أسطورة الجمال وعلاقتها بالعمل والترقي المهني
أسطورة الجمال وعلاقتها بالعمل والترقي المهني
بداية من الثورة الصناعية تطورت الأفكار حول الجمال والمال، بحيث أصبح الاثنان متشابهين إلى حد بعيد في اقتصادنا القائم على الاستهلاك، فالمرأة كمليون دولار، وجهها هو ثروتها، وتعلمت النساء النظر إلى جمالهن على أنه جزء من هذا الاقتصاد، ومع دخول النساء إلى سوق العمل، واختراق هيكل السلطة في الثمانينيات من القرن الماضي، أصبح الجمال مالًا بالمعنى الحرفي للكلمة للإبقاء على هيكل السلطة، وذلك من خلال إنتاج نساء عاملات في شكل قالب معين، وقد ساعد على ذلك الانتقال إلى تكنولوجيا المعلومات والخدمات، ومن ثم أصبحت النساء مرغوبات للعمل في هذه الوظائف، لكن على شرط وهو إضافة عمل جديد إلى جدول أعمالهن المهنية، وهو “العمل التجميلي”.
في السابق كان “العمل التجميلي”، الذي دُفع للنساء مقابل إظهارهن جمالهن، مقصورًا على المهن الاستعراضية، كعارضات الأزياء أو الراقصات أو الممثلات أو العاملات في مجال الدعارة والجنس، وكنّ مجهولات في العادة وذوات مرتبة اجتماعية متدنية، وكان يُنظر إليهن بازدراء وعدم احترام، لكن مع الوقت صارت هذه المهن المتدنية مقرونة بالمال والشهرة وحتى الاحترام! وهو ما دفع بقية النساء الصاعدات إلى تقليدهن، وبناءً على ذلك تم العمل على تكييف جميع المهن التي تتقدم فيها النساء كمهن عروض، لذا فبعد وضع قوانين المساواة بين الجنسين التي تمنع التمييز بين المهنيين على أساس النوع، ظهر نوع جديد من التمييز هو التمييز على أساس “الجمال المهني”، وقد أصبح للجمال المهني طابع مؤسسي وشرط لتوظيف النساء وترقيتهن.
وبناءً على تحول الجمال المهني إلى طابع مؤسسي، فإن المجلات النسائية لم تكذب خبرًا وعملت على ترويج الإعلانات التي تبشر المرأة بالجمال الجسدي والقضاء على الشيخوخة، وحماية جمال الوجه من التجاعيد، ومن ثم أصبحت النساء مستهلكات للمنتجات التجميلية سعيًا منهن للوصول إلى الهيئة التي يحتاج إليها المجتمع الاستهلاكي، لكن في حقيقة الأمر تعمل أسطورة الجمال في العمل على إيذاء النساء، لأنه في نزاعات التوظيف العادية، يحاول صاحب العمل أن يثبت أن الموظفة غير كفء حتى تُفصَل، في حين تحاول الموظفة أن تثبت أنها على العكس من ذلك للحفاظ على وظيفتها، لكن عندما يكون “الجمال” هو المؤهل المهني فإن الخاسر دائمًا هو المرأة، والفائز دائمًا هو رب العمل، حتى إذا كانت المرأة تؤدي عملها على أكمل وجه، سيأتي يوم وتفصل من عملها لا لشيء إلا تقدمها في السن، أي إنها لم تعد جميلة كما كانت في السابق!
الفكرة من كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
تُناقش المؤلفة في هذا الكتاب معايير الجمال غير الواقعية التي تلهث وراءها النساء، وتشير إلى أن البحث الحثيث وراء الجمال زاد بشدة نتيجة تأثير وسائل الإعلام، وتبين أن ذلك يشكل ضغوطًا كبيرة على النساء والرجال معًا وهو ما يؤدي إلى تصرفات غير سليمة واهتمام مبالغ فيه، وتستعرض آليات عمل أسطورة معايير الجمال في العمل والمجالات الإعلامية، وتوضح أن معايير الجمال الخرافية التي تركض وراءها النساء تعمل على إضعافهن نفسيًّا وجسديًّا، وتسلب رضاهن عن أنفسهن وتقديرهن لذواتهن، كما أنها تشكل عنفًا، النساء أنفسهن مسؤولات عنه.
مؤلف كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
نعومي وولف: كاتبة سياسية، وكاتبة غير روائية أمريكية، عملت مستشارة سياسية لآل جور وبيل كلينتون. من مؤلفاتها:
Promiscuities: The Secret Struggle for Womanhood
The End of America: Letter of Warning to a Young Patriot
Facing the Beast: Courage, Faith, and Resistance in a New Dark Age
معلومات عن المترجم:
إدريس محمود نجي: مترجم لعدد من الكتب والمقالات. من ترجماته:
الضمير وأعداؤه.. مواجهة عقائد العلمانية الليبرالية.
ممهدات الإلحاد الجديد.. صعود التطرف العلماني.