التواصل بتعاطف مع الآخرين
التواصل بتعاطف مع الآخرين
التعاطف هو فهم متسم بالاحترام لما يعانيه الآخرون، وبدلًا من منحهم التعاطف، نجد لدينا دافعًا قويًّا لنصحهم أو طمأنتهم، وهذا هو الخطأ الذي نقع فيه، فالأهم هو أن نتعاطف فحسب، وعملية التعاطف تتطلَّب منا أن نفرغ عقولنا، حتى يمكننا أن نصغي للآخرين بكل كياننا، وهناك مقولة تصف هذه الحالة تمامًا تقول: “لا تفعل شيئًا فحسب، وغنمًا عليك أن توجد”.
وفي التواصل غير العنيف، أيًّا كانت الكلمات التي يستخدمها الآخرون في التعبير عن أنفسهم من خلاله، يجب علينا أن نستمع إلى ملاحظاتهم ومشاعرهم واحتياجاتهم وطلباتهم، وبعد استماعنا إلى ذلك، نُكرِّر ما سمعناه منهم، ونعيد صياغة ما فهمناه، وذلك لأن إعادة الصياغة لها فوائد عدَّة: فهي تؤكد للطرف الآخر حضورنا، ولو أوضحت إعادة الصياغة خطأ في الفهم فأمام المتحدِّث الفرصة لتصحيحها، وهي تمنح الوقت للتفكير فيما قاله وتأمُّله، فيعطيه فرصة للغوص داخل نفسه بعمق أكبر.
ثم نواصل المحافظة على التعاطف من أجل إتاحة الفرصة للآخرين للتعبير التام عن أنفسهم، وذلك قبل أن نلتفت إلى الحلول أو الطلبات التي تؤدي إلى إنهاء الموقف والشعور بالارتياح، فاعتقادنا بأن علينا “الإصلاح” وتحسين مشاعر الآخرين يمنعنا من الحضور في الموقف، فالتعاطف ليس فهمًا عقلانيًّا ولكنه حالة وجدانية تشاركية، كما أننا لن نستطيع منح الآخرين التعاطف إلا إذا منحنا أنفسنا قدرًا منه، وذلك بأن نصغي لما يدور بداخلنا، فعندما نشعر أننا في موقف ما نكون فيه عاجزين عن التعاطف مع الآخرين علينا أن نتوقف ونأخذ نفسنًا عميقًا ونمنح أنفسنا التعاطف، أو نصرخ بشكل غير عنيف، وذلك عن طريق أن نتحدَّث عما نشعر به من ألم بكل صراحة ودون إلقاء اللوم على أحد، أو أن ننسحب من الموقف مؤقتًا لمنح نفوسنا قدرًا من الهدوء.
الفكرة من كتاب التواصل غير العنيف
في أغلب الأوقات لا نعترف بالعنف الذي بداخلنا لأننا نجهل صورته الحقيقية، فالعنف بالنسبة إلينا يقتصر على الشجار والقتل والضرب، وهذه أشياء لا يفعلها الأشخاص العاديون، لكن بالنظر الدقيق نلاحظ أن العنف لا يقتصر على الأجساد والماديات فحسب، بل إنه أوسع من ذلك.
ونحن نسأل أنفسنا: كيف يُمكننا تربية نفوسنا على الحب والتفاهم والتقدير دون تكلُّف أو ضغط؟ وهل حقًّا حتى نستطيع النجاة في هذا العالم القاسي لا بدَّ أن نصبح قُساة أيضًا؟ ولكن هذا العالم هو الذي صنعناه، فلو أننا غيَّرنا أنفسنا، وغيَّرنا أساليبنا ولغتنا، سنخلق عالمًا تسوده الرحمة والتعاطف، وهذا ما يُقدِّمه لنا هذا الكتاب، فمن خلاله يُبيّن لنا الكاتب كيف يمكن تجاوز كل الأمور التي قد تتسبَّب في خلق حالة العنف التي نخسر أمامها الكثير.
مؤلف كتاب التواصل غير العنيف
مارشال بي. روزنبرج Marshall B. Rosenberg: كاتب وعالم نفس أمريكي، حصل على الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي من جامعة ويسكنسون، وهو مؤسس ومُدير الخدمات التعليمية بمركز التواصل غير العنيف، وهي مؤسسة دولية لصنع السلام، حاز جائزة جسر السلام، وجائزة Light of God expressing award الدولية، كما أنه درَّس التواصل غير العنيف في مئات المجتمعات والمؤتمرات، وفي أكثر الدول فقرًا وتمزقًّا بسبب الحروب.
من أهم كتبه وأعماله:
Being Me, Loving You
Speak Peace in a World of Conflict
Raising Children Compassionately
The Surprising Purpose of Anger