كتاب ثروة الأمم

كتاب ثروة الأمم (المؤلف: آدم سميث)
على الرغم من أن الكتاب كُتِب في بداية الثورة الصناعية، وعمره الآن أكثر من ٣ قرون؛ فإن فكر "آدم سميث" لم يؤثر فقط في الإمبراطورية البريطانية التي كانت قد بدأت في الظهور كقوة عظمى في ذلك الوقت، ولكن تأثيره لا يزال موجودًا، ويمكنك رؤية "آدم سميث" على ظهر ورقة العشرين جنيهًا إسترلينيًّا.
فهو من أوائل الناس الذين تحدثوا عن الاقتصاد باعتباره علمًا جمع مبادئه وكوّن نظرية متماسكة،
وكتابه كان النواة للنظام الرأسمالي المسيطر على العالم في الوقت الحالي.
مصدر الثروة
"محمود" رجل غني لأنه يمتلك كمية كبيرة من المال أو سبائك الذهب.
دولة تريد أن تصبح غنية فستشجع الصادرات ولن تستورد أي شيء إطلاقًا، بذلك الذهب والمال سيدخلان للدولة ولن يخرجا منها، الآن أصبحت هذه الدولة تمتلك ذهبًا أكثر بكثير من دول أخرى، ولكنها لا تعد دولة غنية، ولكن لماذا؟
الدول على عكس الأفراد لا تعدُّ غنية أو فقيرة تبعًا لكمية الذهب التي تمتلكها أو لمواردها فقط، ولكن ثروة الأمم هو حجم تبادلها التجاري ومجموع إنتاج أفرادها.
ثروة الأمم في أفرادها تحديدًا في عمل أفرادها وقدرتهم على الإنتاج.
المصلحة الشخصية
"هند" و "مي" عاشتا قبل ألفي سنة، "هند" تحتاج إلى القمح ولديها فائض من القطن، و "مي" لديها فائض من القمح ولكنها تحتاج إلى القطن، لذلك ستتبادلان المنتجات.
الإنسان اقتصاديٌّ بالفطرة لا يستطيع العيش بدون الاعتماد على الآخرين لذلك يلجأ إلى المقايضة، بمعنى أعطني وأعطِك بالمقابل. سيضمن استمرار حياته من خلال إتمام الصفقات مع الآخرين.
المصلحة الفردية
المصلحة الفردية هي التي تحرك المجتمع.
فأنت تذهب للجزار حتى تشتري لحمة وليس لأنك شخص كريم، جميعنا يتبع مصلحته الشخصية والمقابل الذي سيحصل عليه.
أنانية الفرد مفيدة جدًّا للمجتمع وسعيه لتحقيق مصالحه الشخصية وتحسين وضعه سيساعد بدون أن يقصد في تحقيق مصالح الجماعة، والمصلحة العامة والفائدة الشخصية تتحول لفائدة عامة.
فالفرد جزء من المجتمع والعائد الخاص به هو حاصل مجموع عوائد أفراده.
يمكن أن نشبه نمو الاقتصاد بالشجرة، كل فرد مسؤول عن فرع منفصل، ولكن الشجرة تنمو ككل بشكل ثابت وتكبر باستمرار.
تدخل الدولة في السوق
من المفروض أن تمتنع الدولة عن التدخل بصورة مباشرة في الاقتصاد، تدخلها سيؤدي لخلل في السوق، يمكن لها أن تحافظ على حقوق الملكية الفكرية وكفاءة عمل الأسواق والتنافس، بذلك يكون دورها تنظيميًّا فقط! تشجع الفردية والتنافس الحر تضمن التعاقدات والعدالة المتساوية بين الناس، وتضمن الحرية المالية الكاملة للأفراد وحرية التصرف، وتحارب الاحتكار.
- تضع القواعد العامة وتراقب أي انحراف وتشرف عليه.
تدخلها سيكون في نطاق منع المنتجات المضرة المخدرات مثلًا، أو أن تضع شروط السلامة في السيارات، وألا تكون المنتجات مضرة بالبيئة وهكذا.
لكن تمتنع نهائيًّا عن التدخل بصورة مباشرة في الاقتصاد.
اليد الخفية
الاقتصاد أو السوق الحر تمامًا، ربما تظن بأنه سيكون فوضويًّا بدون نظام، ملايين المستهلكين والمنتجين ملايين القرارات المتضاربة بدون أي سلطة تخطيط مركزي، ولكن على أرض الواقع السوق يوجد فيه ما يمكننا تسميته اليد الخفية، تمسك الأوتار كلها وتحوّل المصالح الشخصية المتضاربة لمصلحة الجميع وتوجّه الناس للنظام.
طالما أن هناك منافسة عادلة فإن المشكلات ستحل بعفوية وسيوازن السوق من خلال العرض والطلب.
مثال
تخيل دولة لا تعرف شيئًا عن السيارات، سيأتي شخص ويستورد السيارات إليها، كل ما يهمه هو مكسبه الشخصي، فسيبيعها بسعر عالٍ ويزيد هامش ربحه، مكسبه الكبير سيُغري غيره بأن يستورد مثله ليكسب المال، وبذلك ومع مرور الوقت سيزداد عدد معارض السيارات في البلد وسيزداد التنافس في السوق، وذلك سيؤدي لانخفاض سعر السيارات إلى أن يصبح ملائمًا للسلعة تمامًا.
- لو أن كل مستثمر أخذ كامل الحرية في إنتاج وبيع منتجه وكل مستهلك أخذ الحرية الكاملة في الاختيار سنصل إلى سوق فيه سلع جودتها عالية وسعرها مناسب، وعندها يكون المستهلك قد حقق رغبته والمنتج قد حقق ربحه والسلعة سعرها استقر والاقتصاد كله توازن بدون أي تدخل خارجي.
التوازن العفوي
العرض والطلب سيخلقان توازنًا عفويًّا في السوق؛ فإن زاد إنتاج منتج ما لأن الشخص المسؤول عنه يريد كسب المزيد فسيزيد عدد المعروض منه وسيقل ثمنه، ونتيجة لذلك سيقل إنتاج المنتج ويتناقص عدد المعروض منه في السوق، ويرتفع ثمنه حتى يصل لحد التوازن.
اليد الخفية ستدفع عجلة الإنتاج وستدفع الحركة الاقتصادية.
مثال
دولة تنتشر فيها البطالة وأهلها فقراء، وسيكونون مستعدين للعمل برواتب منخفضة، وذلك سيكون دافعًا للشركات بأن تبني المصانع في هذه الدولة تحديدًا لكي تستفيد من الأيدي العاملة الرخيصة، وسكان الدولة سيستفيدون من الاستثمار الذي سيدخل بلدهم وسيستفيدون من الوظائف التي سيحدث عليها زيادة الطلب، وبالتالي سترتفع رواتبهم وتتحسن حياتهم.
طبعًا المستثمر يأتي لذلك البلد لهدف واحد وهو مصلحته الشخصية، ولكنه سيفيد البلد كله بدون أن يقصد.
تحديد القيمة
أي سلعة أو منتج له قيمتان:
- قيمة استعمالية المنفعة التي ستعود عليك من استعمالك للمنتج هذا.
- وقيمة تبادلية أي منفعة مبادلة السلعة بمنتجات أو سلع أخرى وما يمكن الحصول عليه مقابلها.
فى معظم الأشياء التي قيمتها الاستعمالية كبيرة تكون قيمتها التبادلية ضعيفة والعكس أيضًا صحيح.
الماء: قيمته الاستعمالية عالية جدًّا لا يمكنك الحياة بدونه، لكن قيمته التبادلية ضعيفة جدًّا.
الماس: قيمته الاستعمالية ضعيفة جدًّا، ولكنك لن تستفيد منه بصورة مباشرة، لكن قيمته التبادلية عالية جدًّا ويمكنك تبادله بالعديد من السلع.
حسنًا! كيف يتم تحديد سعر السلعة؟
عن طريق مقدار المجهود المبذول للحصول عليها.
- لنراقب بلدًا لا يزرع التفاح، والطلب على التفاح فيه كبير والمعروض قليل؛ فإذًا قيمته عالية جدًّا.
- وبلد آخر كل أراضيه مزروعة بالتفاح، لن يستدعي الأمر الكثير من التعب للحصول عليه، فهو موجود في كل مكان فسعره أقل.
تقسيم العمل
"وائل" يحتاج إلى مجموعة كراسي خشب، سيقرر أنه عوضًا بأن يطلب من نجار صناعتهم له سيقوم بذلك بنفسه، بعد يومين من الجهد، هو لم يحصل على كراسي بجودة رديئة فقط، بل أيضًا خسر يومي عمل دون أن يعمل فيهما.
الأفضل للدول أن تركّز على المنتجات التي تنتجها بكفاءة.
التخصص
- التخصص وتوزيع الأدوار سيؤدي لإنتاج بفاعلية أكبر.
كما أن تقسيم العمل داخل المنتج الواحد لعمليات أصغر وتطوير آليات العمل نفسه سيرفع الكفاءة ويزيد الإنتاجية.
النجار الذي كان من المفترض أن يذهب "وائل" إليه كان يقسم عمله، فشخص يقطع الخشب والثاني يركب الخشب والثالث يدهن والرابع يساعدهم وهكذا.
عامل واحد بدون أي تقسيم للعمل سينتج عشرين مسمارًا في اليوم، لكن تقسيم العمل على عشرة عمال كل واحد سيؤدي جزءًا فقط من العملية، سينتجون آلاف المسامير.
تقسيم العمل سيدفع كل العمال بأن يبحثوا عن الأساليب التي ستساعدهم بتقليل الوقت اللازم لعمل الجزئية الخاصة بهم وسيتفننون بذلك.
كل واحد منهم سيخدم المجتمع ببراعته في تخصصه الصغير والمجتمع سيستفيد وسيُفيد بعائد مادي يدفعه للتطور أكثر وأكثر.
ما يحرك البشر
"جلال" رجل أعمال غني يعيش في دولة تعاني الأزمات المالية. قامت الحكومة برفع الضرائب المفروضة عليه حتى تحل المشكلة وتستطيع توفير الخدمات لبقية الشعب، ولكنه سيتلاعب بالدفاتر وسيقلل حجم الضرائب التي يدفعها.
بغض النظر عن نظرتك لـ"جلال" على أنه شخص جشع ومحتال، ولكنه في هذا الموقف، سيرفض دفع ١ بالمئة من مقدار ثروته، ولكنه من الممكن في موقف ثانٍ بالظروف نفسها باختلاف صغير أن يدفع "جلال" نصف ثروته وهو سعيد جدًّا.
الحافز
الفرق البسيط بين الموقفين هو الحافز أو الدافع.
هو يمكن أن يبني مراكز خدمات مختلفة للدولة والمواطنين بدلًا من الحكومة، وأن يبني المستشفيات والمدارس، لمجرد أنها ستُسمى باسمه.
فهم الحكومة لرغبات الناس الحقيقية سيساعدها على حل مشكلات كثيرة، في حالة جلال هنا رغبته الحقيقية أن يكسب المزيد من الاحترام والشرف، فلو تعاملت الدولة مع المتبرعين على أنهم أبطال- في الواقع ذلك يتم الآن ولكن على استحياء وبصورة بسيطة- ما أقصده هو أن يعتلوا مكانة راقية في المجتمع، ويتلقوا تشجيعًا مبالغًا فيه، فيصبحوا هم أبطال المجتمع كله، ويتصدروا كل المشاهد بدلًا من أناس آخرين يتصدرون المجتمع على أنهم أبطاله بدون أي فائدة تذكر منهم.
بهذه الطريقة يمكننا توجيه رغبات الأشخاص في الاتجاه الصحيح الذي سيخدم المجتمع.