نصف قرن غيَّر الأرض!
نصف قرن غيَّر الأرض!
أرادت قريش أن تنتصر لنفسها بعد هزيمة بدر، فكادت الهزيمة الثانية تلحق بهم لولا أن خالف بعض المسلمين أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) طمعًا في الغنيمة، فلم يُكتب للمسلمين نصرٌ كنصر بدر، ولكنهم حالوا بين قريش والمدينة فلم يدخلوها، ما جعل قريش تتجهَّز لذلك الهدف، وبخاصةٍ في معركة أخرى جديدة، فكانت الأحزاب؛ فأقبلت قريش وجموعها من أحلاف وأنصار كثير وبينما المسلمون ينتظرون ذلك ويُدركون تمام الإدراك أن بينهم فئة تُظهر الإسلام وتضمر الولاء للكفر والعداء لله ولرسوله، وإذا بيهود بني قريظة ينقضون عهدهم! وعلى الرغم من ذلك فلم يلتقِ كلا الفريقين من المسلمين والأحزاب في مواجهة، وإنما كانت المبارزة بين بعض الأفراد حتى أرسل الله ريحًا عاصفة فاضطربت صفوف قريش ورحلوا وتفرَّقت الأحزاب.
وبعدما آلت إليه الأمور في الأحزاب توقَّفت قريش عن محاولة دخول المدينة، واكتفت بتحريض العرب كافة على المسلمين، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يبادر بالرد على تهيُّؤ بعض القبائل ضد المسلمين حتى كان صلح الحديبية في العام السادس من الهجرة، ففرغ المسلمون لليهود الذين غدروا بهم ونقضوا العهود، وكان القرآن الكريم ينكر على أهل الكتاب ما فعلوه بأديانهم من تبديل وتغيير، وكذلك عدم إيمانهم بنبوة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأفاعيلهم التي فعلوا مع المسلمين، وكذلك الحال من المنافقين، وإن كان نفاقهم أشد وأخطر من الكفر الصريح كما يوضح المؤلف، وما لبثت قريش أن نقضت عهدها الذي عاهدت في الحديبية، فجهَّز المسلمون لهم جيشًا في العام الثامن من الهجرة، وكان فتح مكة المبارك ومن بعده غزوة حُنين وما تبع ذلك من حصارٍ للطائف، ثم لم تكن الحرب بين المسلمين والمشركين مرة أخرى في الجزيرة.
وهكذا استمرت الدعوة الإسلامية قُرابة ربع قرن، ثلاثة عشر عامًا بمكة وعشرة في المدينة، فكانت بعثًا للعرب من جديد بما يجعلهم جديرين بحمل الرسالة السماوية للعالم أجمع فتغيَّرت الأرض في أقل من نصف قرن!
الفكرة من كتاب مرآة الإسلام
يمر عالمنا العربي المعاصر بمرحلة ركود طويل حاول معها رواد الفكر وأعلام النهضة أن يخرجوا بأمتهم من ذلك الركود مرارًا، واختلفت المسالك والمناهج في ذلك واضطربت الأقدام وتعثَّرت الخطوات، ومن بين أولئك الذين حاولوا استنهاض الهمم للحاق بركب الأمم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، وكانت كتاباته تثير جدلًا واسعًا حتى شهدت حياته حدثًا فريدًا ومختلفًا غيَّر من بوصلته ووجهته، فما ذلك الحدث؟ وما الذي دعا إليه طه حسين؟
يجد القارئ في كتاب “مرآة الإسلام” عرضًا مكثفًا للسيرة النبوية ولأصول الدين ممزوجًا بعبارات اعتبرها البعض مراجعة فكرية لطه حسين وإيابًا روحيًّا له.
مؤلف كتاب مرآة الإسلام
الدكتور طه حسين: ولد بمحافظة المنيا بصعيد مصر سنة 1889م، وفقد بصره في سن مبكرة، وتتلمذ على يد شيوخ الأزهر الشريف، ثم التحق بالجامعة المصرية الأهلية سنة 1908م، وكان سفره إلى فرنسا سنة 1914م، ثم رجع إلى مصر سنة 1919م، وتُوفِّي أول يوم عيد الفطر، الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973م، ومن مؤلفاته: “الأيام”، و”التوجيه الأدبي”، و”مستقبل الثقافة في مصر”.