وسائل الإعلام وتشويه الرسائل
وسائل الإعلام وتشويه الرسائل
إن أغلب الرسائل التي تصل إلى الجمهور والمعلومات التي يعرفها الناس والتي تشكِّل أفكارهم تصل إليهم بطريق غير مباشر عن طريق «وسائل الإعلام»، وبما أن الأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام لا بدَّ أن تكون غير اعتيادية أو مأساوية، فيحدث أن تتعرض الرسائل والمعلومات إلى التشويه أو المبالغة، تقول «إيلاين رابينغ»: «التفاوت بين ما يعرف المرء أنه حقيقة وما يراه على برامج التليفزيون شيء يكاد يكون شيزوفرينيًّا»، كما أصبح التجسس على الحياة الشخصية للناس وما تحويه من مآسٍ وكوارث عبارة عن موضوعات إعلانية دسمة يتم عرضها في البرامج التليفزيونية، فقد ذهبت دراسة ألمانية إلى أن العنف الذي يتم ترويجه في وسائل الإعلام يؤدي إلى مزيد من العنف خارج وسائل الإعلام، والأمر نفسه بالنسبة إلى الترويج للثورة الجنسية الذي يؤدي إلى مزيد من الانحلال.
وعن طريقة تغطية وسائل الإعلام للقضايا، حدث أن سيدة عجوزًا في التاسعة والسبعين من عمرها تدعى «ستيلا لايبك» انسكبت عليها قهوة ساخنة في مطعم ماكدونالدز، فتعرضت لحروق من الدرجة الثالثة، وخضعت لعمليات ترقيع للجلد، وأصيبت بتشوهات دائمة، فرفعت دعوى تشتكي الشركة صاحبة القهوة، مطالبة إياها بتحمُّل نفقات علاجها، فحكمت لها المحكمة بتعويضات كبيرة، فتدخلت وسائل الإعلام، وأخذت تنتقد المرأة العجوز وأنها أخذت حكمًا عبثيًّا، وأخذت البرامج التليفزيونية تنتقد النظام القانوني، لأنه من الممكن أن يسكب أي شخص القهوة على نفسه عمدًا مطالبًا بتعويضات مالية، ومن هنا شوَّهت وسائل الإعلام قضية «ستيلا»، وقضايا أخرى كثيرة من أجل إثارة قضايا أخلاقية، لذلك يرى «لورانس» أنه من السهل إيجاد دليل على التشويه الذي تمارسه وسائل الإعلام، لكن من الصعب حصر الأثر الفعلي للسلوك الناتج عن التشويه، ونفس الأمر فيما يخص تأثير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
الفكرة من كتاب الأثر.. كيف يؤثر القانون في السلوك؟
إن دراسة الأثر تتداخل فيها دائمًا جميع العلوم الاجتماعية، وبالنظر إلى طريقة ارتباط القانون بالمجتمع وعلاقة كل منهما بالآخر نجد أن دراسة الأثر تعد أمرًا في غاية الأهمية، كون النظم القانونية تؤثر تأثيرًا كبيرًا في المجتمع، كما أن السياق الاجتماعي هو الذي يجعل القانون على ما هو عليه في الحاضر، أو ما كان عليه في الماضي، أو ما سوف يكون عليه في المستقبل، فدراسة الأثر تشير إلى السلوك البشري المرتبط سببيًّا بقانون معين، مثل: هل قوانين الطلاق والخلع تؤدي إلى تفكيك الأسرة؟ هل عقوبة الإعدام رادعة؟ وغيرها.. وهذا هو موضوع الكتاب الذي بين أيدينا.
مؤلف كتاب الأثر.. كيف يؤثر القانون في السلوك؟
لورانس م. فريدمان Lawrence M. Friedman: مؤرخ قانوني أمريكي، وعضو في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، يعمل مدرسًا للقانون في جامعة ستانفورد.
ألف العديد من الكتب في مجال القانون منها: «المحاكمة الكبرى: القانون من منظور الناس عامة»، و«داخل الحصن: القانون والعائلة في أمريكا القرن العشرين»، و«المجتمع الأفقي»، و«النظام القانوني: من منظور العلوم الاجتماعية».
معلومات عن المترجم
مصطفى ناصر: مترجم عراقي حاصل على البكالوريوس من كلية الآداب «لغة إنجليزية» من جامعة البصرة، ونال جائزة الدولة للإبداع العراقي في حقل الترجمة عام 2019.