مشاعر طبيعية
مشاعر طبيعية
أحيانًا ننسى أو نتناسى أن لأبنائنا نفوسًا بشرية تغضب وتفرح وتحزن وتغار، والأخيرة هي ما نريد التركيز عليها هنا، فمشاعر الغيرة عند الأبناء كصفارة الإنذار بالنسبة للآباء والأمهات، لأنهم يترجمون تلك المشاعر على أنها تقصير منهم في العدل والمساواة بينهم، وهم لا يعلمون أن ذلك مُحال وغير مُستطاع، فكما أن مشاعر الأطفال بشرية فكذلك الآباء والأمهات لا بد أن يكون لأحد أبنائهم مكانة معينة وللآخر مكانة أخرى، ولهذا ميزة ولذلك ميزة أخرى، وهذا في الحقيقة ما يود الأطفال تلبيته وما يحتاجونه من أهليهم، فمشاعر الغيرة التي غالبًا ما تكون ثمرتها الخلافات والعراك المستمر يكون غرضها معرفة مكانتهم الخاصة عند أهليهم، وتطبيق مبدأ المساواة في النهاية لن يرضيهم أيضًا، لأن المساواة لا تلبي احتياجات الأطفال المختلفة، فلا يُمكن المساواة بين طفل الخامسة وطفل السابعة، ولن يُرضيهما ذلك، وسيشعر طفل السابعة بالظلم عند مساواته بطفل الخامسة في النوم مبكرًا مثلًا!
علينا أن نتقبَّل أيضًا فكرة العراك والشجار بين أبنائنا، وأنها تعد عملية طبيعية لنموهم وتوطد العلاقة بينهم إذا خرجنا وابتعدنا كآباء وأمهات عن الصورة وكنا محايدين تمامًا حتى لا نُشعل مشاعر الغيرة والثأر فيما بينهم، ويمكننا أن نكون وسطاء بينهم لكن من غير تحيز لأحدهم على حساب الآخرين، ومع الوقت سنجد أن هذه الشجارات تشتعل سريعًا نعم، لكن ما تلبث أن تخمد وتنطفئ ثم تعود وتشتعل ثم تخمد، وهكذا.
ولادة طفل جديد أيضًا من الأمور التي يُمكن أن تشعل غيرة بعض الأبناء، وقد يتفاقم الأمر إلى الاعتداء أو الضرب للمولود الجديد، أو إلى سلوكيات غير سوية كالتبول اللاإرادي مثلًا بالنسبة للطفل السابق، وهذا في حالة إذا لم يتم تهيئة وإعداد الطفل الأكبر لهذا الحدث الكبير بالنسبة له، والذي يظن أنه سيخطف منه الأضواء والاهتمام، فكلما احتويناه وتفهَّمنا مشاعره مرت هذه التجربة بسلام على جميع الأطراف، وهذا ماينتظره الطفل.
الفكرة من كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
لا تضمن لنا الحياة بمجرد الزواج والإنجاب أن نصبح آباء وأمهات صالحين وربما مثاليين، بل علينا أن نتعلم ونجتهد ونطبِّق ونقيِّم في عملية مستمرة ودوام كامل، ويستغرق ذلك سنوات طويلة نحتاج فيها إلى التحلِّي بالصبر والحكمة، ففي ظل دعوات هدم الأسر والعزوف عن الزواج والإنجاب نحتاج أن نخرج بنماذج أسرية ناجحة بنفوس سوية تعيد إلى الأسرة مكانتها المركزية في المجتمع.
يقدِّم لنا هذا الكتاب بعض المساعدة في عملية التربية.
مؤلف كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
سلوى المؤيد: بحرينية الأصل، درست الصحافة بجامعة القاهرة، ثم احترفت هذه المهنة من خلال عملها بوزارة الإعلام البحرينية كصحفية محترفة، ثم ككاتبة حرة في مختلف المجلات والصحف البحرينية والعربية، وكتبت في مواضيع مختلفة اجتماعية وتربوية وقصص ونحو ذلك، إلى جانب هذا الكتاب قامت بنقل كتاب “أب الدقيقة الواحدة” إلى اللغة العربية، كما كتبت قصة والدها الذاتية، وهو أحد أهم رجال الأعمال الحرة في البحرين.