العصور الوسطى
العصور الوسطى
انقسمت الإمبراطورية الرومانية، فكان في غربيِّها أوربا، وأما شرقيّها فخضع لحكم المسلمين، كانت أوربا في عهد العصور الوسطى، خاضعة للنظام الإقطاعي وهو نظام أساسه أن الملك مفوض من الله في حكم البلاد وامتلاكها، فله الحق أن يقطع ما شاء من مواردها لمن شاء، وكانت الكنيسة ورجال الدين أول المستفيدين من هذا النظام فأغرقوا أوربا في متاهات مظلمة، استطاعت فرنسا، باعتبارها أولى الدول، الانفكاكَ عن هذا النظام، بأن حدت من سلطتي الكنيسة ونفوذ السادة، ولم تلبث الدول الأخرى أن حذَت حذوها، حتى انتهى العهد الإقطاعي بضرب النقود في القرن الرابع عشر،
مقلدين بذلك الرومان في النقش على العملة، واتخاذ عيارها، لكنهم تأثروا بشكل أكبر بالحضارة الإسلامية فنجد في جنوب إيطاليا على سبيل المثال، نقشهم على العملة الذهبية بالخط الكوفي، واتخذت فرنسا من الدينار الإسلامي معيارًا لعملتها الذهبية ECU من حيث الوزن والعيار.
كما أثرت الحروب الصليبية في تدهور النقود وفساد النظم المالية، إذ إن الحروب العالمية لا يقف تأثيرها عند المتحاربين بل تتعداهم إلى البلاد التي لم تدخل الحرب، إذ أصيبوا جميعًا بالتضخم، مما أدى إلى وقوع أوربا في أزمة طاحنة أدت إلى ارتفاع أسعار المحاصيل والمصنوعات فقرروا أن يجتمعوا في مؤتمر “جَنَوَه”، وقد اتفقوا على أن يكون الذهب هو الأساس الذي يجب أن تعتمد عليه النقود لتثبُتَ الأسعار وتنشط العقود والتجارات الخارجية.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.