الكون الدال على خالقه
الكون الدال على خالقه
الكون يدل على خالقه سُبحانه، فالله بديع السماوات والأرض، فالكون هو المسرح الأول لفكرنا، وهو الينبوع الأول لإيماننا، والذهول عن الكون سقوط إنساني ذريع، وحجاب عن الله غليظ، وفشل في أداء رسالتنا التي خُلِقنا من أجلها، وعجز عن التجاوب مع وصايا القرآن التي تكرَّرت في الكثير من سوره.
والتفكُّر في الكون وسنن الحق واجب شرعي، فالكون في الفلسفة القرآنية نفيس القيمة، غالٍ عند صانعه لأنَّه يدل عليه، ولن يُحسن معرفة الله من عَمِيَ عن مُشاهدة الكون والتفكُّر فيه، إذ إنَّ زُهد الناس في التفكُّر في الكون أمر عجيب، وربما يرجع ذلك إلى تأثُّرهم بالفلسفة اليونانية، وأسباب أخرى كثيرة كانت السبب فيما أصاب العقل الإسلامي من عوج، حيث إن هناك نوعًا من التديُّن يفهم طلب الآخرة على أنه كراهية الحياة، ويفهم الزهد في العاجلة على أنه الجهل بها أو العيش على هامشها.
ومن أوجه العجب أيضًا غفلة المسلمين عن التفكُّر في الكون والعمل بمقتضى هذا التفكُّر، لأن دراسة الكون نهج قرآني واضح، لبناء الإيمان، ولدعمه وحراسته، ولمنافع البشر ومتاعهم.
الفكرة من كتاب المحاور الخمسة للقرآن
القرآن الكريم كتاب يُعرِّف الناس بربهم، على أساس من إثارة العقل، وتعميق النظر، ثم يحوِّل هذه المعرفة إلى مهابة لله، ويقظة في الضمير، ووجل من التقصير، واستعداد للحساب.
عندما يسأل المسلمون: هل لله وحي يهدي العالم القديم والجديد إلى الحقائق، ويخرج الناس كلهم من الظلمات إلى النور؟ فإن إجابتهم المفردة: نعم، هذا القرآن الكريم! وستأتي الدلالة على تلك الإجابة، دلالة تاريخية موجزة، ودلالة موضوعية سوف يبسط الحديث فيها، وهي موضوع الكتاب الذي بين أيدينا.
مؤلف كتاب المحاور الخمسة للقرآن
محمد الغزالي: عالم ومفكر إسلامي مصري، ويعدُّ أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، وعُرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي، كما عُرف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة.
من أبرز مؤلفاته: «عقيدة المسلم»، و«فقه السيرة»، و«كيف تفهم الإسلام»، و«سر تأخر العرب والمسلمين».