كتاب نقطة التحول

Book-Cover

كتاب نقطة التحول (المؤلف: مالكوم جلادويل)

"شادي" كان مسافرًا منذ شهرين واليوم عاد لمنزله منهكًا من التعب، وعندما استيقظ وجد الماء مقطوعًا، لذلك ذهب لبئر القرية وشرب منها، وللأسف كان مصابًا بمرض مُعدٍ، وبذلك نقل المرض لأهل القرية كلهم.

"شادي" كان السبب في نقطة التحول.

نقطة التحول

نقطة التحول هي النقطة التي ينفجر فيها الوباء، ويتحول من مجرد مرض فرد أو مجموعة أفراد إلى وباء مُتفشٍ.

السلوك الجماعي

لو حللنا السلوك الجماعي للأفراد سنجد ظواهر كثيرة مشابهة لما يمكننا أن نسميه الوباء الاجتماعي، ولا أقصد هنا وباء بالمعنى السلبي، ولكن الإقبال غير العادي على الموضة، كتب معينة، أفلام معينة، سناب شات، إنستجرام

منتج أو فكرة أو رسالة أو سلوك، ينتشر بصورة وبائية، والناس جميعهم يقررون امتلاك أو الاشتراك أو تبني نقطة التحول. 

كيف تتشكل نقطة التحول؟ وكيف يمكننا إعادة استخدامها واستنساخها؟

لكي تصل إلى نقطة التحول يجب أن تحقق ٣ قواعد وسنطلق عليها: قوانين العدوى.

القانون الأول عن الشخص الذي سينقل العدوى أو الفكرة.

قانون الأقلية

القلة: عدد قليل من الناس التي ستنشر المرض.

لا تحاول أن تنقل الفكرة لكل الناس بصورة مباشرة، هناك عدد قليل من الناس المؤثرين ركّز عليهم وهم سيقومون بذلك بشكل أفضل. 

٣ أنواع:

  • الموصّلون

الأشخاص الذين يملكون معارف كثيرة، لديهم القدرة على تكوين صلات اجتماعية، فمثلًا المشهور الذي لديه معارف كثيرة سيتمكن من توصيل الفكرة إلى دائرة أكبر. 

  • أصحاب الخبرة

 الذي لديه القدرة على جمع المعلومات، الخبير الذي يمتلك المعلومات يقوم بجمعها ويوصلها إلى البائعين.

  • من لديه القدرة على الإقناع

المسوّق أو مندوب المبيعات الذي يستطيع إقناع الناس بالفكرة.

الأفكار ينقلها مجموعة صغيرة مؤثرة من الناس، لذلك عليك ألا تشتت مجهودك في الدعاية لمنتجك أو الترويج لفكرتك لكل الناس، بل ركّز على الفئة الصغيرة تلك.

٢٠ في المئة من الناس سينقلون الفكرة ويكونون مؤثرين بنسبة ٨٠ في المئة، أما الـ٨٠ في المئة الباقية من الناس فتأثيرهم ضعيف لا يمثل إلا ٢٠ في المئة فقط.

مبدأ باريتو ٢٠-٨٠


القاعدة تنص على أن ٨٠ في المئة من النتائج سببها ٢٠ في المئة من الأسباب. 

٨٠ في المئة من الاقتصاد في بلدك متحكم فيه ٢٠ في المئة من رجال الأعمال، وبقية الـ٨٠ في المئة من رجال الأعمال يتنافسون على الـ٢٠ في المئة فقط.

٢٠ في المئة من الثياب في خزانتك تشكل ٨٠ في المئة من الثياب التي ترتديها بصورة مستمرة، وباقي الملابس تمثل ٨٠ في المئة، نادرًا ما ترتديها.

٨٠ في المئة من دخل المطعم يأتي من ٢٠ في المئة من الطعام الموجود في لائحة الطعام.

مثال

"حسن" و "حسام" سيسافران إلى ألمانيا بعد ثلاث شهور، فسيقرر كل منهما تعلم اللغة الألمانية. "حسن" سيتعلم بالطريقة العادية، أما "حسام" فسيبدأ بتعلم الكلمات التي تُستخدم بكثرة في الحياة اليومية، سيبحث عن العشرين في المئة من المفردات، والتي تستخدم وتتكرر بصورة كبيرة وتأثيرها يمثل ٨٠ في المئة من الأحاديث اليومية.

بعد انتهاء الثلاثة أشهر، كلاهما حفظ ١٠ آلاف كلمة، ولكن "حسام" يظهر بأن مستواه أفضل بكثير من "حسن" بالرغم من أن كلاهما حفظا العدد نفسه من الكلمات وبذلا المجهود نفسه، ولكن أحدهما ركّز على الكلمات التي فرص استخدامها أكثر وتعلّم بذكاء.

اعمل بذكاء

لو أن لديك عملًا لتنفيذه، قم بتقسيمه لعدة نقاط واقرأ النقاط ستجد بأن ٢٠ في المئة من النقاط ستحقق لك الـ٨٠ في المئة من الأهداف. 

ابحث عن القليل الذي له تأثير كبير ولا تشتت نفسك، لا تعمل بجد بل اعمل بذكاء. 

حدد تلك الأعمال وضع كل تركيزك وجهدك فيها، وعندما تنتهي منهم ابدأ بالـ ٨٠ بالمئة المتبقية.

وفّر الهدر الذي قد يحدث في المجهود، ولا تضع مجهودًا كبيرًا على أهداف صغيرة.

استغل جهدك الاستغلال الأمثل.

الكثير من الناس منشغلون بدون أي إنتاج حقيقي، كل ما يقومون به هو التركيز على الـ٨٠ في المئة التي لا توصلهم إلى أهداف كبيرة، ويهدرون وقتهم على أمور تأثيرها ضعيف، لكنهم لن يشعروا بالتأثير أو بالناتج إلّا إن ركّزوا على الـ٢٠ في المئة المؤثرة.

قانون الالتصاق


عن الفكرة ذاتها:

عامل التعديل والثبات

فكرتك نفسها كيف تقوم بعرضها، وما الذي يجعل الناس تؤمن بفكرتك أو أن يشتروا منتجك أنت تحديدًا، هذا هو أهم جزء.

تخيل مدينة كل القطط الموجودة فيها سوداء، الناس يشاهدون لونًا واحدًا من القطط طوال الوقت، وأنت تعيش في هذه المدينة، واليوم بالصدفة وجدت قطة حمراء!

ما الذي سيحدث! هل ستلفت نظرك، وستحكي لأصحابك عن القطة الغريبة المميزة التي وجدتها؟ ربما ستصورها وستضعها على الفيس بوك؟

ابحث في منتجك عن الشيء المميز، لأن الأشياء المميزة هي التي تلتصق في الذاكرة وتدفع الناس لأن يتحدثوا عنها.

لنراقب متنافسين:

  • أحدهما يصرف ملايين على الإعلانات والناس تراها كل يوم في الشارع وتتجاهلها. 

  • والمنافس الآخر كان الناس هم من يشاركون إعلانه بأنفسهم، ويرشّحون منتجه لأصدقائهم، ويتكلمون عنه بكل تلقائية وإعجاب وحب من دون أن يدفع لهم فلسًا واحدًا.

لكي تجد عامل الالتصاق تحتاج لأن تجرّب وتعدّل أشياء بسيطة إلى أن تصل إلى النتيجة النهائية، ابحث عن الأشياء التي ستجعل منتجك ملتصقًا مثل المغناطيس.

يمكن أن يكون منتجك جيدًا، ولكن مع بعض التعديلات سيصبح أقوى أضعاف المرات.

 في تجربة على برامج الأطفال مجرد تغيير الطريقة التي تُعرض فيها الكلمات في البرنامج رفع عدد المشاهدات بنسبة كبيرة.

ست درجات من التباعد


"منى" تعيش في بغداد في العراق و"حاتم" يعيش في الرباط في المغرب. "منى" و"حاتم" لا يعرف أحدهما الآخر ولا يوجد بينهما أي ميول مشتركة، ولكن ما ستقوله "منى" للفتاة التي ستجلس بجانبها في طريقها للعمل سيصل لحاتم بعد بضع ساعات!

 الترابط البشري أصبح قويًّا جدًّا بسبب وسائل الاتصال العديدة، ويمكننا ربط أي شخصين على الأرض مع بعضهما ببعض من خلال خمسة وسطاء فقط على الأكثر.

المسافات الاجتماعية بين الناس أقل مما نتخيل. بيني وبينك خمسة أشخاص فقط أو أقل.. تخيل!!

على الأرض لو اخترنا أي شخصين من مكانين مختلفين بصورة عشوائية تمامًا سنتمكن من الربط بينهما بسلسلة من أشخاص عددهم لن يزيد على ٥ فقط. 

بالمناسبة هل تعلم أن ميسي هو صاحب صاحب صاحب صاحب صاحب صاحبي؟

قانون البيئة


السياق

الظروف المحيطة بالفكرة

المحيط والزمان كما أنهما يؤثران في الأمراض فهما يؤثران في الأفكار. 

الفكرة يمكن أن تكون ضعيفة أو قوية بحسب السياق، فقد تكون فكرة رائعة ولكن السياق والوقت يجعلانها ضعيفة ويظهرانها بمظهر سيئ جدًّا. فقد تنتج أقوى مبرد، ولكنه لن ينجح في سيبيريا.

وفي الوقت نفسه يمكن بعود كبريت واحد أن تشعل غابة بأكملها لو اخترت المكان الصحيح، بحيث يكون جافًا وحارًا والرياح مساعدة، واخترت التوقيت الصحيح في الصيف في النهار والحرارة مرتفعة.

النافذة المكسورة


أنا محافظ لمدينة ولكنني لا أستطيع إدارتها بشكل جيد؛ لأن المدينة كانت مليئة بأعمال البلطجة والعنف، ولقد حاولت أن أصلح المشكلات بالقوة، ولكن الشرطة لا تمتلك الموارد كي توجد في كل شارع وفي كل حي طوال الوقت، سأستشيرك وأطلب منك المساعدة وسيكون ردك بأن أطلب من محقق مختص أن يجد حلًّا للمشكلة وسترشح لي محققًا اسمه "فتحي".

 "فتحي" بعد شهور من التحقيق، وتلقيه مبالغ كبيرة من المال سيقول إن الحل هو أن أرصف الطرق المحفورة، وأن أطلي الأعمدة القديمة وأصلح النوافذ المكسورة الموجودة في الطريق العام!

ولكن ما هذا الكلام الغريب؟

تصليح النوافذ المكسورة حوَّل مدينة مثل نيويورك لمدينة آمنة في الثمانينيات بعد أن كانت معروفة بالإجرام والعنف.

تلك كانت نظرية في الإدارة المدنية تبيّن أهمية الأشياء الصغيرة المتراكمة وتأثيرها. 

لو أن شخصًا كسر نافذة زجاجية في الطريق العام ولم يقم أحد بإصلاحها، سيستنتج المارون بقربها بأن لا أحد مهتم، وستجد النوافذ الأخرى مكسورة بعد مرور بعض الوقت، والتكسير سينتقل لنوافذ السيارات ومن ثم سيتجرأ البعض على اقتحام البيوت والسرقة، وهكذا إلى أن تعم الفوضى المجتمع كله.

 لا تستخف بأي مشكلة مهما كانت صغيرة، بل يجب حلّها مباشرة قبل أن تتطور وتتحول لمشكلات أكبر.

لو أن الوضع متدهورًا وعصابات سرقة السيارات انتشرت في كل مكان، ستجد من الطبيعي بأن تركّز الشرطة كل جهدها في القبض على اللصوص، ولن يتبقى لديها موارد ولا طاقة كي تهتم بتحرير مخالفات المرور أو مخالفات على حزام الأمان، ولكن التركيز على المخالفات البسيطة سيساهم بصورة كبيرة في خلق رادع نفسي عند المخربين، فلو عرفت عصابة بأن عصابة أخرى قد قُبِض عليها فستحرص أكثر على ألا تقع في أخطاء تلك العصابة نفسها، أما لو أن الموقف نفسه حدث، وإضافة لذلك كانت الشوراع نظيفة طوال الوقت والطرقات معبدة والأعمدة مدهونة وإشارات المرور تضبط الطرق بشكل كامل والمخالفات تقع على كل من لا يرتدي حزام الأمان، فكل شيء مهما كان صغيرًا كان ينفذ بشكل صحيح عندها تلك العصابة سترتدع، فمراقبة المخالفات الصغيرة سيساعد على تقليص المخالفات الكبيرة.

مثال آخر

"عاطف" يحب القراءة ويشتكي من ندرة الكتب العربية الجيدة، ولكنه لم يقم أبدًا بشراء كتاب واحد، هو يمكن أن يجلس في المقهى يوميًّا ويدفع ما يعادل متوسط ثمن كتابين، مشكلته ليست في ثمن الكتاب أصلًا، بل لأنه غير مقتنع بشراء الكتب، ويقول لنفسه: ما الذي سيدفعني لإنفاق المال مقابل كتاب يمكنني أن أحصل عليه من الإنترنت مجانًا!! 

ما لا يعرفه "عاطف" هو أنه من يتحكم في الثقافة في بلده وهو السبب في المشكلة التي يشتكي منها.

تنزيل الكتاب من الإنترنت سيجعل الكاتب العربي يتوقف عن العمل لأن الكتابة لا تحقق له عائدًا يستطيع أن يعيش منه، وسيبحث عن عمل آخر يكسب منه المال.

حتى الكتب المترجمة لن تكون مغرية لدور النشر التي ترى أنه عناء وتكلفة الترجمة والطباعة والتصريح أمر لا يستحق. 

مثال

"عوض" عائد إلى بيته بعد يوم متعب وفي منتصف الطريق سيخرج منديلًا ويمسح به وجهه ويرميه في الشارع، هو يرى بأن ذلك المنديل لن يؤثر على الشارع لأنه مجرد منديل واحد، ولكن تصرفه البسيط هذا سيشجع الناس بأن يفعلوا مثله لا بل وسيتمادون أكثر، والتصرف البسيط في نظره سيساهم في التأثير سلبًا على الذوق العام كله!

الإنسان لديه القدرة على الالتزام بالنظام عندما تتوفر البيئة المناسبة والمشجعة لذلك، وبمجرد أن يظهر الانفلات وعدم الالتزام سينهي التزامه ويتطبع بطبع المجتمع.

الأمر أشبه بكرة الثلج!

 تبدأ بكرة صغيرة الحجم لو قمنا برميها من أعلى جبل حجمها سيكبر في أثناء نزولها وستلتقط ثلجًا أكثر، وعندما تصطدم أسفل الجبل ستكون قد أصبحت قوتها أضعافًا مضاعفة عن قوتها في البداية.

  • حدث واحد بسيط سيولّد سلسلة كبيرة لها حجم أكبر وقوة تدميرية أقوى.

  • الأشياء الصغيرة مهمة وتغييرها سيؤدي لأحداث كبيرة وستصبح نقطة التحول.