البيت هو المدرسة الأولى
البيت هو المدرسة الأولى
ليس هناك ما هو أقوى أثرًا من بيت يتحرَّك أفراده وفق قواعد تربوية وأسس واضحة، يتشارك فيها الجميع، يتبنَّاها الكبار، ويحترمها الصغار، بيوت تتمتَّع بسلام نفسي ووجداني كبير، فنحن عندما نتشارك مع أبنائنا في وضع الحدود والقواعد، كأن نتحدث عن الموعد المحدَّد الذي يجب ألا يتخطَّوه مساءً، أو غيرها من الأشياء التي يريدونها، فإننا نساعدهم في مراحل متقدمة على إمساك زمام رغباتهم وتقييدها، وفي إشراكهم في وضع القواعد مما يجعلها إلى حدٍّ كبير متقبَّلة ومفهومة، كذلك فإن وضع القواعد معهم يرسِّخ لمفهوم الحوار واحترام وجهة النظر الأخرى، ويعلم أبناءنا كيفية التفاوض الصحيح، ومثلما أنه من المهم أن نتشارك مع أبنائنا في وضع القواعد، فمن المهم أن يكون هنالك عقاب إذا ما خرقت هذه القواعد، فالعقاب مبدأ تربوي مهم، لكننا كثيرًا ما نسيء استخدامه سواء بالتهاون فيه، أو بالمبالغة في تطبيقه، فتهذيب الطفل أحد أشكال التربية، ويساعد أبناءنا على أن يكونوا في دائرة الحب والتقدير، نعم من الممكن أن يعاقب الطفل شريطة ألا نكون متطرفين في عقابنا، ولم يحدث انتهاك جسدي أو لفظي، فلا يصح أبدًا أن ينعت الطفل بأنه سيئ أو فاشل، أو أنه لا يستحق أن يكون فردًا من العائلة، فإننا بذلك ندمِّر أهم احتياج له وهو “الحب”، فما قيمة العقاب إن لم يهذب ويربي ويحمي أطفالنا؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكنني أن أعاقب طفلي؟ وهل العقاب البدني (الضرب) مسموح أم ممنوع؟ وهذه أحد أكثر الأسئلة التي حيَّرت أساتذة التربية وعلم نفس الطفل وانقسموا إزاءها إلى ثلاثة أقسام: قسم يرى أن الضرب تعدٍّ جسدي وانتهاك غير مقبول تجاه الأبناء، وأنه يزيد من عدوان الطفل، وقسم يرى أنه وسيلة تربوية مهمة، وآخر يرى بأن بعض الضرب لا بأس منه شريطة أن يكون بالمقدار المناسب والوقت المناسب، ويرى هذا الرأي أن الضرب لا يكون إلا كحل أخير بعد الحديث والكلام والإقناع والعقاب بالهجر والزجر، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يضرب شخصًا قط، لكنه (صلى الله عليه وسلم) رخَّص في الضرب الذي قد يعالج خللًا سلوكيًّا حادًّا، ربما يحتاج منا أن نعلن عن وجود عقاب جسدي، وحتى لا يترك الباب على غاربه فقد حدَّد النبي مواصفات الضرب بأن لا يكون شديد الألم وأن يتجنَّب الوجه، ورضي الله عن عمر بن الخطاب حينما قال لمؤدب: “لا ترفع إبطك كي يكون الضرب خفيفًا”.
الفكرة من كتاب الآن فهمتكم
تتفكَّك الأسر حينما يضل المربي- أبًا كان أو أمًّا- طريق التربية الرشيدة، ولا ينتبه أن إنشاء الأبناء وتربيتهم مسؤولية عظيمة، وأنها درب من دروب الجهاد والتقرُّب إلى الله.
“الآن فهمتكم” يبثُّ فيه كاتبه خلاصة تجربته العملية في التربية الإيجابية، ويوضِّح فيه أن المربي الذكي هو الذي يصنع مع أبنائه مساحة من الفهم والتوافق والاحترام، وهو الذي يتعهَّد أبناءه ويراقب سلوكهم، وينصح لهم ويتفاعل مع مشاكلهم، وهو الذي يصنع مساحة من الهيبة والاحترام بينه وبين أبنائه، معًا في هذا الكتاب سنتعرَّف على البناء النفسي للطفل السوي، وكيف ننمِّي ذكاء الطفل العاطفي ومهاراته، وكيف نصنع منه رجلًا.
مؤلف كتاب الآن فهمتكم
كريم الشاذلي: كاتب مصري، ومحاضر في مجال التنمية البشرية ومختص في مجال التنمية البشرية ومختص في فنون تربية الأبناء، ولد عام 1979 في محافظة الدقهلية، له عدة مؤلفات وكتب كثيرة عن الأسرة والزواج، والعلوم الإنسانية ومهارات التواصل الاجتماعي، والتطوير الذاتي والاجتماعي، منها: “جرعات من الحب”، و”سحابة صيف”، و”لم يخبرونا بهذا قبل أن نتزوج”، و”الشخصية الساحرة”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”الهزيمة”، و”امرأة من طراز خاص”.