كتاب خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة

Book-Cover

كتاب خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة (المؤلف: علي الوردي)

لو كنت في المكتبة، ووجدت كتابًا اسمه خوارق اللاشعور، غالبًا ستتجاهله، لأنك بالطبع صادفت كتبًا كثيرة تحمل أسماء مشابهة، محتواها مكتوب بصورة سطحية وغيبية ومليئة بالتفاهات، وهذا بالضبط ما حصل معي من سنوات مضت، عندما رأيت الكتاب لا أعلم صراحة السبب الحقيقي الذي دفعني لأن أفتح صفحة عشوائية، ولكنني سحرت بها جدًّا ودفعني ذلك لقراءته.

 علي الوردي في الكتاب ينظر للنفس البشرية من منظور اجتماعي بأسلوب سلس جدًّا وبسيط.

الإطار الفكري

أنا، أنت، أو أي شخص مهما كان حياديًّا، هو متحيز في تفكيره في إطار فكري، لا شعوري، يجعلك تنظر للأمور من منظور معين، وهذا الإطار يقيد تفكيرك ويكون ناتجًا من علاقاتك من كل شيء حولك. المهم أن تدرك وجود هذا الإطار.

مثال

"شادية" و"داليا" و"هند" و"إيمان" كلهن يعشن في منطقة معزولة، لم يشاهدن فيلًا أبدًا، سنطلب منهن في غرفة مظلمة أن تجلس كل واحدة منهن على كرسي بجانب أربع مناطق مختلفة من جسم الفيل وسنستمع لوصف الفيل من كل واحدة: 

  • "شادية" أمسكت بالذيل فستصفه بالحبل.
  • "داليا" أمسكت الجسم فستصفه بالحائط.
  • "هند" أمسكت بالأذن فستصفه بالمروحة اليدوية.
  • "إيمان" أمسكت بالقدم فستصفه بجذع الشجرة.

 هل يوجد واحدة بينهن مخطئة؟

بالطبع لا جميعهن بنين حكمهن من بيئتهن ومداركهن الخاصة.

 كل واحدة منهن ستكون مقتنعة برأيها وسترى الثلاث الأخريات على خطأ.

 النزاع البشري هو مشكلة مناظير ومعايير وليس مشكلة حق وباطل، كلنا متحيزون في تفكيرنا والإنسان الذكي هو الذي يستطيع أن يتحرر من تفكيره.

قيود الإطار الفكري

  • قيود اجتماعية: لو نشأ صراع بين دولتين، شعب كل دولة سيرى بأن الحق لصفه، وأن الطرف الآخر هو مخطئ ومتعصب ويرفض الحق.
  • قيود نفسية: رغباتك المكبوتة يمكن أن تدفعك للتحيّز لقرارات معينة.

فلو أن شخصًا ما أهانك وأنت طفل صغير وآذاك كثيرًا، ولأنك طفل صغير لم تستطع الرد أو الدفاع عن نفسك، يمكن لرغبة الانتقام أن تتخزن في عقلك الباطن، عقلك الواعي سينساها، ولكنك ستظل متأثرًا شعوريًّا بها، ولو رأيت شخصًا يشبهه بالشكل بعد أن كبرت وبعد مرور فترة طويلة ستشعر بكرهٍ اتجاهه، ولو سألتك عن سبب كرهك له بهذه الطريقة وبدون سابق معرفة، ستجيبني هكذا بدون سبب أكرهه، نقطة انتهى!

  • قيود حضارية: القيم والمفاهيم تختلف بين الحضارات، فمفهوم الشرف مثلًا يختلف بين الشخص الذي يعيش في كوخ فى غابات إفريقيا والشخص الذي يعيش في ناطحة سحاب في أمريكا.

"منال" وزوجها وابنها يشاهدون فيلمًا معًا. زوجها وبسبب حبه للسيارات سيركز اهتمامه في الفيلم على السيارات، ماذا كان نوع سيارة البطل وما إلى هنالك، أما "منال" فكانت تحب الأزياء والموضة وستركز اهتمامها على الفساتين، ماذا كان لون فستان البطلة، وهل كان مناسبًا مع الحذاء الذي ارتدته، أما ابنها الصغير فكان قد تعلم القراءة والكتابة حديثًا، وسيركز في الفيلم على اللوحات المكتوبة والنصوص سيقرأها كلها وهذا ما سيسيطر على اهتمامه! على الرغم من أنهم شاهدوا الفيلم نفسه، ولكن كل منهم شاهده من خلال منظوره الشخصي.

الحقيقة فيها جانب مطلق، وجانب نسبي، والسبب في وجوده هو وجود الإطار الذي يجعل الناس ترى الحقيقة الواحدة من نواحٍ مختلفة.

 السلوك البشري مبني على أساس اللاشعور، من العقد النفسية والقيم الاجتماعية، ولذلك الموعظة والتعليم على طريقة كن ولا تكن، ليست كافية لكي تصلح الشخص.

 حاول ألا تبالغ في كرهك للناس الذين يقومون بعادات مضرة، أو في الفرق الأخرى المختلفة عنك، لأنك على أغلب الأحوال لو عشت في ظروفهم نفسها ستكون مثلهم تمامًا.

المنطق الأرسطوطاليسي

كل شيء يتغيّر، رأيك، شخصيتك، حتى اسمك!

لا تنظر لأي شيء بجمود أو تعصب، لأنك قد تسخر جدًّا من فكرة معينة اليوم، وغدًا تقتنع بها ويمكن أن تحارب في سبيلها.

الحركات الاجتماعية

كل حركة اجتماعية جديدة في البداية تعتبر زندقة وخروجًا عن الجماعة، ولكنها لو نجحت ستصبح حقًّا وأصحابها أبطالًا. ليست كل الأشياء تتلون بالأبيض أو الأسود فقط، والبيئة التي يكثر فيها الجدال المنطقي والمناظرات، تجعل المشاهد في حيرة من أمره، ولكنه سيتأثر في نهاية المطاف بالطرف الأكثر إفحامًا للآخر. فيركز على الغلبة في الجدال وليس على الحقيقة.

لو أن هناك مناظرة بين مهرج وطبيب أسنان عن تأثير الحلوى على أسنان الأطفال، أمام أطفال في المدرسة التمهيدية، من الممكن للمهرج أن يتغلب على الطبيب من وجهة نظر معظم الأطفال.

العالم لا يتكون من طرفين فقط، حق وباطل وخير وشر، بل يمكن لشيء واحد أن يحمل الصفة ونقيضها، في الوقت نفسه.

 لا يوجد حاكم عادل بشكل مطلق ولا حاكم ظالم بشكل مطلق. الحاكم عندما نطلق عليه صفة العدل ذلك لأن نسبة عدله تكون أكثر من ظلمه.

 أي عصر تاريخي هو زاهٍ لمن يتنعم به وسيئ لمن يبتئس به. كل ما عليك فعله هو أن توازن بين المتنعمين والمبتئسين لكي تحكم لأي كفة سوف يرجح الميزان.

الإرادة والنجاح

"أيمن" يتدرب في السيرك على المشي على الحبل، كل تدريبه يكون على الحبل على ارتفاع منخفض.

اليوم هو أول يوم يكون على ارتفاع عالٍ. إن تخيل السقوط فسيسقط فعلًا!

الجهد المعكوس

 بسبب نظرية "الجهد المعكوس": عندما تسيطر فكرة ما على شخص ما بحيث تصل إلى عقله وتتغلغل فيه، فإن كل جهوده الواعية التي سيبذلها في مخالفة تلك الفكرة ستؤدي لعكس النتيجة التي يريدها، لو تعاكست الإرادة والمخيلة، ستزداد المخيلة في إنتاج العمل غير المرغوب بصورة تصاعدية والعكس صحيح.

"إيمان" ابنها مريض ستذهب به لمشعوذ دجال كي يصنع لها حجابًا، ولكن بالرغم من أن الدجال سيكتب في الحجاب كلامًا تافهًا؛ فإن ابنها سيشفى، لأن "إيمان" وابنها مقتنعان بقوة الدجال وقدرته على العلاج.

اللاشعور لا يميز بين الحق والباطل. لو اقتنعت بشيء ما اقتناعًا تامًا، بغض النظر عن صحته، جسمك سيصدقه، لا يهم صحة المعتقد المهم قوته.

العلاج بالوهم

"هاني" سافر وأمضى ليلته في فندق، في الليل وأثناء نومه ستنتابه نوبة ضيق تنفس، سيستيقظ ويشعر بالاختناق، يحتاج إلى تنفس هواء نقي ويبحث عن مفتاح المصباح، ولا يجده ولكنه يجد الشباك سيحاول فتحه ولكنه سيفشل فيكسر الزجاج، وأخيرًا سيشعر بالهواء النقي يصل إلى رئته ويتنفس بهدوء.

"هاني" في صباح اليوم الثاني استيقظ ليجد كل النوافذ سليمة ويتفاجئ بأنه كسر زجاج الساعة!!

اقتناع "هاني" في الليلة الفائتة بأن الزجاج هو زجاج النافذة، وذلك جعله يشعر بأن الهواء نقي، قادم من الشارع، وبذلك عالج الأزمة التي مر بها بالوهم.

 شركات الأدوية جمعت بعض المتطوعين لتجربة دواء جديد، ستقسم المشتركين لمجموعتين، مجموعة تتناول الدواء الحقيقي،و مجموعة أخرى تأخذ دواء دون أي مواد فعالة.

 غالبًا سيظهر جزء من المجموعة التي أخذت الدواء غير الفعال تستجيب وتشفى من المرض!!

 السر هو: الحالة النفسية.

المريض يقنع نفسه بأنه أخذ الدواء الذي يشفيه.

 التحدث عن النعمة

التحدث عن النعمة يثبت وجودها، كل كلمة إيجابية تقولها ستطبع في مخيلتك الفأل الحسن، وتصور النجاح يوصل إلى النجاح.

ولكن للأسف الناس تفعل العكس؛ فلو قلت لسيدة إن ابنها نشيط وذكي، ستضع كفها مقابلًا لوجهك، وتخبرك بأنه على عكس ما تقول مليء بالعيوب.