ما الذي يشكِّل شخصية الطفل؟
ما الذي يشكِّل شخصية الطفل؟
هناك عوامل عديدة تشكِّل شخصية الطفل ونفسيته، وتبدأ هذه المراحل من الحمل عندما يتكوَّن الجنين، فأي شيء يحدث له أو لوالدته فإنه سيؤثر فيه وفي نموه وطفولته المبكرة، ثم تأتي مرحلة الطفولة الأولى أو الرضاعة، وفيها تكون الأم هي أول ما يراه ويشعر به الطفل، يحتاج إلى لمسها وشمِّها وبالطبع الرضاعة منها، فإن عدم رضاعة الأم للطفل لغيابها أو لاعتمادها على الرضاعة الصناعية لا تؤثر فحسب في الجسم والنمو ولكن في عاطفته أيضًا ونموه النفسي.
فقد يصل الطفل إلى اضطراب القلق حتى يصل إلى حالة من الاكتئاب والانطواء على الذات وتظهر منه مشاعر العنف والحقد لاحقًا، حتى عملية الفطام المفاجأة التي تتم بشكل قاسٍ تعرِّض الطفل لنوبات اضطراب حادة، وصولًا إلى مرحلة الإخراج التي تنتظم بالتدريب واللين، وإذا تمَّت بالقسوة والاستعجال، فإنها تُعرِّض الطفل للإحباط النفسي والإحساس بالدونية والفشل، كما أن الاتصال الأسري وعدم التمزُّق له دور في اتزان الطفل عاطفيًّا واستقراره النفسي، وبعد انتهاء الطفل من مرحلة الطفولة المبكرة يكون قد تعلَّم السير بعد عامين من عمره وهذا يشعره بنوع من الاستقلالية، ثم تبدأ مرحلة الحضانة المبكرة التي يكون فيها النمو الجسدي والنفسي والاجتماعي سريعًا.
ويستطيع المشرفون على الطفل التعرُّف على ما إذا كان الطفل يعاني أي نوع من التخلُّف العقلي من خلال درجة نشاطه مع أقرانه أو كسله وعدم رغبته في المشاركة، إذ يكون الطفل في أولى سنواته يميل إلى الانعزال، ثم بعد ذلك من المفترض أن يميل إلى المشاركة والخروج إلى محيط الجيران والشارع، وهذا يعتمد على ما تغرسه فيه الأسرة، ثم تظهر بعض علامات الرغبة في التملُّك لإظهار القوة وهبوط انفعالاته سريعًا رغبةً في إرضاء أقرانه وعدم إزعاج للكبار، حتى يصل إلى مرحلة التعليم الابتدائي، وهي من أهم مراحل نمو الطفل وتغييره وتؤثر في شخصيته مستقبلًا، حيث يُلاحظ أن الطفل يتجه إلى الاستقرار العاطفي والفهم الواقعي للأشياء والابتعاد عن التخيُّل، وتكوين الهوايات والتأثر بالعادات والتقاليد والوضع الاقتصادي للبيت.
الفكرة من كتاب الأمراض النفسية والعقلية والاضطرابات السلوكية عند الأطفال
كل ما نعطيه للأطفال من تربية واهتمام أو إهمال وعنف هو بذرة نزرعها في تربة الزمن، وقد يأتي الحصادُ طيبًا مختلفًا ألوانه، وترى الثمرات التي زرعتها ناضجة، أو يأتي خبيثًا سامًّا، يؤذيك ويؤذي نفسه ويؤذي كل من يقترب منه.
والأسرة هي التربة الأولى لنمو الطفل ولتربية طفل سوي خالٍ من العقد والمشكلات النفسية، فيجب الاهتمام بفترة طفولته والمشكلات التي يتعرض لها، وفي هذا الكتاب يحاول المؤلفان عرض المشكلات النفسية والعقلية التي يتعرض لها الأطفال سواء كانت بسبب أحداث يمر بها الأطفال أو معاملة سيئة، أو بسبب اضطراب هرموني أو نفسي لأنه بمعرفة المشكلة نكون وصلنا إلى أولى طرق الحل من أجل تربية سوية وحياة صحية للأطفال.
مؤلف كتاب الأمراض النفسية والعقلية والاضطرابات السلوكية عند الأطفال
الدكتور عبد المجيد الخليدي هو الأمين العام المساعد السابق للأطباء النفسيين العرب سابقًا وعضو الرابطة الدولية لأمراض الصرع، وهو المؤسس الأول للطب النفسي في اليمن، توفي في مايو 2018 وما زال مركزه للطب النفسي مفتوحًا لمساعدة الناس.
الدكتور كمال حسن وهبي هو باحث وأستاذ جامعي في مجال الطب النفسي.