كتاب اسرق كفنان

Book-Cover

كتاب اسرق كفنان (المؤلف: أوستن كليون)

"الفنان الجيد هو من يقلد، أما الفنان العظيم فهو من يسرق" – بيكاسو

هل تعلم أن المصدر الوحيد للإبداع في العالم هو السرقة؟! أجل السرقة، أنا لا أعلم ما اهتماماتك، ولكن مهما كانت، تخيل أكثر شخص مبدع في مجالك، تخيل بطلك الخارق لو سألته من أين تجلب أفكارك الإبداعية تلك، لو كان صريحًا سيقول لك:

أسرقها.

دعنا قبل أن نبدأ أن نوضح بعض النقاط حتى يكون بيننا فهم مشترك للأمور.

هناك ثلاثة أنواع من السرقة:

  • سرقة "نعيم" الحرامي، الذي يأخذ عملَ شخصٍ آخر وينسبه لنفسه، والجريمة تلك ليست ما نتحدث عنه اليوم.
  • وهناك سرقة "عاطف" الذي يقلد الناس؛ فيقلد أسلوبَ شخصٍ آخر، وتلك سنتحدث عنها قليلًا.
  • وهناك سرقة "وليد" الفنان، الذي يسرق عشرين فكرة من عشرين مجالًا ويدمجها كلها مع بعضها بعضًا، ويخرج منها بفكرة جديدة بعد أن يضيف لها قيمة، وهذه هي السرقة التي نريد أن نشترك فيها كلنا.

لا يوجد شيء أصلي

إن كان لديك حساسية من لفظ "السرقة" يمكنك تسميها استلهامًا مثلًا، أو إعادة تدوير، استخدم اللفظ الذي يناسبك.

تعمل "هدى" في مجال تصميم الجرافيك ومبدعة جدًّا في عملها وترى بأنها طالما تقوم بعملها من الصفر؛ فبذلك تكون أعمالها كلها أصلية.

القاعدة الأولى

القاعدة الأولى: لا يوجد شيء على الأرض أصلي ولا بادئ من العدم، لو تتبعت أي شيء ستجده مبنيًّا على أعمال سابقة، "هدى" نفسها ليست أصلية، سواء شكلها وجيناتها التي أخذتها من والديها أو شخصيتها وأفكارها التي أخذتها من البيئة المحيطة بها.

ومع ذلك الخليط الذي تكوّنت منه "هدى" جعلها مختلفة عن أبيها وأمها وبيئتها.

الوراثة قائمة على السرقة 

أول خطوة لكي تقوم بشيء(مبدع) هو أن تفهم طبيعة هذا الشيء، وأن تتذكر أن أي عمل مهما ظهر لك بأنه لا مثيل له هو مبني على أعمال سابقة. لا تحاول خلق شيء من الصفر، بل اسرق، ولكن اسرق سرقة فنان، اسرق ١٠٠ فكرة وأضف قيمة من عندك عليها، واسرق بشرف فلا تنكر جهد وأعمال من بنيت عليها عملك، وانسب الأفكار لأصحابها الحقيقيين.

اختر ما تسرق

"عادل" و"خالد" كل منهما لديه حقيبة وسنتركهما في مكان مليء بالأحجار اللامعة لمدة يوم. الأحجار في المكان بعضها حقيقي وبعضها مزوّر. "عادل" في نهاية اليوم سيعود بمحفظته المليئة بالجواهر الحقيقية، أما "خالد" فسيعود وثلاثة أرباع حقيبته مجوهرات مزيّفة.

أي أحد يمكنه سرقة الأفكار ولكن الفن الحقيقي هو أن تعرف كيف تنتقي الأفكار الأكثر جودة، ليس المهم أن تجمع كل ما تقابله ولا أن تجمع مليون جوهرة مزورة، ولكنك إن جمعت جوهرة واحدة حقيقية ستكون قيمتها أغلى من المليون المزورة.

الفنان هو الشخص الذي لديه القدرة على تمييز المناسب له وسرقته وبالأهمية نفسها أن يستطيع تمييز غير المناسب ويتركه. 

اخلق بيئة مناسبة

"محسن" طالب يطمح لأن يحصل على نتيجة عالية في التعليم أول ما يحتاجه هو:

  • مدرسة جيدة.
  • يكون فيها مدرسون جيدون.
  • ومصادر على هيئة كتب ومراجع يذاكر منها.
  • وبعد ذلك يأتي دوره في المذاكرة.

الفكرة هي طفل صغير يأتي من أب وأم وجدة وجد؛ لذلك اختر لهذا الطفل أهله بعناية. أنت موهوب بقدر إحاطة نفسك بالموهوبين، أنت خليط من بيئتك وجيد بمقدار جودة الأشياء من حولك.

بالطبع قد تكون البيئة المحيطة بك لا تساعدك ولكنك في هذا العصر محظوظ! محظوظ لوجود الإنترنت؛ فأنت لا تحتاج إلى وجود اتصال مكاني بينك وبين البيئة، بل يمكنك خلق بيئة مناسبة في أثناء جلوسك في مكانك الآن.

اخلق عالمك واملأه بكل شيء تحبه، كل الأشياء والأشخاص الذين يمكن أن يساعدوك على الإلهام.

لن تعرف نفسك

لا تنتظر إلى أن تعرف نفسك

لو راقبنا مجموعة أشخاص مبدعين في مجالات مختلفة، أشخاص ينظر إليهم الجميع على أنهم مبدعون، سنجد أن جزءًا ليس بقليل منهم يشعرون بأنهم محتالون ويخافون من أن يُكتشَف أمرهم، يشعرون بأنهم لا يستحقون ما وصلوا إليه وبأنهم وصلوا عن طريق الحظ.

متلازمة المحتال

الثقة التي تراها في الأشخاص المبدعين ليست حقيقية. هناك جزء كبير منهم يشعر بأنه مدّعي وليس لديه أي فكرة عن نفسه ولا عن ما يقوم به ولا مواهبه مع أنه جدير فعلًا بما وصل إليه ويستحقه، ولكنه يشعر بأنه مدّعي ويحتال على الناس.

ولذلك كل المقولات المتعارف عليها والتي تقول إنك تحتاج إلى معرفة من أنت أولًا قبل أن تتحرك حتى تنجح، غير دقيقة!

فلو انتظرت إلى أن تعرف نفسك ستبقى بمكانك، ويمكن أن يمر العمر وأنت تنتظر.

ابدأ بدلًا من الانتظار. إحساسك بنفسك سيتطور ويتغير دائمًا، لن تصل إلى مرحلة المعرفة الكاملة لكل ما تريده.

تحرك أولًا، ولاحقًا ستعرف نفسك، وأصلًا هذه هي الطريقة الوحيدة حتى تعرف نفسك وأول خطوة تأخذها هي أن تتعلم التمثيل.

تظاهر بالأمر تتقنه

حتى تصبح حقيقيًّا عليك أن تكون متصنعًا مدة من الزمن. لا يوجد طفل وُلد بشخصية خاصة به، بل يجب أن يمر بمرحلة التقليد إلى أن يكوِّن شخصيته.

فلو كنت ترغب في أن تصبح مثل شخص معين تظاهر بأنك هذا الشخص، قلده وقلد أسلوبه، وأنتج أعمالًا مشابهة لأعماله في البداية.

"سعد" يريد أن يصبح لاعب كرة، سيراقب حركات أشهر لاعب كرة ويتعلمها بذلك يكون قد قلّده فقط، ولكن يوجد بعض الحركات لن يستطيع "سعد" تنفيذها بكفاءة اللاعب المشهور نفسها؛ لأن طبيعتهما الجسدية مختلفة، وهنا سيعدّل الحركات كي تناسب جسمه سيضيف إليها ويحذف منها بعض التكنيكات، وفي النهاية سيكوّن أسلوبًا خاصًّا به، ويبدع بحركات جديدة.

وبعد أن يصبح مشهورًا سيأتي لاعب صغير آخر ليقلد "سعد"، وسيضطر بأن يعدّل على حركاته ويبدع بحركات جديدة، وهكذا تسير الحياة.

الاختلافات الفردية تمنع الناس أن تقلد بعضها بصورة طبق الأصل، وهذا ما يسمح لهم باكتشاف قدراتهم الخاصة، إن كنت ذكيًّا سيكون بإمكانك أن تكون ممثلًا محترفًا، لا تكتفي بتمثيل الدور المكتوب في الورقة بل ابحث عن مصادره.

 فبدلًا من دراستك للشخص الذي تريد تقليده تستطيع أن تبحث عن المصادر والأشخاص الذين أثروا فيه وادرسهم جيدًا وقلّدهم.

يريد "عمرو" أن يصبح شاعرًا مثل الشاعر الفلاني فسيتّبع الخطوات التي تحدثتُ عنها سابقًا، سيجلب الأبيات الخاصة بذاك الشاعر ويحفظها بعد أن ينتهي من مرحلة الحفظ يدخل في مرحلة التقليد؛ فسيقلّد الأبيات بطريقة الشاعر الفلاني نفسها، وفي النهاية سيكوّن أسلوبه الخاص.

الخطوات الثلاث السابقة ستوصل "عمرو" لما يرغب فيه، ولكنه يمكن أن يكون أذكى بأنه عوضًا عن دراسة الشاعر نفسه يبحث عن الشعراء الذين أثروا في ذلك الشاعر المشهور، ويطبق عليهم الخطوات السابقة نفسها (يقلدهم) وسيصل إلى نتيجة أفضل.

السرقة في النهاية

أي آخر خطوة

لا تقلد فحسب!

يجلس "علي" أمام طاولته ويذاكر وأمامه صفحة مهمة جدًّا، ستأتي غدًا في الامتحان، ولكنه لم يستطع فهمها بالرغم من محاولاته العديدة، عندما أطلب منه أن يحفظها، سيجيب: لا! أنا أريد أن أفهمها. سأجيبه أنت ستتمكن من فهمها بعد أن تحفظها. أنت لا تريد الحفظ نفسه لمجرد الحفظ، ولكن لأنه سيزيد من فرصتك على الفهم.

سرقة أسلوب شخص ما وتقليده ليس لمجرد التقليد فقط، ولكنك بذلك تحفظه وتزيد قدرتك على سرقة الفكرة المخفية وراء الأسلوب وهذا هو المطلوب.

هناك أسلوب ظاهري وهناك المركز والفكرة المخفية وراء الأسلوب، فلو سرقت الأسلوب ستكون نسخة عن فلان، لكنك إن سرقت المركز، الناس سينظرون إليك بالطريقة نفسها التي ينظرون بها لفلان وهذا ما نريده بالضبط.

هل تعرف الهندسة العكسية؟

حتى تتمكن من صناعة كاميرا مثلًا أو لكي تفهم المبادئ التي تعمل بها عليك أن تفكك الكاميرا جزءًا بعد جزء، وبعد ذلك تحاول تجميعها مرة ثانية بنفسك.

لا تحاول أن تعيد اختراع العجلة لا يوجد أي إنجاز بشري أصلي، بل كله مبني على أعمال سابقة.

انظر للعالم على أن كل شيء فيه هو مواد خام لفكرتك جمع الأفكار التي تستحق السرقة واحفظها معك في محفظتك، إن لم تحتاج إليها اليوم قد تحتاج إليها غدًا.

الخاتمة

  • عندما تقول عن شيء أنه أصلي؛ فهذا بسبب أنك لا تعرف المصادر التي كانت السبب وراءه، لا يوجد طفل من غير أب ولا أم، ولا يوجد فكرة من غير أفكار سابقة.
  • لكي تعمل عملًا مبدعًا وتترك فيه بصمتك الخاصة، لا تنتظر إلى أن تعرف نفسك، ولست محتاجًا أن تكون مبدعًا حتى تبدأ، بل كل ما تحتاجه هو أن تبدأ لتصبح مبدعًا.
  • ابحث عن فكرة تستحق السرقة واسرقها. كرر الخطوة تلك مع كل فكرة قد تفيد عملك- انسخ وقلد- وحاول أن تفهم- ابحث عن المصدر- وادمج وأضف، ستخرج في النهاية بفكرة جديدة تضيفها للعالم.