العبقرية
العبقرية
الفرق بين العبقري والإنسان السوي هو أن العبقري لديه عقل مضاعف، عقل خاص بإرادته وعقل آخر موضوعي يخصُّ العالم بأكمله، أما الإنسان السوي فله عقل واحد ذاتي، والعبقري يعيش حياتين: الأولى حياة فردية ككل الناس، والثانية حياة مكرَّسة للعقل وحده تسمو به فوق تقلُّبات القدر، لهذا يرى العبقري العالم كما يرى الأشياء في المرآة، ويمكن وصف العبقرية بأنها وعي دائم وواضح بالأشياء في شكلها العام، ووعي بما هو متضاد مع هذه الأشياء، ويتمثَّل في الإنسان نفسه.
هناك فرق بين رجل العلم الذي يُلقِّن الآخرين ما تعلَّمه من معارف، والعبقري الذي نتعلم منه ما لم يتعلَّمه من أحد، لأن العبقري لا يكتفي بإبداع فكر فريد فقط، بل إنه يستمتع بمزاولة الفكر نفسه ويجد لذة في كل فكرة ذكية وكل حل لمشكلة، وهو الوحيد القادر على الاستمتاع الكُلي بالأعمال العظيمة لسابقيه، كل هذا يمثل عزاءً لحياة العباقرة التي غالبًا ما تكون مليئة بالوحدة والتعاسة، ولكن هذا لا يعني أن على العبقري التواضع لأن التواضع يناقض العبقرية.
على الرغم من ابتعاد شوبنهاور عن الرفقة البشرية فإنه يؤكد إعجابه بالجنس البشري الذي أبدع تراثًا هائلًا من العلوم والفنون، وحافظ عليه، وإن كان يُخطئ الجنس البشري أحيانًا بتعظيم شيء ما واتخاذ هذا التعظيم لمنحى خاطئ؛ كالبحث وراء الحياة الشخصية لأعظم المفكرين وإطلاق الأحكام عليها، لكن في النهاية يبتغي العبقري الوصول إلى أعظم درجة من صفاء البصيرة لإزاحة الظلام عن الوعي الإنساني، وهو لا يفعل ذلك أملًا في الإعجاب، وإنما يرغب في جعل عمله تراثًا للجنس البشري كله.
الفكرة من كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
يكشف هذا الكتاب عن جانب مُختلف من الفيلسوف المتشائم شوبنهاور، وهو جانب الناقد الأدبي، وإن لم يخفت تشاؤمه وحِدَّته، ويحلِّل شوبنهاور في هذا الكتاب المشهد الأدبي من خلال ثمانية محاور تُمثِّل دليلًا لأي كاتب أو ناقد يرغب في التفوُّق لأن هذه المحاور ما زالت تبلغ نفس الدرجة من الأهمية الآن كما كانت وقت كتابتها.
مؤلف كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
آرثر شوبنهاور: فيلسوف ألماني وناقد أدبي، اشتهر بآرائه وفلسفته التشاؤمية، ودرس الفلسفة بجامعة جوتنجن، ثم انتقل إلى جامعة برلين حيث حصل على درجة الدكتوراه عن رسالته المُعنونة: “الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي”.
من مؤلفاته: “فن أن تكون دائمًا على صواب”، و”العالم إرادةً وتمثلًا” و”فن العيش الحكيم”.
معلومات عن المترجم:
شفيق مقار: كاتب وباحث وصحافي وإذاعي مصري نشرت كتاباته في مختلف العواصم العربية، وبُثَّت برامجه الإذاعية من القاهرة ولندن.
من ترجماته: “أبناء وعشاق”، و”الأم شجاعة وأبناؤها”.