مسؤولية استثمار همَّة المسلمين
مسؤولية استثمار همَّة المسلمين
قد تتساءل أحيانًا قائلًا: ها أنا الآن عالي الهمَّة ثابت الرأي والغاية، ولكن كيف أجذب من حولي إلى هذا الطريق وأستثمر همَّتهم؟ هنا تُدرك أنك عرفت مسؤولية استثمار الهمَّة، وأول طريق تتخذه هو اختيار من يصلح لذلك، فالناس ثلاثة أنواع: الصالح المتمسِّك بدينه، والمُستقيم الذي يلتزم بالفرائض وقد يسقط تارة وينهض أخرى، ثم التائه الناسي دينه، وعليك أولًا بأصحاب النوع الثاني، فإن كانوا مُيسَّري الحال ماديًّا فوجِّههم إلى المشاركة المالية لما فيه نفع للأمة كبناء المساجد والإغاثة ومساعدة الفقراء والمرضى، وإن كانوا متوسطي الدخل فوجِّههم إلى العلم، ففيه الصلاح والغنى، وركز على العلم الشرعي الذي يهتم بصلاح النفس وهدايتها وخطب الأئمة الصالحين، أما النوع الأول فقد يدفعك الاستثمار في همَّته إلى جعله معلمًا وداعيةً للإصلاح.
إن صاحب الهمَّة العالية يفعل في يومه ما لا يستطيع الشخص العادي فعله، وهذا طبيعي ما دام لديه سعي قوي صادق ونظرة إلى الحياة، والهدف الأكبر له يختلف عن معظم الناس الذين شغلتهم الدنيا بلهوها والتسويف فيها، كما أن على صاحب الهمَّة أن يبتعد عما يحاول البعض دسَّه من مفاهيم خاطئة كالاكتفاء بأن يكون عاديًّا يأكل ويشرب وينام ويعمل دون غاية كبرى يهدف بها إلى الإصلاح وبناء ذرية طيبة في أبنائه، على سبيل المثال، فيسعى إلى العلم حتى يُعلِّم أبناءه ويكون لهم قدوة.
وأهل الهمم كباقي الناس قد تقابلهم فترات ضعف، وهذا أمرٌ طبيعي ما عليهم فيه إلا أن يُراعوا حقَّ أنفسهم عليهم ثم ينهضوا بها مرة أخرى، كما أنهم إذا رأوا خطأ في أساتذتهم وأئمتهم عملوا على تصويبه دون تبجُّحٍ أو استهزاء أو استخفاف، وسر صاحب الهمَّة في أنه يهتم بالأعمال التي تدوم ولا تنقطع لأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
الفكرة من كتاب الهمة طريق إلى القمة
يعيش الإنسان أيامه بأقدارٍ كُتِبَت له، فيتمنى أشياء في حياته تشغل باله فيركض نحوها تارةً، ويملؤه التسويف تارةً أخرى، وإذا ركض انهمك كالآلة حتى ينسى أصله والغاية الكبرى من وجوده في هذه الحياة، ولكن ما الذي يحرِّكنا نحو أهدافنا حقًّا وكيف ننمِّيه ونجعله إيجابيًّا يأخذنا نحو القمة الحقيقية التي نكون بها إضافةً إلى أنفسنا وأمَّتنا وديننا؟ إنها الهمَّة.
مؤلف كتاب الهمة طريق إلى القمة
محمد حسن عقيل موسى الشريف، داعية إسلامي سعودي متخصِّص في علم القرآن والسنة، بالإضافة إلى كونه طيارًا مدنيًّا في الخطوط الجوية العربية السعودية، وأستاذًا جامعيًّا.
ومن أهم مؤلفاته: “أثر المرء في دنياه”، و”مقياس العمل المؤثر”، و”المرأة شؤون وشجون”، و”الأمن النفسي”، بالإضافة إلى عشرات المجلدات التاريخية والقرآنية والدعوية.