عبادات شريفة
عبادات شريفة
لقد جاء ترتيب آيات القرآن الكريم توقيفيًّا، أي بأمر من عند الله سبحانه أوحاه إلى رسوله وبلغه لأمته، فلا صدفة في ترتيب الآيات إذًا، وإن لكل آية غايةً وهدفًا وحكمةً سواء أدركناها أم خفيت علينا، فمثلًا جاءت هذه الآية بعد آيات الأمر بالصوم ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾، وبما أن شهر رمضان شهر شريف وزمان شريف فإنه موطن عظيم للإكثار من العبادات الشريفة الجامعة كعبادة الدعاء.
إنَّ في مناجاة الله سبحانه والتضرع إليه لذَّة، وبها يجد العبد في نفسه طمأنينة وسكينة ويقينًا في أقدار الله سبحانه، فالدَّاعي ليس له من دعائه إلا الإجابة، لا سيما بتحرِّي أوقاتها التي أُُخبرنا عنها، فيحصل لنا إما إجابة وتعجيل في الدنيا، أو أن يُصرَف عنَّا سوءٌ كاد أن يصيبنا أو أن يُدَّخر لنا ثوابه يوم القيامة. وإن لم يجد العبد في نفسه مع الدعاء شيئًا فإن الدعاء بحد ذاته عبادة لله سبحانه نتعبَّد بها له، ومن العبادات الشريفة أيضًا في هذا الشهر عبادة الصدقة، والناس يتفننون في صرف هذه العبادة العظيمة في أوجه مختلفة، فالخير والبركة في هذا الشهر عظيمان ولله الحمد.
“ألا ترضين أن أصِلَ من وَصَلك، وأقطع من قطعك” هل يخطر ببالٍ أحد أن يكون هذا الخطاب من رب العزة سبحانه للرَّحم! صلة الأرحام عبادة جليلة أخرى تنضم إلى قائمة لا تنتهي من العبادات التي يشملها هذا الشهر الكريم بفيضٍ من الأجور والحسنات، وصلة الأرحام سبب في سعة الرزق وإطالة العمر ودخول الجنة، وعلى الجانب الآخر فإن القطيعة توجِب اللعن والخسران والتعجيل بالعقوبة في الدنيا عياذًا بالله، ويزداد ثواب هذه العبادة في حق من يجاهد نفسه ويتغاضى عن حظها وحقها فيصِل قاطعًا له، بل وربما يصِل مسيئًا إليه طامعًا في صلة الله سبحانه.
الفكرة من كتاب تراتيل رمضانية
“الصيام مَدرجةٌ إلى التقوى، فإذا انتظم الصائم في سِلكها، وترقَّى في معارج المتقين أورثه الله بحبوحة الجنة”.
يوصينا الكاتب هنا بوصايا ربانية نبوية تتعلق بالصيام وفضله وشرف زمانه، وبما يُتعبَّد لله به في شهره المبارك من شتى صنوف العبادات والقربات، ويتطرق إلى معانٍ رفيعة عظيمة تصطحبها معك خلال رحلة الثلاثين يومًا!
مؤلف كتاب تراتيل رمضانية
محمد بن يوسف الجوراني: كاتب ومحقِّق مخطوطات، ورئيس مركز الذخائر في المملكة الأردنية، نال درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، وفي عام 2012 حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية العالمية في الأردن.
من مؤلفاته: “الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية” و”العلاج بالقرآن”، و”وسائل الإعلام ونشر الدجل والشعوذة وكيفية علاج الظاهرة”. ومما حقق من المخطوطات والكتب كتاب “خلاصة الكلام على عمدة الأحكام لفيصل آل مبارك”.