كتاب المغالطات المنطقية
كتاب المغالطات المنطقية (المؤلف: عادل مصطفى)
لو أردتُ أن أُقنعَك بفكرة معينة سأقوم بالآتي: سأحضر دليلًا يتكون من مجموعة من المقدمات والمعطيات، ومن خلاله سأستنتج النتيجة التي أريدها.
مثلًا أريد أن أُقنعك بأنني مقيم فى مصر فسأقول لك:
"محمد" مقيم في المنصورة، والمنصورة مدينة في مصر؛ إذًا "محمد" مقيم في مصر! ذلك كان مثالًا صحيحًا.
مثال آخر
الأطباء يعملون في المستشفى، و"خالد" يعمل في المستشفى إذًا "خالد" طبيب، ولكن "خالد" ليس طبيبًا، فهذه إذًا مغالطة منطقية؛ لأنه ليس فقط الأطباء هم من يعملون في المستشفى!
ما المغالطات المنطقية؟
المغالطة المنطقية هي خطأ في الاستنتاج، وغالبًا ما يكون بسبب خطأ في الدليل أو بسبب عدم صحة الترابط بين الدليل والنتيجة.
لو أمعنتَ النظر من حولك، ستجد المغالطات المنطقية في كل مكان، حتى داخل دماغك. جزء من قناعاتك الشخصية مبنيٌ بالأساس على هذه المغالطات المنطقية. الكثير من الناس يقومون بذلك بدون أن يدركوا ذلك.
هناك أكثر من نوع من المغالطات المنطقية وهي كالآتي:
الاحتكام إلى السلطة
يميل البعض إلى تصديق أي كلام صادر من الجهات العليا أو من الأشخاص الذين يملكون السلطة، في حين أن هؤلاء الحكام قد يكونون منحازين لفكرة ما أو غير متخصصين في المجال الذي يتحدثون فيه. تقع المشكلة عندما نسلم بكلامهم الذي يحمل المغالطات مع عدم الرجوع إلى أصل الموضوع أو استشارة أهل الثقة.
مثال يوضح الانحياز
أجمع الخبراء في شركة تويوتا بأن سيارة "التويوتا" هي أفضل سيارة من ناحية الأمان.
مثال آخر يوضح عدم الأهلية
أنا مقتنع بأن هذا الدواء يعالج الأرق، وذلك لأن معلمي في المدرسة نصحني بأن هذا هو أفضل دواء مناسب لي.
الاحتكام إلى الشعبية
أي إنه طالما أن الجميع يقوم بهذا الأمر، فهذا يعني بأنه صحيح! وهو ما تستغله الشركات لتسويق منتجاتها من الكتب والأفلام والمنتجات الشخصية وغيرها.
- مثلًا؛ معجون الأسنان هذا هو الأكثر مبيعًا حول العالم فذلك معناه بأنه أفضل نوع.
- بعد أن ألقيتُ نظرة على الفيسبوك ووجدت بأن الجميع يصدّق ذلك ويدعم هذا الرأي، اقتنعتُ أنا أيضًا به.
الاحتكام إلى الجديد
طالما أن الدول المتقدمة تتبع هذا المنهج فهذا يعني بأنه صحيح ويصلح لكل المجتمعات.
بما أن الأمريكيين يعتقدون بأن رقم ١٣ هو رقم نحس، سأتبنى أنا أيضًا هذه القناعة والتشاؤم منه.
الاحتكام إلى القديم
ما دام أن هذه العادة متوارثة من أجدادنا فلا بدَّ من اتباعها لما فيها من نفع!
مثلًا تعتقد بعض المجتمعات منذ الأزل أن وضع علامة اليد الزرقاء يمنع الشياطين، ولا شك أن اعتقادهم هذا كان صحيحًا ويجب أن نطبقه نحن الآن.
الاحتكام إلى المنشأ
يميل البعض للحكم على صحة الأفكار اعتمادًا على المصدر الذي تنشأ عنه.
أنت تدرس علمًا من العلوم جاء من الغرب قد تميل إلى عدم تصديقه أو أخذه على محمل الجد باعتبار أن أصحاب هذا الفكر كفار.
الاحتكام إلى الجهل
- بمعنى أنه إذا لم يكن لديك دليل على بطلان قضية ما فهي صحيحة.
- وإذا لم يكن لديك دليل على أنها صحيحة فهي إذًا باطلة.
طالما أنه ليس لديك دليل على عدم وجود كائنات فضائية فذلك معناه بأنه يوجد كائنات فضائية! وذلك لأنك لم تستطع إثبات عدم وجودها!!
الشخصنة
أسلوب آخر من أساليب المغالطة المنطقية، وهي أن تطعن في صاحب الحجة بدلًا من الحجة نفسها.
"إيمان" تقول إن الأبراج الفلكية هي مجرد خرافة؛ فأردُّ عليها أنا قائلًا: "إيمان" التي عمرها ١٧ عامًا ترى بأن الأبراج الفلكية التي عمرها آلاف السنين هي مجرد خرافة.
بذلك أظهرت بأنها مجرد شخص صغير في السن لا يجب أن يؤخذ برأيه!
الحالات الفردية
الاستشهاد بالتجارب الشخصية لإثبات حجة أو نفيها على الرغم من أنها لا تنطبق على كل الناس.
"أيمن" يعلم بأن السجائر تسبب السرطان، ولكنه يصر على شربها باعتبار أن "أحمد" ابن عمه ما زال يدخن منذ ٣٠ سنة ولم يصب بسوء!! من هنا يستنتج بأن السجائر لا علاقة لها بالسرطان، وهذه مغالطة لأن التجارب الفردية لا تصلح للتعميم.
التعميم
وهو أن ترى بأن إثبات صحة جزء كافٍ لإثبات الكل.
"كريم" شخص ذكي وقد حصل على تقدير 99%؛ إذن فكل من يحصلون على 99% بالقدر نفسه من الذكاء الذي يتمتع به "كريم".
اليوم هو أول يوم لي في دروس مادة الكيمياء، سأخرج من الدرس وأقول لأصدقائي: بالرغم من أنها أول حصة، ولكنني أستطيع أن أؤكد لكم بأنها مادة مملة جدًّا.
التركيب
أي أن أطبق خصائص الجزء على الكل.
مثلًا؛ هذا الرجل إرهابي، إذًا أستنتج بأن كل عائلته إرهابية أيضًا.
التقسيم
هنا أطبق خصائص الكل على الجزء.
فريق كرة قدم فاز بلقب أفضل فريق لهذا العام، بذلك أستنتج بأن حارس المرمى في هذا الفريق هو أفضل حارس مرمى لهذا العام.
الإحراج الزائف
يوجد فقط أبيض أو أسود!!
يطلب منك أحدهم أن ترشح فلانًا للانتخابات؛ فإن رشحت غيره أصبحت خائنًا للوطن. رغم أنه لا علاقة بين خيانة الوطن واختيار هذا المرشح تحديدًا، لكن السائل يحاول أن يوقعك ليدعي أنك تود المخالفة والاعتراض.
مثال آخر
يطلب منك شخص ما بالتبرع بـ ٥٠ جنيهًا لصالح جمعية لحماية البيئة، فإن لم تتبرع سيعتبرك تشجع على تدمير البيئة!
خطآن يصنعان الحق
محاولة رد الإساءة أو الخطأ بخطأ مماثلة، هي أيضًا مغالطة منطقية لا تحل الوضع؛ بل تسكنه مؤقتًا.
"حاتم" يعيش في شقة مشتركة مع أصدقائه، اليوم "حاتم" فتح الثلاجة ليجد بأن أحدهم قد سرق طعامه، لذلك يقوم بسرقة طعام شخص آخر.
مثال آخر
"علاء" يرى بأنه لا مشكلة في الفساد الذي تعاني منه الدولة التي يعيش فيها، لأن الفساد موجود في كل مكان، فحتى الدول المتقدمة فيها حالات فساد.
الصياغة الشخصية
وذلك بأن يضيف الشخص من استنتاجاته الشخصية إلى الحجة التي يدعيها صاحبها؛ فيحرف الكلام ويغير معناه.
عندما تتحدث إلى أحدهم فتخبره بضرورة تزويد ميزانية التعليم؛ فيترجم هو الآخر كلامك على أنك تكره الوطن وتريد أن تخفض من ميزانية السلاح والجيش الذي يحمي الوطن. وبالطبع لم تقصد أنت ذلك.
تسميم البئر
التلغيم بسؤال يجعل الطرف الآخر يظهر بصورة المذنب، عن طريق طرحك لسؤال فيه اختراق مسبق أي إنه أيًّا تكن إجابته فسيظهر وكأنه مذنب.
"خالد" يجلس مع أصدقائه في المقهى، سيسأله واحد منهم:
هل ما زلت تضرب زوجتك؟!
فمهما كانت إجابته سيبدو وكأنه مدان.
ممكن التلغيم أيضًا بلفظ أو كلمة، بحيث يكون لها أكثر من معنى! أو أن تشوه فكر شخص تجاه أمر ما، بأن تضع معلومات سلبية عنه قبل أن تتكلم عنه.
أقول لك "خالد" المغرور المتعالي، الذي يظن بأنه وحده القادر على فهم الأمور وباقي الناس لا، ويدّعي معرفة كل شيء، سيتحدث الآن، دعونا نستمع ما الذي سيقوله!!
مثال آخر
سأقول لك: أنا لا أحتاج أن أقول لشخص ذكي مثلك بأن يرشح المرشح الفلاني، لأنني أثق بك!
رجل القش
وذلك عندما تغيّر صياغة حجة الشخص الآخر وتحرفها!
"محمود" يرى بأن الدولة يجب أن تزود ميزانية التعليم لكي تتقدم، "هاني" سيرد عليه، كيف يمكنك أن تكره وطنك بهذا الشكل، تريد أن تترك الدولة بدون سلاح وتقلل من ميزانية الجيش!!
المنطق الدائري
وذلك بأن يكرر الشخص الحجة في الدليل والنتيجة أكثر من إثباتها، فيكون الدليل والنتيجة مرتبطين ببعضهما.
- "هاني" يسأل الطبيب لماذا أشعر بالنعاس عندما أتناول دواء التحسس؛ فيرد الطبيب: لأن الدواء يسبب النعاس!
لاحظ بأن الدليل والنتيجة لهما المعنى نفسه!
- تقرأ في الأخبار بأن أفضل شعب هو الشعب الفلاني، ولكن من الذي قرر ذلك؟
الشعب نفسه.
ليس إسكتلنديًّا حقيقيًّا
وهو عندما يدّعي شخص ادعاءً، وأنت مهما حاولت إثبات ضده، سيجادلك ويحرف كي لا يتطابق دليلك على القضية.
"هيثم" يرى بأن كل الإسكتلنديين أمناء جدًّا، أنت ستجيبه: ولكنني أعرف شخصًا إسكتلنديًّا لصًا، وقد خرج من السجن منذ فترة قصيرة، سيرد عليك: لو أن كلامك صحيح، فبكل تأكيد هذا الشخص ليس إسكتلنديًّا حقيقيًّا!
انحياز التأييد
بأن تختار المعلومات التي تثبت صحة كلامك وتتجاهل ما دون ذلك. أو تأتي بمواضيع جانبية تشتت الموضوع الأصلي الذي تتحدث عنه.
شخص أطلق سهمًا باتجاه الحائط، وبعد أن انغرز السهم في الحائط، قام برسم دائرة حول السهم وادّعى بأنه أفضل قناص في العالم!!
مثال آخر
عرافة تظهر بداية كل عام على التلفاز وتقول ٣٠ توقعًا للعام الجديد، وعندما يتحقق واحدًا منها بمحض الصدفة، ستقول بأن ذلك دليل على قدرتها على قراءة المستقبل.
الرنجة الحمراء
عرض مواضيع جانبية كي تشتت الانتباه عن الموضوع الأصلي. المجرمون في الماضي كانوا يستخدمون الرنجة كي يشتتوا انتباه الشرطة!
مثلًا؛ "مي" اليوم لم تطبخ طعامًا على الغداء، وعندما يسألها زوجها عن السبب ترد عليه:
أنت دائمًا لا يعجبك أي شيء أفعله، الأسبوع الماضي أمضيته كله في تنظيف الشقة وترتيب المنزل!
التضارب
وهو أن تبدأ بكلام ثم تقول شيئًا يتعارض مع قولك الأول.
كأن تكون موظفًا للمبيعات، ومع ذلك تنصح الزبائن بألا يثقوا بموظفي المبيعات الآخرين لأنهم غير أمناء.
المقامر
أن تظن أن إعادة محاولتك للقيام بالأمر نفسه بالطريقة السابقة نفسها ستحل الوضع أو تحسنه.
كاعتقادي بأنني لو رميت عملة معدنية وكانت النتيجة خمس مرات متتالية على وضع الصورة، ستكون احتمالية وقوعها في المرة السادسة أكبر على وضع الكتابة. بالرغم من أن الرميات منفصلة ولا علاقة بينها!
السبب الزائف
وهو عند حدوث أمرين بشكل متتابع فنستنتج من ذلك أن أحدهما هو السبب في حدوث الآخر.
ارتدت "سارة" اليوم فستانًا جديدًا وخرجت به لمقابلة صديقتها "داليا". وبعد عودتها إلى المنزل، تمزق طرف الفستان فاستنتجت "سارة" أن صديقتها هي السبب في هذا التمزق وأنها تغار منها.
مثال آخر
الديك يصيح عند الشروق، إذًا الديك هو السبب في شروق الشمس!
مغالطة المغالطة
قد يكون الكلام مترابطًا والنتيجة المترتبة منطقية وصحيحة، لكن الشخص الذي يعرض القضية نفسها أساء تقديمها ولم يعطِ الأدلة الكافية.