كيف تقرأ ومتى؟
كيف تقرأ ومتى؟
تختلف الإجابة عن هذين السؤالين باختلاف السبب الذي نقرأ من أجله، وباختلاف الكتاب الذي نقرؤه، أو باختلافنا نحن، فهناك من يقرأ لمجرد التسلية أو المتعة، وهناك من يقرأ لأنه يجب عليه الدراسة والمذاكرة، وكذلك فإن اختلاف مادة الكتاب لها دخل، فكتاب في الكيمياء ستختلف طريقة قراءته عن كتاب قصصي، ولمعرفة كيف تقرأ؟ يجب أولًا أن تحاول جعل القراءة عادة، وهي لا يمكن أن تصبح عادة لمجرد أننا صمَّمنا على ذلك، بل ما دامت عقولنا قد اقتنعت بأن تجعلها كذلك، فعادة القراءة لا تنمو بالأمر أو العزم، بل هي استجابة طبيعية لحاجات النفس، التي تتعوَّد الإشباع بطريقة معيَّنة، وإن الاحساس بالرضا والمتعة يدفعنا إلى قراءة المزيد، وهذا ما ينمِّي لدينا عادة القراءة، لذلك من المهم البدء بقراءة ما يمتعك حقًّا كي تغريك تلك اللذة بالمزيد، فتتولَّد فينا الرغبة ويقوى الشغف، وحينها تصبح القراءة عادة لذيذة لا نريد تركها، كما يفضَّل أن تبدأ القراءة من عمر صغير حتى تعتادها تدريجيًّا، ولكيلا تضيع سنوات من عمرك ستندم بعد ذلك على عدم استغلالها في هذه المتعة اللذيذة.
أما إجابة سؤال متى أقرأ؟ فتأتي بعد تعوُّدك القراءة، وربما تقول إنك تحب القراءة ولكنك لا تجد الوقت الكافي لذلك، وإن شكوى ضيق الوقت محض شكوى زائفة، لأنك لو أردت فعلًا أن تقرأ لوجدت الوقت الكافي، بل أكثر حتى من الكافي، وذلك لأنك تقوم بأمور في حياتك تشغل بها وقتك، ثم تجعل لها الأولوية في التحكُّم في وقتك وتُنحِّي القراءة جانبًا، ويمكنك الاجتماع مع عدد من القراء لمناقشة كتاب أسبوعيًّا، فمثل هذه الحلقات تزيد من شغفك بالقراءة، وتجعلك تخصِّص لها مزيدًا من الوقت، وإن كنت لا تزال تشكو من ضيق الوقت يمكنك أن تحاول القراءة يوميًّا لمدة عشر دقائق، فالقارئ العادي يستطيع قراءة ثلاثمائة كلمة في الدقيقة الواحدة، ومعنى ذلك أنك تستطيع قراءة ثلاثة آلاف كلمة في عشر دقائق، وهكذا تستطيع في أسبوع قراءة واحد وعشرين ألفًا من الكلمات، أي بإمكانك قراءة كتاب صغير في أقل من أسبوع، وكتابًا متوسطًا في أسبوعين، وكتابًا طويلًا في شهر، وبهذا يمكنك قراءة نحو عشرين كتابًا في العام.
الفكرة من كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
هل تقرأ؟ وإن كانت إجابتك بنعم، فهل تقتصر قراءتك على قراءة الصحف اليومية؟ أحب أن أخبرك أن هذه ليست القراءة التي أقصدها، بل المقصود هنا هو قراءة الكتب، وإن كنت تقرأ الكتب، فماذا تقرأ؟ ولماذا تقرأ؟ وكيف تقرأ؟ وكيف تختار كتابًا لتقرأه؟ جميع هذه الأسئلة الكثيرة تدور في خلد العديد من الناس، ولا يقتصر الأمر على القراء فقط، بل حتى غير القرَّاء الذين يرغبون في البدء في القراءة، ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى ذلك.
ولذا جاء هذا الكتاب ليقدِّم لنا دليلًا عن كيف تنمِّي مهارة القراءة لديك، وتجعلها قراءة مثمرة، كما تحدَّث عن تاريخ الكتب والقراءة والمكتبات في العالم، وهذا الكتاب هو جهد من جهود التشجيع والحثِّ على القراءة، ونبراسًا يعينك على التغلُّب على مشاقِّها، ويضاعف متعتها والفائدة المكتسبة منها، وقد كان هذا الكتاب نتاج مؤتمر تعاون نحو سبعين معنيًّا بالأمر في كتابته، وقامت الدكتورة “سهير القلماوي” بترجمته، وأضافت إليه الكثير ليناسب القرَّاء في الوطن العربي.
مؤلف كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
سهير القلماوي : روائية وكاتبة ومترجمة وناقده أدبية وسياسية بارزة مصرية، كانت من أوائل السيدات اللائي ارتدن جامعة القاهرة، وفي عام (1941) أصبحت أول امرأة مصرية تحصل على الماجستير والدكتوراه في الآداب لأعمالها في الأدب العربي، وبعد تخرُّجها، عيَّنتها الجامعة كأول مُحاضِرة تشغل هذا المنصب، وكانت أيضًا من أوائل السيدات اللائي شغلن منصب الرؤساء؛ من ضمن ذلك رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة، ورئيسة رابطة خريجات جامعة المرأة العربية، كما نالت العديد من الجوائز مثل: جائزة مجمع اللغة العربية، وجائزة الدولة التقديرية، والدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية.
أصدرت العديد من المؤلفات والترجمات، ومن أبرز مؤلفاتها: “أحاديث جدتي”، و”ألف ليلة وليلة”، و”الشياطين تلهو”، و”ثم غربت الشمس”، و”ذكرى طه حسين”، أما عن ترجماتها فمن أبرزها: “ترويض الشرسة”، و”قصص صينية” لبيرل بك، و”هدية من البحر”، و”رسالة أيون” لأفلاطون.