التشكيك في المعرفة السابقة حول الدم
التشكيك في المعرفة السابقة حول الدم
ظهر في القرن السابع عشر أشخاص سمُّوا أنفسهم “الفضوليين”، واتجهوا إلى عدم تصديق أي فكرة إلا بعد اختبارها تجريبيًّا، وقد كانت إسهاماتهم تمهيدًا لعمل دوني، ففي عام ١٦٢٤ نفى الطبيب والجراح الإنجليزي ويليام هارفي تصوُّر جالينوس لسريان الدم، الذي استمر الاعتقاد به لسنوات طويلة، وكان يتضمَّن سريان الدم في الجسم في اتجاه واحد من الكبد إلى الأطراف، لكن هارفي بَيَّن أن الدم يسري في دورة مستمرة، ونتج عن نشر أفكاره معارضة قوية، لأن ذلك يتنافى مع مراجع الطب، ويُذكر أنه أجَّل نشر أفكاره بضع سنوات خوفًا من ذلك، وقد انخفض بالفعل عدد المرضى المتردِّدين عليه وانتشر عنه أنه أحمق.
شكَّكت فكرة الدورة الدموية في المعرفة السابقة عن طبيعة الدم ووظائفه، واتجه علماء أكسفورد لدراسة حقن الدم ونقله، وبدأ العالم فرانسيس بوتر في عام ١٦٣٩ دراسة نقل الدم من حيوان إلى آخر، فبدأ بسحب الدم من دجاجة وحقنه في أخرى، ولكنه وجد صعوبة في استخراج الدم وأيضًا تجلَّط قبل نقله، وبعد وفاته بدأ العلماء في تجريب حقن محاليل في مجرى الدم، ويُعدُّ بويل من أهم رواد هذا المجال.
قام بويل وعالمان آخران (رين وويلكنز) بأول تجربة حقنوا فيها كلبًا بنبيذ مذاب فيه أفيون، وقد افترضوا أن الحقن يمكن أن يكون طريقة مفيدة لإدخال المواد العلاجية إلى الدم، وتبع ذلك عدة تجارب.
بعد نجاح حقن الخمور في الحيوانات انتقل العلماء إلى تجريبها على الإنسان، وبدأ ريتشارد لوور بدعم من رين وبويل في دراسة حقن المواد الغذائية، وفي عام ١٦٦٢ طرح فكرة زرع أنبوب دائم يُدخِل السوائل إلى جسم المريض بدلًا من فَتْحِ جرح جديد في كل مرة، ثم انتهت قصة نقل الدم في إنجلترا بعودة لوور إلى بلده كورنوول، وأصبحت إنجلترا مهدَّدة بفقد مكانتها الريادية في البحث في مجال الدم لاهتمام علماء آخرين في قارة أوروبا بالبحث في المجال.
الفكرة من كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
قبل أن نبدأ بقراءة القصة، لنتعرَّف على بطلها.. جون باتيست دوني.. طبيب فرنسي، ولد عام١٦٤٠ في أسرة من طبقة النبلاء، كان والده كبير مهندسي الملك لويس الرابع عشر، وقد حصل دوني على بكالوريوس اللاهوت، ثم درس الطب في مونبلييه،كما حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات، وشغل منصب أستاذ الرياضيات والفلسفة الطبيعية، وتمثِّل الرياضيات والفلك أكثر اهتماماته، أما الطب فقد كان هواية له.
انتقل دوني إلى باريس عام ١٦٦٤، وبدأ حياته الأكاديمة، وأصبح لديه مكانة بصفته أستاذًا جامعيًّا، وكان شابًّا ذكيًّا ومهتمًّا بتناول القضايا الجدلية، وحقَّقت محاضراته شهرة واسعة، وامتلأت بالحضور، وكانت الشهرة وجمع الأموال من أهدافه.
فهل تحققت تلك الأهداف؟ وما علاقتها بنقل الدم؟ لننتقل إلى القصة ونرَ..
مؤلف كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
بيت مور: أكاديمي وكاتب علمي وصحفي ومدرب، ولد في أبينجدون بأكسفوردشاير، درس علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية لحيوانات المزرعة، وحصل على درجة الدكتوراه في الفسيولوجيا، ومن الدوريات العلمية التي يكتب فيها: Nature وNew Scientist، شغل منصب رئيس رابطة الصحفيين الطبيين في إنجلترا، وعمل كذلك في كلية أوكلاند وكلية لندن، وأسَّس منظمة ThinkWrite لتدريب الأشخاص على الكتابة، كما حصل على العديد من الجوائز عن أعماله الصحفية العلمية، وظهر إعلاميًّا في مقابلات على قناة BBC وفي محطات إذاعية دولية متعدِّدة.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن مجدي: مترجم؛ حاصل على ليسانس الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وملتحق بالدراسات العليا في الترجمة الفورية والتحريرية بكلية الألسن، قام بترجمة العديد من الكتب في المجالات المختلفة، ومنها: “الإعلام والنشء: تأثير وسائل الإعلام عبر مراحل النمو”.