أرقام في كل مكان
أرقام في كل مكان
نفوذ الأرقام في عالمنا هائل وهو آخذ في التزايد كل يوم، نرى ذلك أمامنا في فيسبوك وكيف يوجهنا بإحصاء وتتبع ما نتفاعل معه، ونراه في الناتج المحلي، وفي الرواتب، وغيرهما.
إن الأرقام في حد ذاتها ليست خبيثة تسعى إلى تضليلنا، وإنما يكمن السر في من يستخدمون الأرقام ويسيطرون عليها، هؤلاء الذين ينتقون من الأرقام ما يدعم حججهم ويخدم اهتماماتهم، فيتلاعبون بالآخرين أو من يمكن تسميتهم “مستهلكو الأرقام”، الذين تتأثر حياتهم بجميع جوانبها بالأرقام، وقد يتضرر مستقبل الناس الوظيفي والاجتماعي وحتى سمعتهم بسبب الأرقام، لدرجة أن أصبح طلب أرباب العمل لسجلك الائتماني قبل التوظيف عملًا غير قانوني في إحدى عشرة ولاية أمريكية، فسجلك الذي تعده الشركات التي تمنحك بطاقاتها الائتمانية يتضمن أرقامًا حول ما تشتري وكم تقترض ومدى التزامك بدفع الأقساط في موعدها المقرر
فيتحقق أرباب العمل من تلك السجلات قبل الإقدام على منحك وظيفة لديهم، والمقرضون يقررون من خلاله هل تستحق الثقة لتمويل مشروعك أم لا، وبرغم غياب الدليل العلمي حتى الآن بشأن العلاقة بين السلوك الاقتراضي والأداء في العمل، فإنها حقيقة قائمة نتعامل معها، ولكن يبدو الأمر مخيفًا عندما نعلم أن الثقة بالأرقام تصل إلى أن يكون السجل الائتماني ضمن معايير اختيار شريك الحياة، إذ تسمح بعض برامج المواعدة التي يستخدمها الأمريكيون بكثرة، أن يضيف المستخدم سجله الائتماني ليبحث عمن يتوافق مع هذه الأرقام ويقرر الارتباط به.
الفكرة من كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
ما أول شيء لفت انتباهك إلى هذا الكتاب؟ بالطبع إنه العنوان، سوف يدفعك الفضول إلى الاطلاع على الكتاب الذي قرر القراء أنه يستحق تصدر مبيعات متاجر الكتب في هولندا لمدة يعتد بها، وقبل البدء في الكتاب رغبت الكاتبة، من خلال لفت النظر إلى هذا العنوان، بأن ترينا أي مكانة نوليها للأرقام في حياتنا وخياراتنا، فبينما كانت تجري بحثًا حول الفروقات الكبيرة بين الموارد المالية للناس في بوليفيا وتأثيرها في سعادتهم، سألتهم عن الرقم الذي يقدرون به سعادتهم من واحد إلى عشرة، كانت الإجابات تتكرر: واحد، واحد، دون اختلاف مع تغير أسئلة الاستبيان
تسببت تلك الدراسة في تقويض الثقة الكبيرة التي توليها المؤلفة للأرقام منذ صغرها، فلم تستطع اختزال حياة النساء الكادحات اللاتي طرحت عليهن أسئلتها في رقم على مقياس من عشرة أرقام، واكتشفت أن ما يهم هو القصص المختبئة خلف ما نرصده من أرقام. وحاليًّا تحدد الأرقام ماذا نأكل، وأي شيء نشرب، ولمن نمنح صوتنا الانتخابي، ومن نتزوج، وهل سنحصل على الوظيفة التي نريدها أم لا، فتخبرنا المؤلفة من خلال هذا الكتاب أن من الصعب بعد معرفة تلك الأخبار أن نحصن أنفسنا ونتجنب الأرقام تمامًا، فنحن نحتاج إليها بالفعل، لكن نحتاج فقط إلى التمييز بين ما نراه أمامنا من استخدام صحيح للأرقام أو تلاعب، وهل الأرقام في حياتنا بمنزلتها الحقيقية أم لها أولوية في الاختيار والتصديق تسبق العوامل الأخرى المهمة.
مؤلف كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
سان بلو: صحفية هولندية ومحررة حسابية لصالح منصة كوريسبوندانت، حاصلة على الدكتوراه في الاقتصاد القياسي من كلية إيراسموس للاقتصاد.
معلومات عن المترجم:
نور العيون حامد: مترجم ومحقق، له عديد من الترجمات، مثل:
الإصدار الأصفر.
فراشة طوكيو – الحب أو السلطة؟