فلسفة الذات والانفصال الأول للغرب
فلسفة الذات والانفصال الأول للغرب
على مر الزمان كانت الفئة التي تريد الهيمنة على العالم تتبنَّى مبدأ “أطع هؤلاء الذين منحهم الله السلطة”، حيث ينصبون أنفسهم أصحاب السلطة المطلقة وليس لغيرهم حق في السلطة، فهم مكلفون من قبل الرب، وفلسفة الذات تلك بدأت مع سقراط وتلميذيه أفلاطون وأرسطو مؤسسي فلسفة الذات، حيث وضع سقراط الأسس لتقسيم الذات إلى تصورات وكلمات.
وأنهى أرسطو هذا الأمر بتوضيحه أن الذات تنقسم إلى أفكار تفسرها، وتلك الأفكار تحتاج إلى كلمات للتعبير عنها ومن ثم التعبير عن الذات، وأصبح هذا المنهج الذي يسمى بالمنطق هو السائد آنذاك، وأصبح هذا المنطق هو المقياس العقيم لكل فكرة إبداعية، ومنذ ذلك الحين أصبح كل شيء مركزًا على الإنسان ومنطقه الوحيد، إذ إن الأخلاق بالنسبة إلى سقراط كانت جزءًا من المنطق، وهكذا انفصل الإنسان عن الإله وعن الطبيعة في الوقت نفسه، فالطبيعة والمادة تركت للأعمال الدنيا التي يقوم بها العبيد، وهكذا قام العالم الإغريقي بأول انفصال له عن سائر العالم.
ويقول نيتشه: “إن الانحطاط بدأ مع سقراط، لأن معه بدأ انفصال الغرب عن آسيا”، كان ذلك المصدر الأول للانفصال،
أما المصدر الثاني المهم للانفصال الغربي الأول فيكمن في الفكر اليهودي المسيحي، الفكرة الكبرى لدى اليهود والمسيحيين، بأنهم شعب الله المختار، واستعادة مملكة المسيح الكبرى أسفرت عن تعميق الانكسار الإنساني أكثر، وانقسم العالم إلى إغريق ورومان متحضرين، وبقية العالم همجيون في نظرهم، إذ خُلق الإغريق للحرية بينما خُلق الهمجيون الآخرون للاستعباد، واستمرت هذه النظرة نحو اثني عشر قرنًا، وباختصار فإن الانفصال الأول للغرب كان نتيجة أسطورتين: المعجزة اليونانية حيث منطق سقراط وتلامذته وفلسفة الذات، والحلم اليهودي المسيحي.
الفكرة من كتاب كيف صنعنا القرن العشرين؟
شهد القرن الماضي أحداثًا متسارعة على نحو كبير بما يشمل حربين عالميتين، وانقلابًا لموازين القوى في العالم وهيمنة قوة كبرى اقتصاديًّا وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وبروز الكيان الصهيوني كإحدى القوى الكبرى في العالم الحديث، لكن كيف حدث هذا التحول الكبير في الموازين خلال القرن العشرين؟
في هذا الكتاب يحاول الكاتب والسياسي الكبير روجيه جارودي أن يجيب عن سؤال كيف تمَّت صناعة القرن العشرين من خلال خبراته وقراءاته الغزيرة خلال حياته.
مؤلف كتاب كيف صنعنا القرن العشرين؟
روجيه جارودي: سياسي وفيلسوف وكاتب وعضو المقاومة الفرنسية، ولد في فرنسا، في السابع عشر من يوليو عام ألف وتسعمائة وثلاثة عشر، وتوفي في الثالث عشر من يونيو عام ألفين واثني عشر، وفي الثاني من شهر يوليو عام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين أشهر إسلامه في المركز الإسلامي في جنيف. له عدة مؤلفات منها:
وعود الإسلام.
الإرهاب الغربي.
الإسلام دين المستقبل.
فلسطين مهد الرسالات السماوية.