كتاب ٤٨ قانون للقوة – كيف تمسك بزمام القوة – ج٣

Book-Cover

كتاب ٤٨ قانون للقوة – كيف تمسك بزمام القوة ج٣ (المؤلف: روبرت غرين)

الثبات الانفعالي

يعمل "إبراهيم" رئيس قسم في شركة، اليوم في أثناء حديثه خلال مؤتمر كبير خطر في باله جملة مضحكة فتكلم عن قصة الماء والثلاجة التي قالها مدير آخر ذو نفوذ أكبر منه!

"إبراهيم" شخص عاقل وسياسي، ولكن هناك لحظات نشوة يكون من الصعب جدًّا مقاومتها، لحظات يكون الإشباع اللحظي خلفها كبيرًا، وذلك يعمي عيوننا عن التكلفة التي قد ندفعها. أحس "إبراهيم" بالإشباع في هذه اللحظة، ولكنه للأسف في اليوم التالي وجد نفسه مجبرًا على تقديم استقالته وترك العمل.

أهم مهارة في طريق الوصول للسلطة هي التحكم في انفعالاتك ومقاومة اندفاعاتك المزاجية. ردود أفعالك العاطفية يمكن تشبيهها بالسد الذي سيقف بينك وبين القوة، بالرغم من أنك ستشعر برضا مؤقت بمجرد أن تندفع وتعبّر عن مشاعرك، ولكن ذلك سيكلفك كثيرًا، وستجد نفسك تدفع مقابلًا أغلى بكثير من ثمن ما حصلت عليه.

ابتعد عن دوامات الانفعالات، ستجد أشخاصًا يحاولون دفعك للدوامة، إياك أن تقع في الفخ وحافظ على اتزانك. لا تتورط انفعاليًّا مع أي موقف حتى لو شعرت أنه بداخلك بركان يغلي، لا تدع وجهك يظهر إلّا ما تريده أنت أن يظهر.

لفت الانتباه

لنراقب رسامين يدعيان "محمد" و"محمود".

"محمد" كان فنانًا كبيرًا وموهوبًا، أما "محمود" فقد كان فنانًا متواضعًا ليس لديه الكثير.

لو قارنا بينهما سنجد بأن الكفة سترجح بشكل كبير لصالح "محمد"، ولكن في الحقيقة كان "محمود" هو من يأخذ كل التقدير على أعماله!

لكن لماذا؟ "محمود" كان يعرف كيف يتكلم ويسحر الآذان والعيون. لقد كان ساحرًا ويستخدم سحره في إظهار أي شيء بسيط بأن يضع أمامه عدسة مكبرة على عكس "محمد" الذي لم يكن يجيد هذا السحر، ولا يعرف كيف يلفت الانتباه له وللوحاته.

"محمود" يعلم بأنه لكي يصل يحتاج لجذب الانتباه وهو متقن جدًّا لطريقة العرض ومهتم به بنفس اهتمامه بالمنتج نفسه وربما أكثر.

الأفضل لك في طريقك للسلطة أن تُهاجَم من أن يتجاهلك الناس تمامًا، لو وجدت بأن الأنظار غابت عنك افتعل أي شيء لكي تجذب الأنظار، فضيحة أو أي شيء يساعدك بأن تجذب الانتباه، إيجابيًّا كان أم سلبيًّا لا يهم، كلاهما يجلبان السلطة. 

 لو حققت إنجازًا كبيرًا جدًّا، ولكن لم يعرف أحد عن إنجازك هذا فللأسف لن يُحتسب لك بأنك قمت به، ومن الممكن أن يأتي شخص بإنجاز أصغر، ولكنه سيملأ الدنيا كلامًا ومديحًا بعظمة إنجازه وستجد الناس يفضّلونه عنك ويرونه أفضل منك.

خلاصة القول؛ الناس يهتمون بما يرونه ظاهرًا أمامهم، كل ما هو قابل للرؤية سيحتسب بأنه مهم عند الناس، ولن يكترثوا كثيرًا بما يكون خلفه من أمور مستترة مهما كانت أمور مهمة وكبيرة. 

لا تلوث يديك

كان هناك حمار يمشي في الغابة ووجد قطة تجلس بمفردها؛ فسيعرض عليها أن تركب على ظهره، القطة ستقول لنفسها يا له من حمار شهم! وتركب ويكملان طريقهما. بعد مضي بعض الوقت سيشعر الحمار بالجوع ويقرر بأن يشعل نارًا ويشوي طعامه ليتناوله على الغداء، وعندما ينضج الطعام الحمار لن يستطيع أن إخراج الطعام من النار بحافره لذلك بالطبع سيستخدم طرف القطة!

وطرف القطة سيحترق ولكن ذلك ليس مهمًّا، المهم ألا يصيبه أذى. الحمار كان يعرف بأنه سيحتاج لكبش فداء منذ البداية وعندما وجد القطة رأى بأنها يمكن أن تكون مناسبة لهذا الدور فأخذها معه واستخدمها عندما دعته الحاجة لذلك. 

في طريقك للسلطة سترتكب أخطاء، وممكن أن نقول أفعالًا شنيعة. كل الناس يمكن أن ترتكب الأخطاء بل وترتكب الأخطاء فعلًا، ولكن أفضلهم من يستطيع إيجاد أحد ما لإلقاء اللوم عليه ووضع المسؤولية كلها عليه بدلًا من شخصه. 

"نبيل" هو رجل الأعمال الذي يريد أن ينفذ عملية اغتيال ولكنه ليس غبيًّا ليقوم بذلك بنفسه، ويعرف بأنها مخاطرة كبيرة، لذلك سيبحث عن شخص يقوم بهذه المهمة عوضًا عنه. "نبيل" يدرك بأن السمعة جزء كبير منها يعتمد على قدرتك على إخفاء ما تريده وإظهار ما تريد.

"عمرو" كان رجل دولة ولكنه كان لصًا كبيرًا. كان في يده كل السلطة ولا أحد يراقبه أو يفرض عليه الأوامر؛ ولذلك لم يكن مهتمًّا بتنظيف دفاتره، فعندما كان يسرق كان يتعامل على أن السلطة في يديه لمدى الحياة والمنصب الذي يعتليه سيبقى معه للأبد. 

ولكن لسوء حظه فقد السلطة وبدلًا من خسارته للسلطة فقط خسر كل شيء، ولكن "خالد" رئيس الدولة الأخرى من أول يوم له في السلطة، أحضر معه ماعزًا وربطه عنده في المكتب، فإن كانت كل الأمور مستقرة فالماعز موجود، يأكل ويشرب ويرتاح، ولكن عندما يجد الجد "خالد" سيُخرج السكينة ويذبح الماعز ويحمله مسؤولية المشكلات كلها. 

اعرف مع من تتعامل

في أثناء مسيرك في الغابة يمكن أن تقابل الأرنب وتقابل الأسد وبناء على ما تراه ستستطيع التعامل معه، هذا في الغابة ولكن في الحقيقة يمكن لمن تراه أرنبًا أن يكون ثعبانًا، ويمكن للأسد أن يكون مجرد فأر صغير.

تقييمك للشخص المقابل لك بالاعتماد على الإحساس سيكون خاطئًا غالبًا؛ لأن المؤشرات التي تعتمد عليها في حكمك أو السطح الظاهر لك لا يعبر بالضرورة عن الحقيقة.

الثعبان لكي يستطيع العيش بين الناس واصطياد فرائسه عليه أن يرتدي زيّ الأرنب، فلو تعاملت معه على أنه أرنب يمكن أن يلدغك وينفث في جسدك سمع بدون أن تنتبه.

المظاهر الخارجية أحيانًا تظهر بشكل معاكس للحقيقة. عليك أن تعرف تمامًا مع من تتعامل وإلا ستجد نفسك تقع في كمين بعد الآخر!

لا تبالغ في إظهار تفوقك

كان هناك وعاء شكله جميل ومثالي لأبعد حد، باختصار تحفة فنية! المهم سنضع هذا الوعاء على النار، فسيزداد الضغط داخله. ولأنه محكم الإغلاق ولا يوجد فيه أي فتحات لتنفيس الضغط سينفجر في نهاية المطاف!

ولكي نتفادى ذلك سننزل الوعاء من فوق النار ونجعل فيه ثقوبًا صغيرة لن تؤذي شكله، لكنها ستقلل جماله، وبالوقت نفسه ستحميه من أي ضغط يمكن أن يتسبب في تكسّره.

في طريقك للسلطة يمكن لك أن تتباهى بالإمكانيات التي تميّزك وتتخيل بأنك بهذا التصرف ستثير إعجاب من حولك، ولكنك من دون أن تدري ستجد الحسد قد ملأ قلوب الناس، وسيخرج هذا الحقد بصورة غير مباشرة؛ فتجد حروبًا وأشباحًا تهاجمك في السر والخفاء.

معظم الناس لديهم شعور متضخم بالذات، وعندما يقابلون شخصًا أفضل منهم غالبًا سيشعرون بالتوتر إن لم يكن الانزعاج، لذلك لحظات النجاح والانتصار مهمة جدًّا، رد فعلك اتجاهها يمكن أن يجعل حلفاءك السابقين ينقلبون ضدك من دون أن تشعر! لا تحاول أن تظهر بأنك الشخص الكامل ولا تبالغ في إظهار قوتك بل دع الآخرين يلاحظوا بأنك لديك عيوب وأخطاء.

ابحث عن عيوب لا تؤذيك ولكنها ستكون متنفسًا للضغط مثل الفتحات في سقف الوعاء الذي بدأنا به الحكاية. عيوب تافهة ولكنها ستعزي الشخص الذي يمكن أن يحسدك وترضي غروره قليلًا. والمهم أنها ستبعد عنك أذاه.

أخفِ نواياك

"إسماعيل" معه جزرة ويريد الاحتفاظ بها في مكان آمن فسيذهب لوالده وسيسأله: أبي هل تحب الجزر؟ فسيرد أجل. وسيسأله "إسماعيل" مجددًا هل لديك أسنان قوية: فيرد أبوه: أجل لديَّ.

 عندها سيتركه ويذهب لجده ويسأله: جدّي هل تحب الجزر؟

  • سيرد: لا.

وسيسأله "إسماعيل" وهل لديك أسنان قوية؟

  • سيجيب الجد: لا!

عندها سيشعر الطفل بأن جزرته ستكون بأمان مع جده وسيبقيها معه.

لو أن هناك شيئًا ترغب فيه بشده ولكنك أظهرت عدم الاهتمام بها! فأعداؤك سيرمونها ولن ينتبهوا له وبذلك ستمنعهم من الاستعداد لأنهم لا يعلمون نواياك الحقيقية والتي تخفيها أنت وراء ستائر من الدخان بحيث لن يرى أحد ما تريده أنت.

"إسماعيل" سيكتشف بعد فوات الأوان بأن جدّه يحب الجزر ويمتلك طقم أسنان جديدًا، وقد حصل على ما يريده وأخذ الجزرة وأكلها!

الملخص

  • قبل أن تنفعل أو تفعل أو تقول أي شيء ضع هذا الشيء على كفة ميزان وضع في الكفة الثانية المقابل الذي ستدفعه، واحكم هل هذا الشيء يستحق أم لا!
  • عملك لو كان غير مرئي أو مسموع، فهو تمامًا كأنه غير موجود!
  • لكي لا تقع في الخطأ لا تتسرع في تحديد طبيعة الشخص الذي تتعامل معه، المظاهر لوحدها غير كافية ستجد شخصًا دائم التهديد والوعيد للأشخاص المحيطين به، ولكنه عند المواقف الحقيقية سيكون مجرد شخص جبان وسيحاول الاختباء، وشخص آخر يظهر دائمًا بأنه ضعيف ستجده عندما يجد الجد قويًّا جدًّا وكل ماكان يقوم به ما هو إلا كمين كان يعدّه.
  • أسهل طريقة لكي تكسب أي معركة هي أن يكون عدوك جاهلًا تمامًا بأنه على أرض معركة أساسًا، وبذلك لن يستطيع الدفاع عن نفسه، وسيكتشف الحقيقة بعد فوات الأوان وبعد أن تكون قد كسبت النزال بشكل نهائي.