ولو وقت الطعام
ولو وقت الطعام
لمَّا كان المؤلف كثير الانشغال في فترة طفولة أبنائه وبناته، استشار والده حول ما يفعل وكيف يوازن بين الأشغال وقضاء الوقت بصحبتهم، فأشار عليه والده بأن يخصِّص لهم أوقات الطعام، وجبة واحدة على الأقل يوميًّا، يحدِّثهم في أثنائها في كل أمور الحياة، فما كان منه إلا أن فعل، وزاد على ذلك الوقت الذي يصحبهم فيه إلى المدرسة بالسيارة ذهابًا وعودة، فكان يحدِّثهم في اهتماماتهم وفي الحوادث العابرة وفي المواضيع الدينية والسياسية والتاريخية والأدبية، وكان يطرح عليهم وعلى أصدقائهم أسئلة يستنبط من إجاباتهم مواضيع تهم سنهم فيحدثهم جميعًا بها، فالأطفال يتساءلون عن كل شيء وفي أمور قد لا ترد على خواطرنا نحن الكبار، وهم إن لم يجدوا من يسبر أغوارهم ويجيب عنها ممن يكبرونهم أخذوا إجاباتهم من أقرانهم الذين لا يملكون زيادة معرفة عنهم، أو نسجوا الإجابات بمخيلتهم.
خصَّص الدكتور العوا كذلك للأبناء وأصدقائهم المقربين مجلسًا كل نهاية أسبوع، يتناولون فيه سيرة النبي المصطفى وبعض القصص التربوية، فتتشعَّب بهم الأحاديث وتوسِّع آفاقهم وتزيدهم قربًا من والديهم، وقد كان لذلك عظيم الأثر في تقوية الروابط وزيادة الود بينهم الذي نما وتطور مع كبرهم في السن وتحولهم إلى آباء هم أيضًا، فهذه الجلسات لها طابعها الخاص بما فيها من نقل الخبرات وتنمية المواهب والتجارب المختلفة، فما نزرعه فيهم من ود ونحن في صحتنا وشبابنا نجني ثمرته ودًّا وقربًا صادقين وقد ضعفت قوانا وتقدَّم بنا العمر، فلا يغفل والد مهما عظمت أشغاله ومهما ضاق به حاله عن أن يخصِّص لأبنائه وقتًا يسامرهم فيه.
الفكرة من كتاب بين الآباء والأبناء.. تجارب واقعية
كان السؤال الذي يشغل المؤلف هو من أين يبدأ الإصلاح؟ وهل هناك موضع إن صَلُح صَلُحت من بعده شتى نواحي الحياة؟ إلى أن استقرَّ لديه أن هذا الموضع هو الإنسان نفسه، ومن هنا كان الاهتمام بأساس هذا الإنسان وتنشئته منذ الطفولة، فمهما كثرت المؤثِّرات وتشتَّتت العوامل، يبقى لأثر الأم والأب النصيب الأعظم والأبقى في نفوس الأبناء.
وانطلاقًا من إيمان الكاتب بأن التجارب الواقعية أكبر تأثيرًا من التنظير والكلام الفلسفي في نقل المناهج التربوية، فقد قام بجمع بعض التجارب التربوية التي نعرض هنا أهم أفكارها المُعينة في تنشئة الأبناء.
مؤلف كتاب بين الآباء والأبناء.. تجارب واقعية
مُحمَّد سليم العوَّا (1942م): مفكر إسلامي، وهو محامٍ ومستشار قانوني، حاصل على دكتوراه الفلسفة في القانون المقارن من جامعة لندن، وعمل بالتدريس في عدد من الجامعات العربية، وهو الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مؤسس بالفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، برز على الساحة السياسية واعتقل في عهد عبد الناصر، كان مرشحًا لانتخابات الرئاسة المصرية سنة 2012، وله العديد من المؤلفات، ومنها:
الأقباط والإسلام.
العبث بالإسلام في حرب الخليج.
في النظام السياسي للدولة الإسلامية.