تنمو.. وتنمو معكَ القيم العليا
تنمو.. وتنمو معكَ القيم العليا
إن إدراك الأطفال القيم والصواب والخطأ والخير والشر؛ كل تلك المفاهيم تكون مجردة بالنسبة لهم في سنوات عمرهم الأولى، فهم لا يفرِّقون بعد بين الحقيقة والخيال، والمعارف العقلية ليست مكتملة بالنسبة لهم، والقيم بشكل عام التي نحكم بها على الأشياء تنقسم بالنسبة للطفل إلى قيم وجدانية مُكتسَبة، وتكون في مرحلة الطفولة المبكرة، فإذا أردنا مثلًا زراعة قيمة كقيمة الصلاة في نفوسهم فإنهم في تلك المرحلة يكتسبون تلك القيمة من خلال تقليد الكبار بغير إدراك واعٍ منهم لتلك القيمة، ثم باقترابهم من عمر الرابعة يظهر لديهم الحس الدنيي فنبدأ هنا بتعليمهم بعض الآيات أو الأناشيد الدينية، وما بين الرابعة والخامسة تكثر لديهم الأسئلة الدينية ويتمكَّنون من إدراك الصواب والخطأ ويبدؤون بالاستمتاع بالصلاة محاكين في ذلك الوالدين، والنوع الآخر من القيم هو القيم الإدراكية في مرحلة ما بعد الطفولة المبكرة، أي ما بعد السنوات السبع، حيث يدركون خلالها الفرق بين الحقيقة والخيال وتتكوَّن لديهم المهارات العقلية أيضًا، وهنا بالنسبة للصلاة يمكننا أن نعرفهم عليها بذكر الآيات والأحاديث ونبني حبها بداخلهم، وأن نجيب على أسئلته الإيمانية التي تكبر معهم برفق، كما علينا أن نذكر لهم أجر المصلين، ومن المهم أيضًا أن يروا أثر الصلاة علينا من طمأنينة وسكينة حتى يحبوها، ومن المهم أيضًا أن نعوِّدهم الصبر، وذلك بتعليمهم كيف يضبطون أنفسهم تجاه ما يحبُّون وكيف يؤجلون ما لا يحتاجونه، وكذلك ذكر ثمار العبادات وأثرها في شخصية الإنسان وسلوكه، فهي من المقترحات المهمة في غرس قيمة الصلاة لديهم، والقدوة سواء قدوة الوالدين أو القدوة التاريخية من خلال ذكر قصص الأنبياء والصالحين وبخاصةٍ النبي (صلى الله عليه وسلم)، ما يحبِّب الأطفال في العبادات عامة، وعلينا ألا نستعجل التزامهم بها، فمجرد بدئهم بتقليدنا في حركات الصلاة وحفظ بعض الآيات يعدُّ بداية صحيحة، وسيستمرون ويتطوَّرون إن أضفنا إلى ذلك جانب المحبة وربطهم بالله واستشعار نعمه علينا فيرتبطون بالمنعم ويحبونه فيقبلون على طاعته وهذا هو المهم: تأسيس عبد رباني مسلم.
الحجاب من القيم المهمة التي يجب أن نغرسها في نفوس بناتنا، وبخاصةٍ في زماننا هذا المتقلِّب كثير المتقلب، وأثناء غرس تلك القيمة لديهنَّ؛ علينا أن نحرص على إحاطتهن ببيئات صالحة، وأن نبعدهن عن البيئات غير المنضبطة، وأن نحرص على مراقبة ما يتعرَّضن له من خلال شاشات التلفاز، وعلينا أيضًا أن نتدرَّج في الحجاب معهن منذ السابعة مثلًا، وذلك كله يكون سهلًا حينما نبني منذ الصغر لديهن شخصيات قوية متفرِّدة غير متأثرة بالتوافه أو بما يرونه على وسائل التواصل من قرينات لهم في مثل أعمارهن، فتلك كلها صور مزيفة وحياة غير واقعية يعرضها أصحابها في صورة الحرية والرفاهية وعلينا توضيح ذلك لهن.
الفكرة من كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل
أطفالنا أمانة في أعناقنا، وغراسنا الذي نأمل حُسنَه وطيبَه في المستقبل، وكعادة أي غرس فإنه يحتاج إلى عناية ورعاية وتعهُّد دائم وصبر طويل ومحبة لا تنتهي، بهذا يؤتي الغرس ثمره، وبهذا يُصنع أطفالنا على أعيننا مصطحبين معنا معية الله.
مؤلف كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل
عيسى بو موزة: مدرب معتمد، وكاتب ومؤلف في الشأن التربوي، وهو مستشار تربوي لمرحلة الطفولة، صدر له عدد من المؤلفات، وهي:
١٢٢ سؤالًا في التربية.
مشكلات الأطفال التربوية.
العناد لدى الأطفال: أسباب وحلول.