الدّينُ خير ما تتركه لهم
الدّينُ خير ما تتركه لهم
يغيب عن عصرنا الحالي محاولة تأسيس عقيدة سليمة عند الطفل، وتعليمه الدين والإجابة عن تساؤلاته الدينية بما يتناسب مع سنّه، فيبدأ الأبوان في تعليم الطفل حمد الله على نعمه عند الطعام والشراب والملبس، وعدم الإكثار في الحديث معه عن العذاب والنار حتى لا ينظر إلى الدين بشكل منفر، وأن تعلمه الأم الأدعية البسيطة، ويعلمه الأب الفرق بين الحلال والحرام، لكن في الوقت نفسه، لا تعطِ لرغباتك كأب أو أم الكثير من البعد الديني بهدف فرضها على الأولاد.
ويمكن بدء تعليم الوضوء والصلاة من سن الرابعة أو الخامسة برفقٍ ولين، وتعليمهم آداب المساجد، وحفظ القرآن الكريم شيئًا فشيئًا دون قسوة، وليعلم الأبوان أن خير ما يتركون لأبنائهم هو حفظ كتاب الله والعمل بما جاء فيه، وفي الوقت نفسه هناك نصيب للراحة واللعب أيضًا، فهو طفلٌ في المقام الأول، وليكافئ الأب ابنه على حفظ القرآن، ومعلم ابنه على تحفيظه القرآن، فذاك أبو حنيفة قد كافأ معلم ابنه حمّاد بخمسمئة درهم لما علمه سورة الفاتحة.
ويُنصح كذلك باستخدام الحِكم والأحاديث النبوية القصيرة كونها تترسخ في عقل الطفل، فمثلًا لتعليمه الأمانة يمكن ذكر حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له”، ويجب على الأب أن يركز تدريجيًّا على تعليمهم الاعتماد على أنفسهم بقول رسول الله: “ما أكل أحد طعامًا قط، خيرًا من أن يأكل من عمل يده”، وذلك كي يدرسوا بجد من تلقاء أنفسهم، ويأكلوا من عمل أيديهم عند الكبر، ومن المهم كذلك تعليمهم عبارات “شكرًا”، و”من فضلك”، و”معذرة”، وأن يلتزموا بآداب المجالس مثل عدم مدّ القدمين أو الاتكاء أمام الكبار.
الفكرة من كتاب كيف تربي أبناءك في هذا الزمان
يقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): “رحم الله أمرأً أعان ولده على برِّه”، ولا شك في تأثير السنين الأولى من عمر الإنسان في بقية حياته، وتلك السنون الأولى هي الفترة التي يرى فيها المرءُ أولى لحظاته بين يدي أبويه اللذين سيكون لهما تأثيرٌ كبيرٌ في جعله إنسانًا ناجحًا أو فاسدًا.
وإن التربية في حد ذاتها فنٌّ ومهارة، تحتاج إلى صبرٍ وحكمة وقدرة على التعامل مع كل موقف يظهر من الأبناء تجاه آبائهم وأمهاتهم، فتلك أمورٌ تحتاج إلى لطفٍ، وهذه أخرى تحتاج إلى حزم وشدة، ويناقش هذا الكتاب فنّ معاملة الأبناء وتربيتهم في مثل هذا الزمان.
مؤلف كتاب كيف تربي أبناءك في هذا الزمان
حسان باشا: طبيب ومؤلف سوري، حاصل على شهادة عضوية الكلية الملكية للأطباء الداخليين في بريطانيا، وله عدد من المؤلفات الطبية والتاريخية والتربوية، ومن أهم مؤلفاته:
الثقافة الطبية : متعة الحياة.
هكذا كانوا يوم كنا.
أسعد نفسك وأسعد الآخرين.