حول اختبارات الذكاء
حول اختبارات الذكاء
لقد ذكرنا سابقًا أن بإمكان الأرقام أن تعرضك للتمييز أو الظلم، وقد يتضح هذا أكثر من خلال قصة تجربة اختبار الذكاء التي ربطت بين معدلات الذكاء ولون البشرة، كان هذا عندما أُجرِي اختبار للجنود الأمريكيين في أوائل القرن العشرين بطرح مجموعة من الأسئلة عليهم، ثم قرر القائمون على التجربة أن الأرقام تُظهر الأشخاص ذوي البشرة السوداء أقل في معدلات ذكائهم من أصحاب البشرة البيضاء، هل هذه الأرقام المحايدة تقدم الحقيقة فعلًا، أم توجد قصة أخرى وراءها؟ فيُذكَر في هذه التجربة أن طريقة جمع البيانات كانت عشوائية لا تعطي فرصة للدقة المزعومة، فكانت القاعات التي أجاب فيها الجنود عن الأسئلة سيئة الإضاءة شديدة الازدحام، ولم يكن بإمكان الجميع سماع الأسئلة بوضوح، بالإضافة إلى أن عديدًا من الجنود كانوا حديثي عهد بأمريكا واللغة الإنجليزية، وبعضهم لم يكن يجيد الكتابة، كيف إذًا نثق بنتائج هذا الاختبار ونبني عليها أحكامًا وقرارات لسنوات طويلة؟ لقد سُنَّتْ من خلال تلك النتائج سياسات تضر بالفئات التي قرر الاختبار أنها أقل ذكاءً.
لقد ابتُكر اختبار الذكاء في البداية من أجل هدف سامٍ في حد ذاته، إذ كان يرغب الفرنسي الذي صممه في مساعدة الأطفال، ليتمكن من خلال معرفة ما يمكن لكل طالب فهمه أن يحدد المناهج المناسبة بالتعاون مع وزير التعليم، بالإضافة إلى تحديد مَنْ مِنَ الأطفال يحتاج إلى تعليم خاص، ولم يكن يسعى إلى وضع اختبار يتم من خلاله التمييز عنصريًّا بين البشر، يجب ألا ننسى أن اختبارات الذكاء تُغفل نقاطًا هامة متعلقة بالقياس مثل الجودة والأصالة في مقال ما، أو الإبداع في حل المشكلات، والاستجابة المختلفة للأشخاص عند ارتكاب المشكلات.
الفكرة من كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
ما أول شيء لفت انتباهك إلى هذا الكتاب؟ بالطبع إنه العنوان، سوف يدفعك الفضول إلى الاطلاع على الكتاب الذي قرر القراء أنه يستحق تصدر مبيعات متاجر الكتب في هولندا لمدة يعتد بها، وقبل البدء في الكتاب رغبت الكاتبة، من خلال لفت النظر إلى هذا العنوان، بأن ترينا أي مكانة نوليها للأرقام في حياتنا وخياراتنا، فبينما كانت تجري بحثًا حول الفروقات الكبيرة بين الموارد المالية للناس في بوليفيا وتأثيرها في سعادتهم، سألتهم عن الرقم الذي يقدرون به سعادتهم من واحد إلى عشرة، كانت الإجابات تتكرر: واحد، واحد، دون اختلاف مع تغير أسئلة الاستبيان
تسببت تلك الدراسة في تقويض الثقة الكبيرة التي توليها المؤلفة للأرقام منذ صغرها، فلم تستطع اختزال حياة النساء الكادحات اللاتي طرحت عليهن أسئلتها في رقم على مقياس من عشرة أرقام، واكتشفت أن ما يهم هو القصص المختبئة خلف ما نرصده من أرقام. وحاليًّا تحدد الأرقام ماذا نأكل، وأي شيء نشرب، ولمن نمنح صوتنا الانتخابي، ومن نتزوج، وهل سنحصل على الوظيفة التي نريدها أم لا، فتخبرنا المؤلفة من خلال هذا الكتاب أن من الصعب بعد معرفة تلك الأخبار أن نحصن أنفسنا ونتجنب الأرقام تمامًا، فنحن نحتاج إليها بالفعل، لكن نحتاج فقط إلى التمييز بين ما نراه أمامنا من استخدام صحيح للأرقام أو تلاعب، وهل الأرقام في حياتنا بمنزلتها الحقيقية أم لها أولوية في الاختيار والتصديق تسبق العوامل الأخرى المهمة.
مؤلف كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
سان بلو: صحفية هولندية ومحررة حسابية لصالح منصة كوريسبوندانت، حاصلة على الدكتوراه في الاقتصاد القياسي من كلية إيراسموس للاقتصاد.
معلومات عن المترجم:
نور العيون حامد: مترجم ومحقق، له عديد من الترجمات، مثل:
الإصدار الأصفر.
فراشة طوكيو – الحب أو السلطة؟