تلاعب شركات الأدوية في نتائج الأبحاث
تلاعب شركات الأدوية في نتائج الأبحاث
أثبتت الإحصاءات أن التجارب التي تمولها شركات الأدوية تُفضي إلى نتائج إيجابية مبالغ فيها مقارنة مع نتائج التجارب المستقلة أو الحكومية، إذ قام مجموعة من الباحثين من جامعتي هارفارد وتورونتو ببحث نتائج عدَّة عقاقير شملت عقاقير من فئات مضادات الاكتئاب وقرحة المعدة، فوجدوا أن العقاقير التي كانت ممولة من شركات الأدوية كانت نتائجها إيجابية بنسبة 85%، بينما 50% من التجارب التي مولتها الحكومة كانت إيجابية، وهذا فارق ملحوظ جدًّا، وحتى يتم تجنب المصادفة والاحتمالات، ومن ثمَّ إصدار أحكام مُتحيِّزة، فإن الباحثين ابتكروا أسلوبًا عظيمًا عُرف باسم “المراجعة المنهجية”، وهو أسلوب يتبع المنهج العلمي في البحث عن الدليل العلمي، وهو ما يضمن أن يكون الدليل مستوفيًا وممثلًا قدر الإمكان لكل الأبحاث، وقد تبيَّن من خلال هذا الأسلوب المنهجي أن التجارب الممولة من قِبل شركات الأدوية تكون أكثر ميلًا أربع مرَّات إلى إعطاء نتائج إيجابية مؤيدة لعقاقيرها محل الاختبار، وهو ما يدعم القول بأن شركات الأدوية تعطي نتائج إيجابية تؤيد منتجاتها بخلاف الحقيقة.
ويحكي الكاتب موقفًا يؤيد ذلك فيقول: ذات مرة وصفتُ عقار “الريبوكستين” لأحد المرضى بالاكتئاب، إذ أردتُ أن أُجرِّب عقارًا جديدًا، وقد قرأتُ بيانات التجارب الخاصة بالعقار، فوجدتُ أن التجارب التي أُجريت عليه تبدو في ظاهرها نزيهة وجيدة، كما وجدتُ أنه مُعادل في الفاعلية لأي عقار آخر عندما أجريت بينها مقارنة، لكن تبيَّن لي في ما بعد أنني خُدعت وتم تضليلي، إذ اتبع مجموعة من الباحثين أسلوب المراجعة المنهجية مع هذا العقار، وكانت الصدمة! فقد اكتشفوا أنه تمت تجربة العقار سبع مرَّات بالمقارنة مع دواء وهمي، وأن تجربة واحدة أُجريت على 254 مريضًا، وأعطت نتيجة إيجابية، فنُشرت النتيجة الإيجابية في إحدى الدوريات الأكاديمية ليقرأها الأطباء والباحثون، بينما الست تجارب الأخرى التي أجريت على عدد أكبر بكثير، أظهرت جميعها أن العقار ليس أفضل من الدواء الوهمي، كما تبيَّن أن المرضى الذين يتناولون هذا العقار أكثر عُرضة للمعاناة من الآثار الجانبية، ولم تُنشر هذه التجارب الست، ولم تكن لديَّ أدنى فكرة عن وجودها، وقد راجعتُ المريض وبينت له أن الدواء غير فعَّال وليس أفضل من حبّة سكّر وهمية، بل يضر أكثر مما ينفع!
وإذا كنتَ ترى هذا فظيعًا وشنيعًا، فعليك أن تعرف أن عقار الريبوكستين وغيره من العقاقير غير النافعة، بل والضارة، ما تزال موجودة ومتداولة في سوق الدواء! إذًا فالمشكلة تكمن في إخفاء وعدم نشر البيانات السلبية المتعلقة بجميع العقاقير، إن المسؤولية تقع على الرقابة الدوائية من قبل الحكومة والهيئات المهنية، الذين ننتظر منهم أن يوقفوا هذا التضليل والخداع.
الفكرة من كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
يُبيِّن الكاتب الفساد الذي استشرى في صناعة الدواء، إذ كثيرًا ما يُطرح الدواء في الأسواق ثم سُرعان ما تظهر آثاره الجانبية الوخيمة والضارة ويثبُت فشله، فيتم سحبه من الأسواق بعد أن تسبب في أضرار جسيمة تُفضي إلى المعاناة والألم، بل وقد تكون قاتلة في كثير من الأحيان! والسبب في ذلك شركات صناعة الدواء والباحثون ومراقبو الأدوية.
مؤلف كتاب شرور شركات الأدوية… فساد صناعة الدواء والسبيل إلى إصلاحه
بن جولديكر: هو طبيب بريطاني، وكاتب، ومذيع، درس الطب في كلية “مودلين” بجامعة أكسفورد، ويعمل حاليًّا في هيئة الخدمات الصحية والوطنية في المملكة المتحدة، ومن مؤلفاته:
شرور شركات الأدوية.
العِلم الزائف.
معلومات عن المترجمين:
محمد عبد الرحمن إسماعيل: هو طبيب، ومترجم مصري، تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة، عمل بمجال الترجمة بجوار الطب، لا سيَّما الترجمة العلمية والطبية، ومن كتبه المترجمة:
الثورة العلمية.
الجدول الدوري.
الجزيئات.
القومية.
هبة عبد العزيز غانم: مترجمة مصرية، تخرجت في كلية الألسن جامعة عين شمس، وحصلت على دبلومة الترجمة من كلية الآداب جامعة القاهرة، لها العديد من المراجعات والترجمات للعديد من الكتب في مجالات مختلفة ومتنوعة، ومن ترجماتها:
الواقع.
تجربة البروفيسور.
الخطر!
رحلات الفضاء.