مِنه وإلِيه
مِنه وإلِيه
يعتمد هذا الفصل على بناء تواصل خاص بين الطفل وذاته، فإن الطفل الذي يُعاني من فقدان الثقة بنفسه لا تعني نجاحاته له شيئًا، وإنما يصاب بالإحباط الدائم مع أقل خطأ، ويمكن تصوير العقل على أنه عجلة (عجلة الوعي) مع وجود محور لها وهو الطفل، وتمثِّل هذه العجلة المشاعر، والرغبات، والأفكار والذكريات الخاصة بالطفل، وعندما تكون هذه الأمور واضحة أمام الطفل سيجد أنه يركِّز فقط على النقاط المثيرة للخوف والقلق لديه، مع إهمال جوانب شخصيته الأخرى، وقد لا تخفِّف هذه الطريقة بشكلٍ سريع من سعي الطفل للكمال، أو تعزيز ثقته بنفسه، وإنما هي أداة مساعدة للفت نظره إلى جوانب الحياة الأخرى التي يمكنه التركيز عليها، ويجب على الآباء مساعدة أبنائهم في التفرقة بين الشعور والكينونة، أي إن الشعور بالوحدة على سبيل المثال شعور عارض إلى زوال، ولا يعني ذلك أن يعرِّف نفسه على أنه شخص “وحيد”، هذه العجلة تساعد الأطفال على معرفة الخيارات المتاحة لديهم مما يمكنهم التركيز عليه، وتوجيه الانتباه له حتى في أكثر أوقاتهم يأسًا وإحباطًا، وكذلك يتغيَّر المخ فيزيائيًّا في حالة الانتباه المُركَّز، فعندما يوجِّه الطفل انتباهه بشكلٍ مركز إلى تجربة جديدة فهذا يغير من نشاط المخ وتركيبته، ويمكن تطبيق هذه النظرية والتعامل بها مع الطفل من خلال الاستراتيجيات التالية؛ الأولى: تعليمهم أن المشاعر تأتي وتذهب، فمن غير المنطقي الوقوف أسفل سيل المطر مدعيًا أنها لا تمطر،
وكذلك على الجانب الآخر ليس منطقيًّا التفكير أن الشمس لن تشرق مجددًا، فتعليم الأطفال أن المشاعر ما هي إلا حالات وليست سمات للخصية من أهم العوامل المساعدة على حياتهم بشكلٍ متزن أكثر مع أنفسهم بالأخص، والاستراتيجية الثانية هي: استراتيجية SIFT، والاتنباه لما يجري في الداخل، (Sensation الأحاسيس، Images الصور، Filings المشاعر، Thoughts الأفكار)، ويعني معرفة الطفل هذا كله من أجل دمجه بطريقة صحيحة، والثالثة: الرجوع إلى محور عجلة الوعي، ويأتي ذلك في المرحلة المقبلة لإدراك المشاعر والأحاسيس والأفكار، وهي أنهم ليسوا ضحايا لهذه الأشياء، وأن لديهم القدرة لاختيار شعورهم تجاهها، وهذا أمر صعب وغير فطري بالنسبة للأطفال لكنه يؤتي ثماره فيما بعد، ويمكن تطبيق هذه الاستراتيجيات فيما يخص الوالدين عن طريق طرح الأسئلة التي توجِّه الذهن عن عمد إلى نقاط أخرى داخل عجلة الوعي الخاصة بهم.
الفكرة من كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
هذا الكتاب رحلة داخل عقل طفلك وطريقة تفكيره، ويعتمد بشكلٍ رئيس على مدى إمكانية تطبيق الفلسفات التربوية وطرقها بمنأى عن التنظير البعيد عن الواقع، من خلال الاعتماد على المحاور الأساسية لعملية التربية (أنت وطفلك والآخرون)، ويكون ذلك التطبيق حاصِل طوال اليوم العادي بأنشطته المُتَوقَّعة وغير المُتوقَّعة، وهو يعدُّ بمثابة ساحة تربوية متكامِلة من خلال التمثيل المباشر، أو الوعظ الذي يصحبه قيمة حقيقية يُعاينها الطفل، ويدمج هذا الفهم والتعمُّق داخل دماغ الطفل محاولة الوالدين في تطبيق استراتيجيات المخ الكامل عليهما أيضًا في عملية تربوية شاملة، ومتكاملة.
مؤلف كتاب طفل المخ الكامل: 12 استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك
دانيال جيه. سيجل: طبيب وعالم نفس، وُلِد في الثاني من سبتمبر عام 1957م بالولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على دكتوراه في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، ويعمل مُحاضرًا في نفس الجامعة التي تخرج فيها.
تينا باين برايسون: مُعالِجة نفسية ومؤسسة لمعهد play strong الذي يدعم فلسفة المُعالجة النفسية باللعب، تخرَّجت في جامعة بايلور، وحصلت على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا.
اشتركا أيضًا في تأليف كتاب “قوة الحضور: كيف يشكل حضور الأبوين شخصية أطفالنا وطريقة تفكيرهم”.