كتاب كيف أصبح دافورا

Book-Cover

كتاب كيف أصبح دافورًا (المؤلف: محمد معتوق الحسين)

كل شخص متميز له مجموعة من العادات تشكل حياته، لو تخيلنا الحياة على أنها لعبة تجميع الأشكال؛ فالعادات هي الأجزاء الصغيرة التي تربط الأشكال بعضها ببعض وتحدد الشكل النهائي.

سأتحدث اليوم عن خمس من هذه العادات، وبالرغم من أن الكتاب يركز على تطبيق العادات في مجال التفوق الدراسي تحديدًا، ولكن بالطبع يمكننا تعميم تلك العادات وإعادة استخدامها في كل المجالات تقريبًا. 

يحب "سعد" البطيخ- مدمن بطيخ- كل يوم في أثناء عودته للمنزل يشتري بطيخة بعشرة جنيهات، والحياة جميلة وكل شيء يسير على ما يرام إلى أن يأتي يوم ويجد بأن البطيخة أصبح ثمنها ٢٠ جنيهًا، بالتأكيد هذا الأمر مصيبة بالنسبة لـ"سعد" لأن مرتبه بالكاد يكفي لثمن البطيخ بالسعر القديم.

لن يصدق "سعد" الأمر في البداية، ولكن عندما يذهب لبائعي البطيخ ويجد بأن السعر فعلًا ارتفع الضعف سيرد بالغضب والصراخ في وجه الباعة والشكوى لكل الناس الذين يعرفهم، ويجادل ويكتب على الفيسبوك، وبذلك يكون قد وقع في الفخ الذي يقع معظمنا به! 

العادة الأولى: اعرف دورك

صندوق كل شيء

تخيل أن لدينا صندوقًا كبيرًا- صندوق كل شيء- الصندوق فيه كل أمور العالم سواء كانت تهمنا أو لا، فيه مثلًا مستوى رفاهية السكان في روسيا وأيضًا فيه مستواك في اللغة الإنجليزية.

صندوق الاهتمام

بداخل الصندوق يوجد صندوق أصغر منه- صندوق الاهتمام- وفيه الأمور التي تهمنا فقط، مثل ارتفاع الأسعار ودرجة حرارة الجو مثلًا.

صندوق التأثير

داخل الصندوق الثاني يوجد صندوق أصغر منه- صندوق التأثير- وفيه الأمور التي تهمنا ولنا تأثير عليها. أي لديك السلطة كي تؤثر فيها، مثل تحسين وضعك المالي.

معظم الناس يفعلون كما فعل "سعد"، ويتعبون أنفسهم ويضعون جهدًا في التركيز على أشياء ليست في صندوق التأثير. بالطبع ارتفاع الأسعار مثلًا هو شيء سيئ، ولكن لا يمكنك فعل الكثير حياله، بدلًا من أن تضيّع وقتك وجهدك في الشكوى من ارتفاع الأسعار وتزود إحباطك، عليك أن توظف هذا الوقت في إيجاد حل بديل للمشكلة الأساسية، من المهم كذلك أن يكون الحل موجودًا داخل صندوق التأثير خاصتك ولك سلطة عليه.

"سعد" مثلًا بدلًا من أن يركز على المشكلة ويشتكي من ارتفاع الأسعار، الأفضل له أن يبحث عن مهارة جديدة يتعلمها وتساعده في تحسين وضعه المالي أو أن يجد طريقة ما ليزود دخله بحيث يحل مشكلته، ويستطيع شراء البطيخ الذي يريده في نهاية المطاف. 

العادة الثانية: حدد أهدافك

حدد هدفك.. وربما ستقول إن هذا هو أسهل جزء! 

تحديد الأهداف يمكن أن يبدو شيئًا بديهيًّا وسهلًا، وبالرغم من ذلك، الكثير من الناس لا يستطيعون القيام بذلك بطريقة صحيحة.

حتى تحدد هدفك بطريقة صحيحة يجب أن يتوفر فيه ٦ شروط أو ٦ ميمات:

 الشرط الأول: محدد

بدلًا من قولي أريد أن أتمتع بصحة جيدة، سأضع هدفًا لي بأن أقلع عن التدخين أو أن أبدأ بالذهاب للنادي الرياضي.

أول خطوة لتحويل الحلم لهدف هو أن تنقل الفكرة من العام للمزيد من التحديد والوضوح. يجب أن يكون الهدف محددًا وكلما كان أكثر تحديدًا كان هدفك أقرب للتحقيق.

الشرط الثاني: مقيس

وبدلًا من قولك سأذهب للنادي الرياضي فقط، حدد هدفًا أنك ستذهب للنادي الرياضي ٣ مرات أسبوعيًّا، وأن تنقص من وزنك ٤ كيلو جرامات خلال شهر، أو أن تحدد هدفك بدلًا من القراءة بأن تقرأ خمسة كتب، خلال مدة محددة.

لكي تستطيع الالتزام بهدفك يجب أن يكون مع هدفك وسيلة قياس وطريقة تتابع بها مستوى تقدمك وتقييمك إن كنت على الطريق الصحيح أم لا.

الشرط الثالث: ممكن التحقيق

أنا شخص لا يحب المذاكرة وأكبر رقم قياسي حققته في حياتي في المذاكرة هو ٣ صفحات في اليوم، ولكنني اليوم وفي أثناء تحديدي لأهدافي كنت بغاية الحماس، وسجلت بأنني سأذاكر أربع مواد وعند انتهائي سأراجع ثلاث مواد أخرى؛ أي إن إجمالي الصفحات التي سأذاكرها هو ٦٥ صفحة.

 وطبعًا في النهاية لم أذاكر شيئًا، في حقيقة الأمر كنت أريد أن أحدد هدفًا صعبًا لكي أضغط على نفسي وأذاكر أكثر، ولكن ما فعلته هو أنني حددت هدفًا مستحيلًا أوصلني للإحباط في نهاية الأمر.

الهدف يجب أن يكون منطقيًّا.

المبالغة ستضع عليك ضغطًا نفسيًّا في البداية، ومن ثم تنقلب الأمور بصورة عكسية.

عليك أن توافق بين حدودك وقدراتك وبين هدفك. 

الشرط الرابع: مهم

لماذا أعمل على تحقيق هذا الهدف تحديدًا ولا شيء غيره؟ ما السبب الذي يجعله إحدى أولوياتي؟ يجب أن يكون الهدف مهمًّا لك لكي تستطيع المحافظة على طموحك وطاقتك. 

الشرط الخامس: مؤطر بزمن 

بفرض أنني أعمل على هدف يجب أن أحققه خلال شهر، واستطعت أن أحقق ربعه مع نهاية أول أسبوع؛ فإذًا أنا أتبع خطة فعالة والأمور تسير على ما يرام. 

الهدف يجب أن يكون له وقت بداية ووقت نهاية.

لماذا؟

  • أولًا كي لا أشعر بالكسل.
  • ثانيًا كي أستطيع مراقبة مقدار الإنجاز بالتوافق مع الزمن المحدد، وأقدّر وضع سير الخطة.

الشرط السادس: مكتوب

مع مرور الوقت الحماس سيقل وهناك احتمالية كبيرة بأن تتجاهل هدفك، لذلك يجب أن تكتب هدفك وتجعله موجودًا أمامك بصورة واضحة وتذكر نفسك به بشكل مستمر. 

بمنتهى الوضوح التشجيع يؤثر في النتيجة.

العادة الثالثة: شجع نفسك

تخيل مباراة كرة قدم حدثت بين منتخب ضعيف، ومنتخب آخر أقوى منه بكثير.

لو نظرنا للأمور بنظرة واقعية سنستنج أن الفريق الأقوى سيفوز بالطبع، لأنه أقوى بكثير ومدرب بشكل أفضل، ولكن بعد انتهاء المباراة الفريق الضعيف هو من ربح المباراة، وذلك بسبب كلمة واحدة هي التشجيع!

الفريق الضعيف كان يخوض المباراة على أرضه ووسط جمهوره الذي كان يشجعه، هذا التشجيع زوّد حماس اللاعبين، وحماسهم انعكس على أدائهم.

تحلّ بروح الفوز

صوتك الداخلي الموجود في رأسك هو المشجعون خاصتك، وتشجيعه لك سينعكس على أدائك تمامًا كما حصل في مباراة كرة القدم.

حافظ على منظور إيجابي وراقب صوتك الداخلي، وعالجه بين الحين والآخر بأن تحذف منه الأصوات المشككة التي تبالغ وتردد كلامًا سلبيًّا بدون أي منطق. 

تكلم مع نفسك بلغة إيجابية مشجعة تمامًا كما تتحدث مع أصدقائك.

مثلًا:

إن قال لك صديقك بأنه شخص فاشل لأنه خسر شيئًا ما في حياته، سترد عليه بأن ذلك غير صحيح وبأنه يستطيع النهوض والانطلاق من جديد- حتى وإن لم تكن متأكدًا من ذلك- ستحاول رفع معنوياته وتشجيعه ومساندته.

تكلم مع نفسك بهذه الطريقة.

العادة الرابعة: راقب ونظم وقتك

العم "رجب" لديه دكان، وهو معتاد كل ليلة بأن يحسب مبلغ المال في الدرج ويراجع البضاعة التي باعها.

ولكن منذ شهر مضى بدأ العم "رجب" يلاحظ أن هناك نقصًا كبيرًا في البضاعة على الرفوف، ولكن المال هو المبلغ المعتاد نفسه، فلكي يسيطر على الأمر وبعد تفكير قرر أن يضع كاميرا لمراقبة الدكان، وفعلًا بعد فترة قصيرة استطاع أن يمسك اللص.

مثال آخر

شخص دائم الانشغال ولا يعرف كيف يضيع مجهوده ووقته، ويجد نفسه آخر النهار لم يقم بأي إنجاز يذكر، مجهود كبير يضيع وينقص من الرف بدون عائد أو أرباح في الدرج. 

طبعًا صديقنا هذا لن يستطيع تركيب كاميرا لنفسه كما العم "رجب"، ولكن يمكنه استخدام الأسلوب نفسه.

الوقت يضيع بدون أن تنتبه لهذه السرقة بصورة لحظية، ولكنك تراها في نهاية اليوم. 

لكي تستطيع أن تراقب وتمسك بلصوص الوقت أو الأمور التي تأخذ وقتًا كبيرًا بدون نتيجة مفيدة، أحضر ورقة وقلمًا وارسم تخطيطًا زمنيًّا بحيث تسجل عليه يومك بالكامل، كل نشاط تقوم به خلال اليوم بالترتيب، وحدد موعد بدايته ونهايته، وفي نهاية اليوم قيّم ما حصل!

بذلك ستنتبه للأشياء غير المهمة وستستبعد أي سلوك يضيع وقتك بدون إنتاجية تستحق.

العادة الخامسة: واصل رقيك

"جابر" من لحظة ولادته إلى هذا اليوم يعيش في بيت جده الكبير. جده كان شخصًا مهووسًا ومؤمنًا بوجود أشباح تطارده، لذا قبل وفاته أقفل كل الأبواب والشبابيك في منزله بطوب وأسمنت. "جابر" الطفل سيكبر داخل هذا البيت المعزول، ولن يعرف أي شيء عما يدور خارجه عن الناس والحياة لأنه أساسًا لا يعلم بوجودهم.

السجن الاختياري

بالنسبة له العالم هو البيت. الحياة أولها هو أول البيت وآخرها هو آخر البيت، عندما تعرف على البيت اعتقد بأنه يعرف كل شيء عن العالم. بيت الجد هو المدرسة أو نظام التعليم الأكاديمي و"جابر" هو الشخص الذي يكتفي بالمعرفة من خلاله ويعتقد بأن وصوله لآخر هذا النظام معناه أنه وصل لقمة المعرفة أو خط النهاية. 

التعليم عملية طويلة الأمد، ليس لها خط نهاية وهناك دائمًا المزيد من الأشياء الجديدة لكي تكتشفها. النمو المعرفي غير محدود، كن دائمًا مؤمنًا بأنه لا يزال هناك المزيد، ابنِ مخزونًا معرفيًّا لحياتك من اتجاهات ومصادر مختلفة؛ فكما أن أي شخص طبيعي يهتم بجمع المال، اهتم أنت بجمع المعرفة وامتلك عقلية مجتهدة.

الخلاصة

  • اعرف دورك والعبه بإتقان، تعايش مع الأشياء الخارجة عن دائرة تأثيرك اقبلها واقبل أي شيء لا يمكنك التحكم به. 
  • الهدف كي يكون هدفًا حقيقيًّا يجب أن يخضع لستة شروط:

- محدد.

- قابل للقياس. 

- ممكن وليس مستحيلًا.

 - مهم. 

- مؤطر بزمن.

- مكتوب.

  • لا تسمح للأفكار السلبية بالسيطرة عليك، تذكر بأن أفكارك هي جمهورك، إما أن يشجعك أو يؤدي بك للهاوية.
  • احمِ نفسك من القلق ورتّب الفوضى بأن تنظم وقتك وتستخدم القوائم.
  • أخيرًا التعليم واكتساب المهارات عملية مستمرة لا يوجد لها خط نهاية.