ميادين الإصلاح
ميادين الإصلاح
بعد تحديد الأمراض ركَّز الغزالي على ميادين الإصلاح، وأولها العمل على إخراج جيل جديد من المُربِّين والعُلماء، فوضع منهجًا جديدًا للتربية والتعليم، هدفه الأوَّل إخراج عُلماء آخرة غايتهم خدمة الدين، وبهذا ركزت فلسفة ذلك المنهج على تحقيق السعادة للإنسان، والسعادة هنا يعني بها السعادة الأخروية.
كما حرص أن يكون منهجه مُتكاملًا يجمع العلوم الدينية والمهن الدنيوية، فالعلوم عند الغزالي كلها إسلامية، لكن منها ما هو شرعي نأخذه من الأنبياء، ومنه ما هو غير شرعي وصلنا إليه بالعقل كالحساب والطب، والعلوم غير الشرعية هي فروض كفاية لو لم يهتم بها أحد لهلكت الأُمَّة.
كما شمل منهجه ميدان الإرادة وتهذيب النفس، وميدان الإدارة والسياسة، وذلك لتشكيل مفهوم الإدارة الحُكومية وتوضيح علاقة الولاة بالرعيّة بالصورة التي توافق الرؤية الإسلامية.
كما حرص على إحياء فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، لأهميتها الشديدة في إصلاح المجتمع المُسلم، فهي مهمة الأنبياء الأولى، وإن اختفت مهمة الأنبياء اختفى الدين وانتشر الفساد، ودوائر الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر تبدأ بالفرد مع نفسه ثم أهل بيته ثم جيرانه ثم أهل حيّه ثم بلده إلى أن تصل إلى الإنسانية كلها، فيبدأ الفرد بتعليم أخيه، ثم وعظه وإن لم ينتهِ يزجره وإن لم ينزجر فيمنعه بالقهر.
وأهم ما فعله الغزالي هو محاربته للمادية الجارفة والسلبية الدينية، التي ذكر الكاتب أن سببها هو سوء الفهم والجهل بالحكمة الإلهية من خلق الإنسان والدنيا والآخرة، فينتج عن ذلك خلل في تصوُّر مقاصد الحياة.
وبتلك المنهجية انتشر المُصلحون يُعلمون الناس ويؤسسون المدارس، سواءً من الرجال مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني، وأبو النجيب السهروردي، ومن النساء مثل الشيخة عائشة بنت محمد البغدادي والشيخة شمس الضحى بنت محمد.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.