صباه ونشأته
صباه ونشأته
نشأ الطبري في مدينة أمل بإقليم طبرستان عام 224 هجريًّا، كان خليفة المسلمين آنذاك المعتصم بالله الخليفة العباسي، وقد ظل الطبري على علاقة وثيقة مع أهل إقليم مولده طبرستان حتى آخر حياته، إذ أرسل إليهم رسالة يفصل فيها ما عليه مذهبه ومعتقده حينما كانت طبرستان محلًّا لكثير من الطوائف العقدية كالخوارج والمعتزلة والشيعة، وكان الطبري كثير الدفاع عن أبي بكر وعمر وهو ما سبب له المتاعب مع الشيعة في عصره.
لم يصل إلينا نسب الطبري على وجه الدقة إلا من جهة أبيه وهو مما لم يصل إلينا كاملًا أيضًا، فمن المؤكد أن جد الطبري كان اسمه يزيد لأنه ذكر ذلك في أحد مصنفاته، واختلف في جده الذي يليه فقيل كان اسمه كثير بن غالب وقيل خالد، وما يهمنا من هذه النقول كون هذه الأسماء عربية مما قد يجعلنا نرجح أن جدود الطبري كانوا من الغزاة المسلمين الفاتحين لهذه الأقاليم وما حولها ثم أقاموا في طبرستان بعد ذلك.
وهناك من ادعى نسبة الطبري إلى الشيعة بناءً على بعض الأبيات التي أوردها الشاعر أبو بكر الخوارزمي التي تحدثت عن علاقة الشاعر بمن أسماهم بني جرير، وأنه يفتخر بكونهم شيعة روافض، رغم ذلك فإن المعرفة التي وصلت إلينا حول آل الطبري لا توحي بوجود مثل هذه العلاقة بينهم وبين الخوارزمي، ومما رجحه ياقوت الحموي أن ذلك أحد الافتراءات من الحنابلة لتأكيد وصفهم إياه بالتشيع، وسيأتي الحديث عن الخلاف بينهم وبينه فيما بعد.
كان جرير والد الطبري من ذوي الأملاك إلا أنه لم يكن ثريًّا، وكان يرسل إليه النفقة في أثناء رحلته في طلب العلم وهو مما أعان الطبري في أثناء رحلته وساعده على عدم الانشغال بكسب المعاش، وعندما كانت تأتي النفقة للطبري كان يستغل هذه المناسبة لتقديم بعض الهدايا للأصدقاء، ولأن الطبري كان يعتمد على هذه النفقة بشكل أساسي لعدم وجود مصدر دخل إضافي، كان عندما تتأخر عليه النفقة يضطر لبيع بعض ما يملك كبيعه لأحد أكمام ملابسه التي كانت صفة لباس العلماء في مصر آنذاك.
ظهر على الطبري النضج في سنٍّ مبكرة وكان الصبيان يعاملونه معاملة الرجال، حفظ القرآن عن ظهر قلب في السابعة وكان يؤم المصلين ولم يبلغ الثامنة وكتب الحديث عند التاسعة.
غادر الطبري إقليم طبرستان وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت الرحلة في طلب العلم هي دأب كل من أراد الترقي في معرفته بالدين في هذا العصر وما قبله.
الفكرة من كتاب الطبري حياته وآثاره
هذا الكتاب هو مقدمة فرانز روزنثال التي افتتح بها ترجمته الإنجليزية لمصنف تاريخ الطبري، وتعتبر هذه المقدمة سيرة ذاتية للطبري جمعها روزنثال وكان يتمنى لو وضعت هذه السيرة الذاتية في كتاب مستقل، ولكن لم توافق اللجنة الموكلة بترجمة كتاب تاريخ الطبري على فعل ذلك.
يتضمن هذا الكتاب سيرة مفصلة للطبري الذي يعتبر من أكثر علماء الإسلام تصنيفًا وشهرة، والذي رغم ذلك لم توجد له سيرة ذاتية بمثل هذه الدقة في البحث والرواية مثل المقدمة التي أوردها له روزنثال، يتضمن الكتاب الحديث عن كيف كانت نشأة الطبري، وكيف كانت حياته، ورحلته العلمية وأبرز مصنفاته.
مؤلف كتاب الطبري حياته وآثاره
فرانز روزنثال: ولد عام 1914م لعائلة يهودية في برلين، تلقى تعليمه في برلين ثم التحق بجامعتها حيث درس اللغات والحضارات الشرقية، كما تتلمذ على أيدي كبار المستشرقين الألمان، غادر ألمانيا قبيل الحرب العالمية الثانية بسبب خطر داهمه من السلطة إلا أنه فقد كل أثر لعائلته الذين لقوا مصرعهم، استقر في الولايات المتحدة وكان رائدًا من رواد الاستشراق الأمريكي، ومن أهم إسهاماته:
ترجمته لمقدمة ابن خلدون.
ترجمته لتاريخ الطبري.
معلومات عن المترجم:
الدكتور أحمد العدوي: باحث ومؤرخ ومترجم مصري، يعمل أستاذًا مساعدًا للتاريخ الإسلامي في إحدى جامعات تركيا، ترجم العديد من الكتب مثل: كتاب نشأة الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي، وكتاب قصة الورق: تاريخ الورق العالم الإسلامي.