الدواعي الخطيرة للانفتاح على المجتمع
الدواعي الخطيرة للانفتاح على المجتمع
اختلف المصريون في تقبلهم لسياسة الانفتاح، فهناك فئة كبيرة رفضته، على الرغم من تحقيقهم مكاسب شخصية من خلاله، لرغبتهم في الحفاظ على ثقافة مصر من سلبيات الانفتاح، الذي فتح الباب أمام التأثر بالغرب وانهيار القيم، والذي ألحق ضررًا كبيرًا بالفقراء ومحدودي الدخل. وهناك اقتصاديون أيدوا الانفتاح ولكن بشرط ضبط سياساته ووقف التسيب الاقتصادي وسيطرة الاستثمارات الأجنبية على قطاعات الدولة، التي ضيّعت على مصر العديد من الفرص لتنمية الزراعة والصناعة والقطاع الخاص الوطني، وتلك الفئة الأخيرة يمتلك معظمها رؤية هادفة ويشغلون مناصب رفيعة في مؤسسات دولية وخليجية، والأجدر بمصر أن تستفيد من هؤلاء النوابغ، ومنهم الاقتصادي العظيم “علي الجريتلي” وهو أحد الاقتصاديين المقربين من الرئيس مبارك، وحذّر من عدم تشديد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية ومن التطور التكنولوجى العالى التكلفة، كما نادى بالمساواة في التضحية للحد من التفاوت الكبير في الدخول، ولكن مع الأسف لم تؤخذ أفكاره بعين الاهتمام.
وقد شبّه جلال أمين مساوئ الانفتاح والاستثمارات الأجنبية التي تدفقت بشدة في قطاعات الدولة المختلفة بطوفان الفئران، الذي اجتاح مصر عام ١٩٨٢ وقضى على الأخضر واليابس، وتبعها انتشار الفساد وسوء توزيع الدخول وتراكم الثروات وانتفاع البعض على حساب البعض الآخر والتهرب الضريبي، مما أدى إلى ظاهرة خطيرة هي الصعود المفاجئ لفئة من المواطنين من الفقر الشديد إلى الثراء الفاحش، كما حدث مع عامل المحارة الذي امتلك فجأة عمارتين يصل سعر كل منهما إلى مليون جنيه، إحداهما كانت عمارة مصر الجديدة الشهيرة التي سقطت في الثمانينيات بسبب الإهمال وقلة الضمير.
الفكرة من كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
إذا رمزنا إلى الدولة بمثلث ذي أضلع ثلاثة، فإن هذه الأضلع ستكون السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكل ضلع يؤثر في الضلع الآخر، ولأن السياسة هى المحرك الأساسي فإنها تؤثر في الاقتصاد الذي يمتد تأثيره في المجتمع، لذلك يتطلب صنع السياسات الاقتصادية سياسيين ذوي رؤية مستقبلية ومبدأ ينير لهم طريق الإصلاح، فإذا صلحت السياسة العامة للدولة صلح الاقتصاد، ومن ثم يسود مناخ اجتماعي مستقر وهانئ.
هنا يأتي دور الكتاب في مناقشة وتحليل السياسة العامة في عصر الانفتاح وتأثيرها في الاقتصاد والمجتمع، وهل كانت السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت ناجحة أم فاشلة؟ وكيف كان تأثير الانفتاح في هيكل المجتمع المصري؟ كل هذه التساؤلات وأكثر سنجيب عنها هنا في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
جلال أمين: هو عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، ولد عام 1935، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن. شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1965، ثم عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية عام 1978، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتوفي عام 2018.
من أشهر مؤلفاته: “ماذا حدث للمصريين؟” “كتب لها تاريخ”، “المثقفون العرب وإسرائيل”، و”قصة الاقتصاد المصري”.