التاو والزن.. تجريد الشاي
التاو والزن.. تجريد الشاي
علاقة مذاهب التاو والزن مع الشاي وثيقة للغاية، وقد ارتبطت أسماء مؤسسيها بوثائق وأحداث مع الشاي، لكن الترجمة أهملت العديد من التفاصيل، إما بسوء الفهم وإما بنقص المعرفة، تعبر التاوية والزن عن النزعة الفردية، والانفصال الحاد بين هاتين الفلسفتين في الجنوب، والكونفوشيوسية الشمالية ذات الروح الجماعية، ليس اختلافًا غريبًا على بلد شاسع كالصين، فيمكننا ملاحظته في شعر وأدب الجماعتين قبل عصر الدولة الموحدة، عارض أتباع التاو الأخلاق الجماعية للمجتمعات، وصوروها كأنها قيد يكبلها ويمنعها من النمو،
إذ يتمثل النمو لديهم كتغير وتحسن، وما الأخلاق سوى عادات ثابتة اتفق عليها المجتمع في وقت احتاج فيه إلى هذه العادات، وثبوت أخلاق المجتمع يعني توقفه عن المضي قدمًا. لا يؤمن التاويّون بعلاقة بين الماضي والمستقبل، ويعتبرون الحاضر واقعًا منفصلًا عنهما يمكن التعامل معه بالتكيف فقط، على العكس تمامًا من الكونفوشيوسية، تبحث التاوية عن الجمال في الحياة وتتكيف مع الواقع، وتحاول أن تجعل الأخلاق كذلك.
لكن ماذا لو كانت الحياة بالفعل قاتمة، ماذا سيفعل التاويون؟ سيعودون مرة أخرى إلى التناسب؛ تزعم التاوية أن البشر بإمكانهم إيجاد المزيد من المتعة في حياتهم عن طريق المحافظة على الانسجام بين العناصر من حولهم، وضبط أنفسهم في وسط هذه العناصر، وبذلك لا يختفي المجتمع بالكامل، ويحتفظ كل فرد بنسبيته تجاه الحياة، ورثت الزن التاوية وأصرت على كل تعاليمها، واعتمدت النسبية أيضًا طريقةً للنظر إلى الواقع، فما الحقيقة في نظر الفلسفتين سوى مجموعة من المتناقضات، وطريقهما الوحيد نحو السعادة في الحياة، يكون باحتواء هذه المتناقضات معًا.
الفكرة من كتاب كتاب الشاي
لقد أصبح الشاي مشروبًا عالميًّا منذ عبوره الى أوروبا في القرن السابع عشر بوصفه شرابًا لعلية القوم، وبالنسبة إلى إنسان من عصرنا، يعد الشاي مشروبًا استهلاكيًّا مثله مثل الكولا، سواء في تجهيزه بغلي أكياسه البلاستيكية، أو بالصورة النمطية التي دأبت الميديا على تقديمه فيها، كمشارك في الجو المثالي الذي تجتمع فيه العائلة ويعبق الجو بالدفء، كل هذه الصور ربما تتعلق بالثقافة الغربية للشاي، دون الإشارة إلى قيمه الشرقية.
في هذا الكتاب لم يهتم المؤلف بالشاي من الناحية التقنية، كما اعتاد العصر الحديث أن يركز عليه، لكن يحاول إعادة تقديم فلسفة حضارته التي شوهتها النماذج، عبر إعادة إحياء واستعادة هذا العامل الذي خُفف للغاية حين أصبح مشتركًا.
مؤلف كتاب كتاب الشاي
أوكاكورا كاكوزو: ولد في يوكوهاما عام 1862 م، في عائلة من الساموراي، درس في جامعة طوكيو، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عمل قيمًا على القسم الياباني في متحف بوسطن للفنون الجميلة، وتوفي عام 1913 م.
معلومات عن المترجم:
سامر أبو هواش: كاتب وشاعر ومترجم فلسطيني، ولد في صيدا بجنوب لبنان عام 1972 م لعائلة فلسطينية، درس الصحافة في كلية الإعلام بجامعة لبنان، وعمل في العديد من المجلات الثقافية اللبنانية، ترجم العديد من الأعمال الهامة ومنها:
اختراع العزلة، بول أوستر.
الحب كلب من الجحيم، تشارلز بوكوفسكي.
33 استراتيجية للحرب، روبرت غرين.
أكثر من طريقة لائقة للغرق، سيلفيا بلاث.