وحشية الجمال.. الزهور ضحايا الفن
وحشية الجمال.. الزهور ضحايا الفن
منذ البداية أسبغ البشر على الورود مشاعرهم، عرفوها في الحب والحرب، لم تفارقهم في موتهم، ولم يخفوا عنها جانبهم الحيواني كذلك، لكن تمادى الغربيون أكثر كالعادة، ومع تلك الأطنان من الزهور التي تزين قاعات احتفالهم، يكون آخر ما يتبادر إلى ذهن رائيها هو الجمال، وبمجرد انتهاء استخدامها، تنتقل تلك الزهور إلى القمامة، هنا يمكننا التغاضي عن معلمي الزهور الشرقيين، فهم في النهاية يختارون ضحاياهم بعناية، وقد اعتنى اليابانيون بكل ما يخص الزهور، وفضل بعضهم مشاهدة الجمال في موطنه بدلًا من اجتثاثه، لكن منذ البداية لم يحبذ التاويون هذه العواطف المثالية، فاختاروا الزهور ضحايا للجمال، ومن هنا انبثقت طائفة معلمي الزهور بداخل جماعة معلمي الشاي.
يستاء معلمو الزهور اليابانيون من أنفسهم عندما يقطفون كمية غير ضرورية. وعندما يضيفون الزهور إلى غرفة الشاي، توضع كعنصر أساسي للغرفة، دون تشتيتها بأي عمل فني آخر، وعندما تذبل، يسلمها المعلم مرة أخرى إلى الطبيعة، إلى التراب أو النهر. ورثت طائفة منسقي الزهور جميع مبادئ الشايّية، بل كان معلمو الشاي الكبار منسقي زهور كذلك، وعبرت رمزيات التاوية أيضًا إلى هذا الفن، فلا تعد مجموعة الزهور حية إلا إذا عبرت واحتوت عناصر الحياة كلها، ودون ذلك تكون قاحلة. انقسمت بعد ذلك طائفة معلمي الزهور إلى المدرسة الطبيعية الممتدة من معلمي الشاي والتاوية،
والمدرسة الشكلانية التي جنحت أكثر إلى المثالية واهتمت بتنسيقات الزهور وإعادة تصميمها، لم يستطع الشكليون مجابهة الطبيعية بقيادة معلمي الشاي، فهم عندما يختارون الزهور الخاصة بفصل ما ويضعونها في حجرة الشاي، يقصدون إضافة حميمية إلى الغرفة، لمسة نهائية تتحدى بها هذه الزهور مثالية الموت.
الفكرة من كتاب كتاب الشاي
لقد أصبح الشاي مشروبًا عالميًّا منذ عبوره الى أوروبا في القرن السابع عشر بوصفه شرابًا لعلية القوم، وبالنسبة إلى إنسان من عصرنا، يعد الشاي مشروبًا استهلاكيًّا مثله مثل الكولا، سواء في تجهيزه بغلي أكياسه البلاستيكية، أو بالصورة النمطية التي دأبت الميديا على تقديمه فيها، كمشارك في الجو المثالي الذي تجتمع فيه العائلة ويعبق الجو بالدفء، كل هذه الصور ربما تتعلق بالثقافة الغربية للشاي، دون الإشارة إلى قيمه الشرقية.
في هذا الكتاب لم يهتم المؤلف بالشاي من الناحية التقنية، كما اعتاد العصر الحديث أن يركز عليه، لكن يحاول إعادة تقديم فلسفة حضارته التي شوهتها النماذج، عبر إعادة إحياء واستعادة هذا العامل الذي خُفف للغاية حين أصبح مشتركًا.
مؤلف كتاب كتاب الشاي
أوكاكورا كاكوزو: ولد في يوكوهاما عام 1862 م، في عائلة من الساموراي، درس في جامعة طوكيو، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عمل قيمًا على القسم الياباني في متحف بوسطن للفنون الجميلة، وتوفي عام 1913 م.
معلومات عن المترجم:
سامر أبو هواش: كاتب وشاعر ومترجم فلسطيني، ولد في صيدا بجنوب لبنان عام 1972 م لعائلة فلسطينية، درس الصحافة في كلية الإعلام بجامعة لبنان، وعمل في العديد من المجلات الثقافية اللبنانية، ترجم العديد من الأعمال الهامة ومنها:
اختراع العزلة، بول أوستر.
الحب كلب من الجحيم، تشارلز بوكوفسكي.
33 استراتيجية للحرب، روبرت غرين.
أكثر من طريقة لائقة للغرق، سيلفيا بلاث.