تعزيز عقلها
تعزيز عقلها
إن العقل إحدى الضرورات الخمس التي حرص الإسلام على حفظها، وللوالدين دور كبير في تنشئة المُراهقة تنشئة فكرية إسلامية، وذلك يكون من خلال توجيه طاقتها العقلية للتأمُّل في خلق الله (عز وجل) وحكمته وتدبيره (سُبحانه وتعالى)، ويُذكرناها دومًا بأن تنظر إلى الكون من زاوية أنها وُلِدت فيه من جديد، ولا تنظر إلى الكون من زاوية الأُلفة والاعتياد فترى الطبيعة ميِّتة.
كذلك يُشجعها أبواها للتدبُّر في حكمة الله (عز وجل) في التشريع، فيُبرزان لها جمالية التشريعات الربانية وكيف أنها تحفظ الفرد والمجتمع، وتُقيم العدل والحق بين الخلق، فيدفعان ابنتهما لاكتشاف الطريقة التي يرضاها الله لإقامة المجتمع الصالح، وذلك لأنه في هذه الفترة يتغيَّر تفكير الإنسان من التفكير الفردي إلى التفكير الجماعي.
وعلى الأبوين كذلك إرشاد ابنتها لمعرفة سنن الله (عز وجل) في هذه الحياة وفي هذا الكون، وأنه مهما ظهر الباطل وساد فلا بد للحق أن ينتصر، فلا تنخدع بأهل الباطل وقوَّتهم المادية، ويجب الحذر من الافتتان بالمادة والاعتقاد بأنها الغاية من هذه الحياة، فيُشجِّع الأبوان ابنتهما على تعلُّم العلوم النافعة، والحِرف والمهارات التي نستفيد من المادة فيها فتتعلم كيفية توجيه المادة لما يصلح الإنسان لا يفسده.
ومن الأمور المهمة؛ تحديد مجال النظر العقلي للفتاة، فالإسلام يدعو بلا شك للتأمُّل والنظر ولكن حدَّده في نطاق المُدرك والمعقول للإنسان، فلا يسرف الإنسان تفكيره فيما لا ينفعه، كالتفكير في ذات الله (سبحانه وتعالى) وغيرها من الأمور.
ولسلامة عقل الفتاة يعتني الأبوان بتعزيز القدرة العقلية من خلال حفظ القرآن والتدبُّر في آياتِه، والقراءة والتعلُّم فيوفِّران لها الكُتب والمجلَّات النافعة، وتعليمها مهارات الاستدلال والنقد، وكذلك الغذاء الجيد، ويُبعدان ابنتهما عن التدخين والخمور، والعادة السريَّة والإثارة الجنسيَّة، وذلك لأنهما تسبِّبان شرود الذهن وتُضعفان التركيز والاستذكار.
الفكرة من كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
قد يختلط على كثير من الآباء والأمهات التعامل مع أبنائهم عند بلوغهم سن المراهقة، وذلك لأنهم اعتادوا شخصية أبنائهم في مرحلة الطفولة، إلا أن مرحلة المراهقة يبدأ الإنسان فيها بالشعور بمشاعر مختلفة ويمر جسده بمراحل جديدة تجعله في حالة مختلفة تمامًا عن طفولته، لذا كانت مرحلة المُراهقة من المراحل المهمة التي يجب على الوالدين إدراك طبيعتها ليُكونا خير عونٍ لأبنائهما.
وكما قدَّمت لنا الكاتبة في الجزء الأول حق الابنة كطفلة، تقدِّم لنا في كتابنا هذا كيف للوالدين الاعتناء بابنتهما في مرحلة مراهقتها، لنُدرك معًا كيف يمكن توجيه هذه المرحلة لتكون ولادة ثانية ولكن في القيم والأخلاق والعادات والتقاليد.
مؤلف كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
الدكتورة حنان عطيَّة الطوري الجهني: سعودية الجنسيَّة، بروفيسور أصول التربية بجامعة الأميرة نورة بالرياض، حاصلة على درجة بكالوريوس دراسات إسلامية، ودرجة الدكتوراه بأصول التربية، كما أنها تشغل زميل أكاديمية التعليم العالي ببريطانيا.
من مؤلفاتها:
الفكر التربوي: مدارسه واتجاهات تطوره.
القيم الجمالية وتنميتها بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي (منظور تربوي).