كتاب كيف تتعامل مع التوتر

كتاب كيف تتعامل مع التوتر (المؤلف: كارى كوبر)
يوجد نوعان من البشر:
- النوع الأول عادةً ما يتكلم بسرعة، يأكل بسرعة، يفعل كل شيء بسرعة.
لو وُجد شيء يستدعي الانتظار كالوقوف في طابور، تجده غير صبور. وبصورة عامة نادرًا ما يتأخر عن الاجتماعات يكون مهتمًّا جدًّا أن يصل في الموعد.
- أما النوع الثاني فعلى العكس؛ لا يهتم كثيرًا بأن يصل متأخرًا، هو أقل اهتمامًا بالوقت من النوع الأول، لا يشعر بالعجلة حتى تحت الضغوط.
نستطيع أن نقول بصورة عامة أنه أكثر استرخاءً.
لو أن سلوكك أقرب للناس في الدائرة الأولى؛ فيمكنني التخمين بسهولة بأنك تعاني التوترَ في حياتك.
بيولوجيا التوتر
أولًا: ما التوتر؟
عندما يدرك شخص ما بأنه في موقف فيه تهديد له؛ فإن جهازه العصبي يُفعِّل استجابة الكر والفر، وهذا يزيد معدل ضربات قلبه ومستوى ضغطه.
الضغط والتوتر
في التعريف الماضي يوجد كلمتان مهمتان دعونا نضع تحتهما خطًّا؛ وهما كلمتا "يدرك" و"يشعر"، هاتان الكلمتان هما أساس التعامل.
في الغالب أنت لا تفرِّق بين الضغط والتوتر، وتظنُّ أن كلاهما واحد، أو أن الأول هو المسبب الوحيد للثاني، لكن هذا غير صحيح، التوتر يختلف عن الضغط، والضغط الخارجي ليس هو السبب الحقيقي للتوتر.
لو أنك تشعر بتوتر بسبب موعد تسليم العمل الذي اقترب؛ هذا الشعور ليس بسبب العمل ولا الموعد نفسه، ما تشعر به متوقف بصورة كبيرة على اعتقادك حول قدرتك على التعامل مع الموقف؛ إذ كلما زاد شعورك بعدم القدرة على تأدية العمل المطلوب في موعده، أو شعرت بأن الموقف فيه تهديد لك، زاد شعورك بالتوتر.
وعلى العكس، لو كنت متمرسًا وماهرًا في النشاط المطلوب منك واقترب موعد التسليم؛ فمن المستبعد أن تشعر بشيء سلبي من الأساس.
استجابة المرء للأحداث هي السبب
يعني أن الأمر معتمد بصورة أساسية على الطريقة التي ترى بها الضغط، وتوقعك حول نجاحك أو فشلك في أدائه، سواء أكان سلبيًّا أو إيجابيًّا.
لهذا السبب حجم التوتر يختلف من شخص لآخر. إذا كنت أنا وأنت نمر بالحدث نفسه؛ فكلٌ منا سيستوعبه بطريقة مختلفة، وكل منا سيشعر بحجم مختلف من المشاعر.
وبصورة عامة الناس على الأغلب تتوتر إما بسبب شيء سيحدث أو لشيء قد حدث فعلًا.
التصور عن النفس
لنفترض أنه عليك إنجاز مهمة صعبة، وأنك مقتنع بقدرتك على التعامل معها بشكل جيد؛ عندها ستعدُّ الموقف تحديًا وليس شيئًا باعثًا للتوتر، في الواقع قد تستمتع بإنجاز هذه المهمة وتسعى وراء مثل هذه المهام من أجل الإثارة التي تشعر بها في أثناء التنفيذ.
لكن لو أنه لديك تصورات سلبية عن الموقف أو عن نفسك؛ فهذا سيثير في داخلك المزيد من التوتر والقلق.
هذا ما يخص الشيء الذي سيحدث، أما بالنسبة للشيء الذي حدث بالفعل؛ كأن تشعر بالتوتر بسبب عدم حصولك على الترقية التي كنت تريدها.
الشعور بالحزن هنا طبيعي؛ طبيعي أن تشعر بمشاعر سلبية- ليس من المنطقي ألا تشعر بشيء- لكن ما يخلق ويزيد التوتر هو أن تستنتج مما حدث تفسيرًا يتخطى الواقع، وعندها يتحول الحزن إلى توتر، عندما تضيف لما حدث معنًى مبالغًا فيه أو غير دقيق؛ أنك فاشل مثلًا أو أنك ستظل فاشلًا ما بقي من عمرك.
إدارة التوتر
كانت هذه مقدمة طويلة، نأتي للتعامل. يمكننا تقسيم التعامل قسمين: قسم مرتبط بالسلوك، وقسم مرتبط بالأفكار.
إدارة سلوكية
أولًا: الإدارة السلوكية، وهي متعلقة بالتصرفات التي نفعلها.
إدارة الوقت
أكبر سلوك نفعله والذي يخلق ويزيد التوتر؛ هو سوء إدارة الوقت.
- وهي تشمل التأجيل.
- عدم التعامل مع المشكلات بمجرد ظهورها.
- وتشمل أيضًا الموافقة التلقائية على طلبات الآخرين التي تستهلك الوقت، وتُخل بالجدول الطبيعي ليومنا.
لهذا سيساعدك كثيرًا تطبيق مهارات إدارة الوقت، رد على البريد الصعب بمجرد أن تفتحه، وتعامل مع المشكلات أو المهام بمجرد ظهورها، وتجنب التأجيل. كذلك لا توافق على كل الطلبات التي تُطلب منك بدون تفكير.
التدرب على الحزم
أنت توافق على كل ما يُطلب منك؛ لأنك واقع تحت ضغط الموافقة، والسبب هو:
- إما أنك لطيف أكثر من اللازم.
- أو أنك تربط تقديرك لنفسك واحترامك لذاتك بمدى رضا الآخرين عنك.
وكلاهما كارثة من ناحية خلق التوتر.
من المهم أن تتدرب على الحزم.
ابدأ في التفكير في تداعيات قبول الأعمال الإضافية قبل أن تقبلها، ارفض بصورة حازمة.
السلوك الحازم يشتمل على:
- القدرة على طلب ما تريده.
- التعبير عن ذاتك.
- الشكوى في مكانها.
- الدفاع عن نفسك لكن بدون أي عدوان أو سلبية.
مثال:
أنا وأنت صديقان، وأنا أطلب منك أن تساعدني غدًا في شيء وهو غير مناسب لك؛ قل لي بمنتهى الوضوح: أنا مشغول غدًا آسف التوقيت غير مناسب لي، ولكن إذا انتظرت ليوم الجمعة فأساعدك فيما تريد؟ هكذا بصراحة وقوة، لا تقل ما تريد بصيغة مهزوزة ولا تقبل فصالًا فيه.
استمرارك على هذا المبدأ في حياتك يعني بأنك ستجنب نفسك التعرض لجزء من التوتر.
إدارة نفسية
من الصعب جدًّا أن تشعر بشيء بدون أن تكوّن فكرة حوله أو تبْني تصورًّ سلبيًّا بشأنه أتى في خيالك؛ لذلك فالإدارة النفسية مهمة تمامًا كما الإدارة السلوكية، وهذه متعلقة أكثر بما يوجد داخل رأسك.
اجعل انفعالاتك على قدر الموقف
التفكير الانفعالي
أولًا: عليك أن تدرك بأنك في الموقف تكون واقعًا تحت تأثير تفكيرك الانفعالي، وليس تفكيرك المنطقي، كيف ذلك؟
أنت تقيم الموقف بناءً على ما تشعر به، بناءً على قوة شعورك وليس على قدر الموقف في حد ذاته. إنك قد ترى أن الطيران خطر لمجرد شعورك بالقلق الشديد تجاهه، أو قد تشعر بأن مديرك يسيء معاملتك لمجرد شعورك بالغضب الشديد منه.
لا يوجد أي سبب منطقي بنيت عليه حكمك؛ غير انفعالاتك التي تشوش على حكمك المنطقي أصلًا.
عندما تشعر بالقلق ذكِّر نفسك بالطريقة التي يضحك بها عقلك عليك. شعورك بانفعال قوي مثل القلق لا يعني أنك في موقف خطير أو أنك تتعرض لمعاملة سيئة.
فكر بمزيد من المرونة
كذلك لو أن طريقتك في التفكير فيها تزمت وعدم مرونة ومعتقدات متسلطة؛ فهذه جميعها عوامل ترفع مستوى توترك.
أضف لمخزون أفكارك معتقدات مرنة مثل:
- المفضلات.
- الرغبات.
- الاحتياجات.
بدلًا من أن تقول يجب أن… ولا بدَّ أن أفي بالمواعيد النهائية للمشروع، بغض النظر عن الموارد غير المتوفرة،
أو أن تقول ينبغي وضروري ومهم جدًّا أن يتفوق أطفالي في دراستهم مثلًا؛ حاول أن تكون أكثر مرونة في طريقة تفكيرك.
استبدل ذلك بأن تقول: أنا سأفعل ما يجب عليَّ فعله وكل ما في وسعي للوفاء بالمواعيد النهائية، أو أنا أطمح أن يتفوق أولادي في دراستهم، لكنني لن أفرض عليهم رأيي بصورة متزمتة لكي لا يزداد الموقف سوءًا لي ولهم.
عدم التضخيم أو المبالغة في توقع الأسوأ
نحن نميل إلى تضخيم أهمية الأحداث بطريقة غير متناسبة مع حجمها الحقيقي أيضًا. نادرًا ما تكون المواقف التي نواجهها يوميًّا على القدر نفسه من السوء الذي نراه ونحن داخل الحدث.
على سبيل المثال:
أنا معي الآن نتيجة اختبار رخصة القيادة، وقد رسبت، سأرى الآن أن ما حدث شيء سيئ جدًّا، وأشعر بتوتر كبير بسببه.
لو أنني راجعت شعوري تجاه هذا الموقف سأجد أنني أبالغ جدًّا.
عدم نجاح شخص في اجتياز اختبار، قد يكون بالفعل أمرًا مزعجًا، لكن هل هذا أمر سيئ للغاية حقًّا؟ لا، ومع ذلك فقد صعّدت الموقف من حدث مثير للإزعاج إلى خوف وتهديد في مخيلتي، وهذا أدى إلى الشعور بالتوتر على نحو لم يكن له داعٍ.
الرواية الواقعية: أنا رسبت في اختبار القيادة، ولكن بالرغم من شعوري بأنه أمر سيئ للغاية، هذا مجرد حدث مزعج لا أكثر ولا أقل.
مهارات التخيل
آخر شيء هو مهارات التخيل: لو فقدت السيطرة تمامًا، عليك استخدام سلاح التخيل الزمني المستقبلي لتُذكّر نفسك أن الحدث الذي يسبب لك هذا التوتر لن يكون بالأهمية التي تراها الآن خلال الأشهر المقبلة، بالضبط كالأحداث التي مرت من سنة، ما مدى أهميتها لك الآن؟!