كتاب الغرور هو العدو

Book-Cover

كتاب الغرور هو العدو (المؤلف: راين هوليدي)

الغرور هو العدو

القصة

 تخيل قصة امرأة تعيش مع زوجها الذي يضربها دائمًا، يضربها بدون أي سبب، يحقّر من شأنها ويؤذيها بكل الطرق.

السيدة تخبرنا كم هو شخص مؤذٍ وكم هي إنسانة صابرة ومضحية. قصة كبيرة يمكن أن نختصرها بأنها ترى نفسها شهيدة.

أعتقد أنه سيكون غريبًا لو أخبرتكم بأن جزءًا كبيرًا من مشكلتها بسبب الغرور، غرورها هي تحديدًا صح!

عن أي غرور تتحدث؟

أين الغرور في هذا الكلام الذي تقوله؟ 

كلنا داخل رأسنا يوجد رجل صغير يجلس هناك وعمله أن يخبرنا حكايات. حكايات عن الواقع، المستقبل، الماضي. يحدثنا بصوت منخفض ولا أحد من الخارج يمكنه سماع صوته لذا دعونا نسميه الصوت الداخلي.

الغرور البلطجي

الصوت الداخلي عندما يحكي لنا شيئًا عن الواقع نعتقد بأنه محايد، لا يكذب لكن هو ليس محايدًا أبدًا. بالداخل أيضًا بلطجّي يدعى الغرور يخّوفه- صوتنا الداخلي- ويجبره أن يحكي لنا الواقع بطريقة تمجّد البلطجي.

باختصار الغرور يؤثر في صوتنا الداخلي ويتدخل في طريقة إدراكنا للواقع.

فالسيدة هنا في الواقع مشكلتها الحقيقية هي ضعفها وجبنها، إلا أن هذه الحقيقة لا ترضي غرورها البلطجي، فيتدخل ويؤثر في صوتها الداخلي ويترجم لها الواقع بطريقة ترضيه، إذا هي متفانية كالشهيد والذي تقوم به ليس ضعفًا بل تضحية.

التكبُّر

هناك شكلان للغرور.

أولًا: الغرور الناطق

وهو التعالي أو التكبّر. مثلًا، أن أحدثك بترفع أو أن أتعالى عليك بالمال.

ثانيًا: الغرور الصامت

وهذا النوع ليس شرطًا أن يكون فيه تعالٍ أو يخرج علنًا في تصرفات الإنسان، وهذا ما أتناوله اليوم في حديثي.

الأنا العميقة التي داخلنا وتجعلنا نعتقد بأننا الأفضل بصورة غير واقعية.

الأنا

من أين يأتي الغرور؟

الأنا المثالية: رجل خارق وبيده ورقة عليها كل الأختام، هذا ختم الشجاعة، وهذا ختم الاعتراف من الناس، وهذا ختم المجد، وذاك ختم السعادة، وغيره من الصفات الجيدة التي يحلم الناس بالحصول عليها.

والأنا الفعليّة: حاليًا رجل آخر يقف وفي يده ورقة فارغة لا يوجد عليها أي ختم أو عليها بعض التواقيع غير المهمة.

الاحتياج للأختام

أنا أريد أن تكون ورقتي عليها كل الأختام، ما أريد الحصول عليه سنسميه الاحتياج، لكنّ احتياجي مُكلف يعني كي أحصل على ختم المجد مثلًا أحتاج إلى مجهود كبير جدًّا، وربما لا أحصل عليه، هنا سيتدخل غروري ويؤثر في صوتي الداخلي سيُحور الواقع بصورة تعطيني شعورًا وهميًّا بإشباع ذلك الاحتياج. سيعظم من إنجازاتي، يقلل من فشلي، يترجمه على أنه مؤامرة مثلًا كأن أقول أنا في الأصل لا أحتاج إلى هذا الختم، ممكن أن يختزل نجاحي في مجال معين على أنه نجاح كامل وشامل.

يمكن أن يزّور الختم بأمور ثانوية أخرى تعطيه استحقاقات كعائلته وممتلكاته مثلًا.

ألاعيب الغرور

ألاعيب الغرور كثيرة ومن السهل كشفها؛ لأنها مبنية على فكرة واحدة، الانفصال عن الواقع. تستطيع ملاحظة ذلك بوضوح جدًّا على مواقع التواصل الاجتماعي. ستجد الناس غارقين في تحوير الواقع بالطريقة التي ترضي غرورهم. مثلًا هذا شخص نجح في المجال الأكاديمي وتحصيل الشهادات سنجده يعتبر ذلك – الإنجاز الأكاديمي فقط- أعظم شيء وأهم نجاح في العالم، أو أن ذلك يسكن في مكان معيّن سيكون هذا المكان أفضل شيء، وآخر ينتمي لفكر وأيديولوجية معينة فسيراها أفضل وأحسن حل لكل مشكلات الإنسان على الأرض وغيرهم الكثير.

بالطبع من السهل ملاحظة هذه الأمور على الآخرين، ولكننا لسنا مختلفين عن الناس أيضًا، نحن غارقون به ونفعل مثلهم.

العدو

تحوير الواقع أو الغرور مريح لكنه خطر. 

لو أنك مجازًا كل يوم تأكل الطوب لأي سبب، طبعًا أنت لا تستسيغ طعم الطوب لكنك لكي ترضي غرورك تحوّر الواقع وتترجم الحدث بطريقة ترضيك، فتقول بأنك تأكل الطوب لأن هذا نصيبك، أو لأنك شخص مميز، أو لأن الذي يطعمك الطوب أدرى بمصلحتك، أو لأنك شخص مُضحٍ، أو لأن كل الناس يفعلون ذلك أو أي شيء آخر.

 بهذه الطريقة لن يتغير حالك وستستمر بأكل الطوب، أي أنك استسلمت. لكن متى يتغير حالك؟

محاربة الغرور

حارب غرورك واحذر منه، فهو عدوك الأول، ليس قطع الطوب ولا الذي يجبرك على أكل الطوب، عدوك الأول هو غرورك الذي يدفعك لتحوير الواقع وخداع نفسك والقبول به. يجب أن تتحرر، التحرر منه هو بداية تركك لأكل الطوب.

الكلام نوعًا ما سهل لكن التطبيق صعب أكثر؛ لأن الواقع أكثر تعقيدًا، التفاصيل كثيرة والتحيّزات يمكن أن تختبئ في وسطها. 

حسنًا، نريد أن نكشف التحيزات تلك ماذا يمكننا أن نفعل؟ الحل في بوابات كشف المعادن- أو السؤال-:

هل الحكاية هذه ترضي غروري؟

أنا مثلًا في داخلي حكاية عن الواقع تقول إنني أرغب في أن أعمل وأحقق إنجازات لكن الظروف، البلد، البيئة أو أي شيء آخر لا تساعدني في تحقيق ذلك. صوتي الداخلي يقول ذلك داخل رأسي.

دعنا نمرر الحكاية تلك على البوابة والتي هي السؤال الآتي:

هل ترجمتي للواقع بهذا الشكل ترضي غروري؟

أجل تفعل، وتشعرني بأنني ضحية وترمي المسؤولية على أي سبب آخر.

هنا البوابة ستصدر ضوءًا وإنذارًا، إذًا نحن أمام احتمال تشوه، طبعًا ممكن أن تكون الإجابة ترضي غروري، وهي واقع فعلًا لكن هذه نسبة قليلة. 

لكي نتأكد نكمل الحكاية. بعد قليل من البحث وجدت شخصًا ما يعيش بنفس ظروفي وحقق الأشياء التي أقول بأن ظروفي تمنعني عنها، بذلك أكون تأكدت بأنني لست أمام إدراك منصف للواقع بل أمام حيلة دفاعية أخدع نفسي بها.

الخلاصة

راقب صوتك الداخلي ستجده يحكي لك حكايات عن الواقع. الحكايات غالبًا ستكون مشوهة أو منحرفة عن الحقيقة. مراقبتك لها بحرص وعدم القبول بالتشوه هو أهم خطوة لتغيير مصيرك.