النماذج والأساليب الإحصائية
النماذج والأساليب الإحصائية
كثيرًا ما كان هناك سؤال حيَّر الكثيرين مفاده كيف يفكر الإحصائيون؟ وكيف يستطيعون قياس الظواهر المختلفة؟ والجواب يكمن في كلمة واحدة هي النموذج! فالإحصائيون يقومون بفحص مختلف الظواهر باستخدام “النماذج” التي تمثل بعض أحداث العالم الحقيقي التي تتضمَّن العلاقات الضرورية للتفسير أو للتنبؤ بظاهرة ما، ورغم الجدل الدائر حول قدرة تلك النماذج على تمثيل الواقع، فإننا إذا علمنا أن النموذج هو تجريد وتبسيط للظاهرة بشكل يسمح لنا بالتركيز فقط على العوامل الأكثر أهمية اللازمة لتفسيرها أو للتنبؤ بها، فإن مدى مطابقة النموذج بصورة حرفية للواقع تصبح أقل أهمية، لا سيما مع تعقد الواقع نتيجة تداخل العلاقات بين العوامل المحددة لأي ظاهرة يجري بحثها.
من ناحية أخرى يمكن تقسيم النماذج الإحصائية بصورة أولية إلى قسمين: نماذج آلية وأخرى تجريبية، فالأولى تعبِّر عن المبادئ الحاكمة للعلاقات بين الأشياء، والتي نتجت عن أبحاث معدة مسبقًا حول كيفية عمل الأشياء فعليًّا، وثبتت أركانها في صورة معادلات رياضية تصف تلك النظريات الأساسية لكل علم من العلوم على حدة، أما على الجانب الآخر فنجد النماذج التجريبية التي تبحث في المجهول الذي تتم ملاحظته عبر الاستقراء التام لعدد مطرد من مفردات ظاهرة ما، فمثلًا قد لا يكون لدينا نظرية اقتصادية توضح العلاقة بين الطلب والسعر بالنسبة إلى السلع في الأسواق.
ولكننا قد نلاحظ زيادة الكميات المطلوبة من المستهلكين عندما تنخفض أسعار السلع والعكس صحيح، لذا يمكننا تخمين وجود علاقة عكسية، فإذا لم توجد أي نظرية توضح تلك العلاقة فإن النموذج يكون تجريبيًّا، وعمومًا نستطيع القول إن النماذج الأولية تكون أكثر شيوعًا في المراحل الأولية لاستكشاف ظاهرة ما، ولكن عندما يزداد الفهم لتلك الظاهرة، وتستقر تلك العلاقات في مراحل لاحقة تصبح حينئذٍ النماذج التجريبية أكثر أهمية.
الفكرة من كتاب علم الإحصاء: مقدمة قصيرة جدًّا
رغم أن الأفكار والأساليب الإحصائية تمثِّل أساس جوانب الحياة الحديثة اليوم، فإن علم الإحصاء يُعاني سوء فَهْم جوهريًّا مؤسِفًا يُضلِّل الناس عن طبيعته الأساسية، لذا يهدف هذا الكتاب إلى منْح القارئ قدْرًا من الفهْم لمجال علم الإحصاء الحديث، بدايةً من التعريفات الأساسية والأساليب والنماذج المبسطة مرورًا بمشكلات الاستنتاجات وطرق معالجة البيانات، في محاولة جادة للتعبير عن طبيعة الفلسفة والأفكار والأدوات والأساليب الإحصائية القائمة اليوم.
مؤلف كتاب علم الإحصاء: مقدمة قصيرة جدًّا
ديفيد جيه هاند David J. Hand: أستاذُ الإحصاء في قسم الرياضيات بجامعة إمبريال كوليدج، ولد في 30 يونيو 1950، بالمملكة المتحدة، كان هاند أستاذًا للإحصاءات بالجامعة المفتوحة في عامي 1988 و1999، ثم انتقل إلى كلية إمبريال كوليدج في لندن، حصل على ميدالية غاي في الإحصاء من قبل الجمعية الإحصائية الملكية في عام 2002 وشغل منصب رئيسها في الفترة 2008-2009، ثم مرة أخرى من عام 2010 بعد استقالة برنارد سيلفرمان، كما تم انتخابه زميلًا في الأكاديمية البريطانية عام 2003.
ألَّفَ أكثر من عشرة كتبٍ عن البيانات والإحصائيات، منها: “مبادئ استخراج البيانات”، و”رفاهية الأمم: المعنى والدافع والقياس”، و”مبدأ الاحتمالية: لماذا تحدث المصادفات والمعجزات والأحداث النادرة طوال الوقت؟”.