ماذا عن البيئة؟
ماذا عن البيئة؟
أصبحت البيئة هي المحدِّد الأساسي للاقتصاد اليوم حتى وإن تعامل معها الاقتصاديون على أنها شيء كمالي؛ فلا يمكن للنشاط البشري أن يستمر في العمل إذا لم يتم استعادة التوازن بين النشاط البشري وبين المجال الحيوي الذي يعتمد عليه، ويرى المؤلف أن الرأسمالية هي التي تدمِّر المجال الحيوي، كما أنها لا تحرِّك ساكنًا من أجل تغيير هذا الوضع.
فمثلًا تظل مشكلة الطاقة النووية إلى اليوم دون حلٍّ قاطع، ورغم أن الطاقة النووية أدت إلى كارثة بشرية في تشرنوبل فإن الرأسماليين يتعاملون وكأن هذه الطاقة أصبحت في مأمن من أي حادث خطير وكأن تشرنوبل كانت استثناء لا يمكن أن يتكرَّر، إضافةً إلى ذلك لا يوجد بلد في العالم حل موضوع النفايات النووية، وهذه النفايات النووية تمثل مشكلة أخلاقية لا حل لها، فمِن أجل رفاهية جيل أو جيلين يتم ترك منتجات سامة لآلاف السنين ولمئات الأجيال القادمة، ولأن الطاقة النووية لا تبث غاز ثاني أكسيد الكربون فإن الرأسماليين متمسِّكون بإنتاج هذه الطاقة ومتغافلون عن المنتجات السامة التي تخلفها هذه الطاقة، كما يتغافلون عن خطورة امتلاك الدول كميات كبيرة من الطاقة النووية لأنها قد تُستخدَم في صناعة الأسلحة النووية.
على الجانب الآخر، يرى أنصار البيئة (الإيكولوجيين) الاستغناء عن الطاقة النووية والاستعاضة عنها بالطاقة الهوائية، لذلك هم يشجِّعون بناء المراوح العملاقة في كل مكان، لكن الوضع لا يتغيَّر؛ فمن جهة نجد أن البلاد الأكثر تقدمًا في التزوُّد بالمراوح كألمانيا وإسبانيا لم تشهد بعد تناقصًا في بثِّ غاز ثاني أكسيد الكربون، ومن جهة أخرى تهتم الشركات الكبرى فقط بالربح، فهي تقوم باستثمار رؤوس الأموال في مجال المراوح إلى جانب تقنيات أخرى ضارة بالبيئة، فالمراوح لا تغير وضع الطاقة لأن الرأسمالية لا تنفِّذها استجابةً للتغير المناخي، بل من أجل تحقيق المزيد من الأرباح، ويظل البحث عن المنافع البيئية أمرًا كماليًّا! لذلك يرى المؤلف أن الحلول التي يأتي بها أنصار البيئة لا تحل مشكلة البيئة، بل ربما تُفاقِمها.
الفكرة من كتاب الخروج من الرأسمالية
يحاول هيرفي كيمف في كتابه “الخروج من الرأسمالية” أن يلقي الضوء على الآثار السلبية للرأسمالية، وأهم هذه الآثار: المخاطر البيئية التي أصبحت تهدِّد حياة الإنسان على الأرض، ومن هنا يقوم كيمف باستعراض ملامح الحياة في ظل الرأسمالية، ويركِّز بصفة خاصة على فكرة الفردية التي تعتمد الرأسمالية عليها وتزدهر من خلال تعميقها، كما يقوم كيمف بمناقشة الأسباب التي أسهمت في تدهور البيئة والمجال الحيوي، وبعد ذلك يتحدث كيمف عن أهمية الخروج من الرأسمالية من أجل إنقاذ الكوكب، ويقدِّم تصوُّره عن الحل الذي يعتمد على إعادة بناء المجتمع بحيث لا يكون الاقتصاد حاكمًا، بل مجرد أداة، كما يكون التعاون هو الأساس لا المنافسة.
مؤلف كتاب الخروج من الرأسمالية
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسؤولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “كيف يدمر الأثرياء الكوكب”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، وله العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفلسفة والفكر العربي المعاصر، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.