هوليود بين الترفيه والبروباغاندا
هوليود بين الترفيه والبروباغاندا
بدأت هوليود على يد المخرج “سيسل بي ديميل” عندما اختار ضاحية هادئة من ضواحي لوس أنجلوس تسمى هوليود، لتصوير فيلم (الكاوبوي) الصامت (رجل المرأة الهندية)، وحينها لم يكن يخطر ببال أحد أنها ستصبح عاصمة أضخم صناعات العالم الحديث، إذ تبلغ مبيعاتها كل عام ما يقرب من 85 مليار دولار، خلافًا عن كونها أهم أذرع الدعايا الموجهة (البروباغاندا) لمصلحة الطرف الأقوى.
وقد بدأ تحول هوليود من كونها وسيلة للترفيه إلى ساحة للصراع، بعدما تخلت عن القوانين التي وضعتها السلطات الأمريكية في نهاية العشرينيات لتنظيمها، كحظر مشاهد الإغراء والألفاظ السوقية، فباتت تخضع لقواعد السوق الصارمة، وتتأثر بالحركات الاجتماعية والتقلبات السياسية والفكرية والاكتشافات العلمية، فصارت بهذا البيئة الخصبة لغرس بذور الثقافة الأمريكية وتصديرها إلى العالم كله، مما حولها إلى محط أنظار المهتمين بالتأثير والتغيير فضلًا عن تحقيق المكاسب المالية!
وقد كان للصهاينة السبق في الدخول إلى هوليود، مما ساهم في إلغاء تلك الصورة المرسومة لهم في الأذهان على مر العصور وتصويرهم بالشعب المُسالم، وبعد عامين من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م أُطلقت مجموعة من الأفلام الهوليودية التي ترسخ فكرة الهجرة إلى أرض الميعاد (فلسطين) وتروج للأساطير اليهودية.
ومن أهم هذه الأفلام فيلم “الحاوي”، وهو أول فيلم يُصور على أرض فلسطين، مصورًا إياها بالوطن الوحيد لليهود الناجين من محارق ألمانيا النازية، وفيلم “الخروج” للمخرج الصهيوني “أوتو بريمنجر” الذي شبه الفلسطينيين بالهنود الحمر الذين استحقوا الإبادة على يد الأمريكيين، ممهدًا الطريق لتشويه صورة العرب.
وأطلق الفيلم الكوميدي “لا تعبث مع زوهان | Don’t mess with Zohan” الذي يقدم فيه المؤلف نظرته الخاصة للسلام بين الفلسطينيين والصهاينة، مصورًا أن الحل الوحيد للسلام هو التخلي عن العنف، فالاستمرار فيه لن يزيدهم إلا إخفاقًا، فهم المعتدون على أرض اليهود وهم المستمرون في طريق الإرهاب حتى نهايته، وهم قبل كل شيء ليسوا سوى حمقى شهوانيين مثيرين للسخرية!
ولم يكتف الصهاينة بدعم كيانهم من خلال الأفلام، بل نظم بعضهم بقيادة (جيري لويس) مظاهرات، رافعين خلالها شعارًا في غاية الوضوح هو “ادفع دولارًا.. تقتل عربيًّا”!
الفكرة من كتاب ضريبة هوليود: ماذا يدفع العرب والمسلمون للظهور في الشاشات العالمية؟
ألم تتساءل يومًا كيف تخطت هوليود حدودها الجغرافية وصارت من أبرز ملامح العولمة الثقافية التي نعيشها الآن، بل منحت الطرف الأقوى والاقتصاد الأضخم الحق في فرض وجهة نظره وفلسفته على الآخرين بما يحقق مصالحه الخاصة!
سطر الكاتب إجابة هذا السؤال الذي قد يكون تبادر إلى ذهنك عندما شاهدت أحد أفلامها، كما أضاف تاريخ دخول العرب والمسلمين إليها والأفلام التي شاركوا بها، وكيف أثرت أدوارهم من ممثلين ومنتجين ومخرجين في تكوين صورة لنا في أذهان الغرب، مشيرًا إلى الضريبة التي ينبغي أن تُدفع للدخول إلى هوليود، وهل أنت بوصفك مشاهدًا لهذه الأفلام تدفع ضريبة أيضًا.
مؤلف كتاب ضريبة هوليود: ماذا يدفع العرب والمسلمون للظهور في الشاشات العالمية؟
أحمد دعدوش: كاتب وباحث ومخرج سوري، حاصل على دراسات عليا في الاقتصاد وليسانس في الفلسفة والعقيدة، عمل صحفيًّا وباحثًا لعدة جهات في الدول العربية، كما أخرج العديد من البرامج والأفلام الوثائقية، اشتهُر بنقده للحركات النسوية وما يصفه بالإلحاد الروحي أو الروحانيات الشيطانية، ويعتبر من أبرز من أوضح حقيقة هذه الحركة وتعارضها مع الإسلام، وتتمثل في اليوجا والعلاج بالطاقة والتنمية البشرية وغيرها من التطبيقات المعاصرة، ويشرف حاليًّا على موقع السبيل.
ألَّف عددًا من الكُتب المختصة بالقضايا الفكرية والإعلامية، منها:
قوة الصورة.. كيف نقاومها؟ وكيف نستثمرها؟
المغالطات المنطقية في وسائل الإعلام.
مشكلة الزمن من الفلسفة إلى العلم.
مستقبل الخوف.