الجانب المظلم للسعادة
الجانب المظلم للسعادة
للأسف البشرية ليست مجموعة تعمل بجد، ومُحبة للأمان، ومليئة بالحالمين بالرومانسية، فأحيانًا ما يكون البشر بشعين تمامًا، لأنهم في بعض الأحيان يصبحون سعداء عن طريق تجربة أشياء كريهة أو خطرة، لكن كيف يستمتع الناس بتلك الأشياء الكريهة؟ أحيانًا ما تكون الإجابة بسيطة، وهي كون السيئ أو الكريه غالبًا ما يكون تقديرًا شخصيًّا، كالطعام مثلًا وتفضيلاته، فبعض المأكولات تدعو إلى الاشمئزاز والتلذُّذ في آن واحد، ومع ذلك فتوجد بكل تأكيد أشياء سيئة متفق عليها يقوم بها المرء ويتلذَّذ بها، فمثلًا كيف يستمتع الناس بالمأكولات غير الصحية، والمشروبات الكحولية، والمواد المخدِّرة، والرياضات العنيفة، رغم تحذيرنا منها باستمرار؟
نفعل ذلك لأن المخ لا يقوم بالأشياء بشكل عقلاني 100%، حتى ولو تمَّت التوعية عن خطورة هذه الأشياء، فالوعي ليس وحده نافعًا، فأمخاخنا على الرغم من قوتها تبقى لها حدود، والحياة الحديثة تجعله يتعرَّض لكم معلومات كبير، فينتقي المخ ويختار ما هو مهم، ويتجاهل الباقي، حيث يركِّز بصورة أكبر على المعلومات ذات الجانب العاطفي، لكن للأسف لا يتوقَّف المرء عن إلحاق الأذى بنفسه فقط، بل يؤذي الآخرين عن طريق التدخين والاعتداء في حالة السكر، فتحقيقهم لسعادتهم يتضمَّن جعل الآخرين أشقياء.
وما يجعلنا سعداء في مرحلة ما ليس من الضروري أن يجعلنا كذلك بعد سنة أو عشر دقائق، فكل شيء نمر به يغيِّر المخ، فالمخ الساكن هو مخ ميت، وكل هذا يهدم مبدأ السعادة الدائمة، أو “عاشوا في تبات ونبات”، وهي أشياء يتم إخبارنا طوال حياتنا بأنها المغزى من الوجود، فكيف يمكن للسعادة أن تكون أبدية، إن كان المخ الذي يصنعها ليس كذلك؟ ومع مرور الوقت تضعف عضلاتنا وعظامنا، وتتصلَّب مفاصلنا، وتتضاءل الرغبة الجنسية، كل هذا يجعلك ببساطة غير سعيد، عن طريق خفض قدرتك على القيام بالأشياء التي تزوِّدك باللذة، وأيضًا مع مرور الوقت تزداد احتمالية تعرُّض المرء لفقد أحبابه سواء كان صديقًا أو شريكًا للحياة، ويجد البعض الأمر مستحيلًا يتم تخطِّيه، ويؤثر العمر في المخ أيضًا بحرمانه من أنظمة الدوبامين والسيروتونين، حيث يرتبطان بشدة باستقرار المزاج.
الفكرة من كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
حاول أغلب العلماء قياس السعادة، ووعدت آلاف المنتجات بها، وقضى أغلب البشر حياتهم في البحث عنها، ويعتبرها البعض شعورًا، والآخر عاطفةً، حسب أفكار كلٍّ منهم ومبادئه، لكن يحاول الكاتب هنا اكتشاف إجابات لبعض الأسئلة الجوهرية فيما يتعلَّق بالسعادة، فما المعنى الفعلي لكوننا سعداء؟ وما مصادر السعادة؟ وهل هنالك سعادة أبدية؟
مؤلف كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
دين برينت : عالم أعصاب، ومحاضر في الطب النفسي، ومؤلف مدوَّنة الجارديان العلمية، وله العديد من المؤلفات، منها:
المخ الأبله.