أنكما تضحكان دعونا نتحدث عن السعادة.

هل يمكنكما تعريف السعادة؟ التي ستعرّفها بشكل صحيح لن أعاقبها.

 "هدير" لن تستطيع الإجابة، أما "هبة" فستقول: هي إحساس بالفرح يحصل كمكافأة للشخص عندما يقوم بفعل جيد،

"سيد" سيصحح لها التعريف الذي ذكرته ويقول: السعادة هي إحساس بالسرور فقط!

ليست بالضرورة مكافأة. السعادة حالة داخل عقلك وليست بسبب شيء خارجي، هي رد فعلك الداخلي على الشيء الخارجي.

يمكنك التحكم بها بصرف النظر عن ظروفك، ما يُفرِحك ليس الأشياء نفسها التي تحدث، ما يفرحك هو آراؤك عن تلك الأشياء.

رأيك هو ما يعطيها قيمة.

مارس السعادة من الآن وتمرن ودرّب نفسك عليها، لا تربط سعادتك بتحقيق شيء معين، تطلعاتك لن تنتهي وستستمر بمطاردتها طوال حياتك.

لغة مختلفة


لنتخيل أننا كنا في غداء معًا وقدمت لك صديقي الأجنبي لتتعرف عليه وهو قد بدأ توًّا في تعلّم اللغة العربية.

وفي أثناء حديثك عن مشكلة مررت بها وعلامات التأثر واضحة عليك، فجأة صديقي الغريب سيقول لك: أنت فعلًا حمار!

 ستستغرب جدًّا وستكون على وشك رد الشتيمة، ولكنني سأعاجلك بشرح سوء التفاهم الذي حدث.

تعريف الحمار بالنسبة لك هو الحيوان الغبي ومضرب المثل في البلادة؛ لكن الحمار بالنسبة له هو الحيوان الصبور ومضرب المثل في التحمل.

معظم الاختلافات بين الناس إن لم تكن كلها سببها سوء الفهم، نحن نتخيل أن الطرف الآخر هو من يجب عليه أن يستنتج ويجيب بطريقتنا نفسها، وأيضًا يجب أن ينظر للعالم بالطريقة نفسها التي ننظر بها، ونرى آراءنا على أنها حقائق ثابتة وليست مجرد رأي وهناك آراء كثيرة غيره.

الصراعات لا تكون بين طرفين: حق وباطل، بل كل طرف يكون على حق من وجهة نظره، وكلاهما ينظر لشيء واحد بطريقة مختلفة.

التوازن في الحركة


"حمدي" بعد أن نجح في الصف الأول، أبوه اشترى له دراجة، وكان متحمسًا جدًّا ويريد أن يقودها ولكنه لم يكن لديه أي معرفة عن كيفية القيادة.

سيتعلم القيادة وهو واقف لأنه يخاف أن يجلس على المقعد ويسقط، المشكلة هي أن الدراجة لا يمكنها أن تحافظ على اتزانها لوحدها بدون سندات إلا مع الحركة، ومحاولته تعلم القيادة وهو واقف سيعرضه للوقوع هو والدراجة على أي جانب من الجانبين.

 دعونا نترك الدراجة الآن، ونتحدث عن "حمدي" في الحياة، هو يخاف التحرك ويخاف من أخذ أي قرار، بل كل ما يفعله هو التأجيل، يرى أن الثبات يمثل الأمان، فلو لم يتحرك بذلك يكون محميًا من الوقوع في الخطأ.

"حمدي" يحتاج أن يتحرك حتى لو كان المستقبل مجهولًا بالنسبة له، ولكن كي يحقق الاتزان في حياته يجب أن يتحرك، وإلا سيميل ويقع تمامًا كدراجته الجديدة.

 تحرك ولا تخف من الوقوع، لو كانت الوسائل غير واضحة الآن بالنسبة لك ستتوضح وتظهر مع الحركة، حركتك ستعلمك القيادة، وستجعلك تعرف كيف توازن حياتك وتقود حتى وأنت مفلتٌ يديك من على المقود!

الخاتمة


  • الكلاب المسعورة النائمة، اتركها وشأنها، من غير المنطقي أنك في أثناء وقت فراغك تبدأ بتذكر أشياء فشلت فيها من سنة مضت! بذلك ستجلب لنفسك الألم لا غير.

  • اختبر أي شيء أنت مقتنع به قبل أن ترسخ قناعاتك عنه، وقبل أن تأخذ قرارًا بناء على مخاوفك اسأل نفسك ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ سيكتشف أمرك مثلًا! ستجد بأنك تبالغ في الموضوع بدون داعٍ.

  • شدة الحرص والمبالغة في التركيز على عمل الصح والمثالية أحيانًا تؤدي إلى عكس ذلك تمامًا.

  • السعادة ليست بالضرورة مكافأة على شيء أنت تجري خلفه، وستصبح سعيدًا عندما تحققه. الأفضل؛ ألا تربط أنت سعادتك بعوامل خارجية.

  • قبل أن تتهم أحدًا، أو تختلف معه، اعرف أولًا هل كلاكما يقصد ذات المعنى للكلمة نفسها أم لا.

  • التوازن يأتي من الحركة لا تؤجل القرارات ولا تخف من أخذها لأنك بذلك لن تكون في الأمان.