علِّم ابنك كيف يدعو ربه
علِّم ابنك كيف يدعو ربه
إن الدعاء عبادة عظيمة وسلاح مهم لكما أيها الوالدان ولأبنائكما، وبخاصة الأبناء في سِن المراهقة الذين ينجرفون في شهواتهم ليثبت كلٌّ منهم وجوده، وتتساءل هل يحتاجون إلى الدعاء بهذه الجدية؟ مؤكَّد أنهم يحتاجون إلى الدعاء أكثر من غيرهم بسبب التشوُّش الحادث لهم في انتقال من مرحلة إلى مرحلة عمرية أخرى في حياتهم، ويحفظهم ويقودهم إلى الخير مهما طال الوقت، فهم يحتاجون أن يسمعوا دعواتكما أيها الوالدان لهم بحُبٍّ، ويحتاج المراهق إلى نوعين من الأدعية، أدعية للوقاية من الذنوب لأن الشهوات تحيط به من كل جانب، وأدعية للتوبة والاستغفار، لأنه يكون مُعرَّضًا للوقوع في كثير من الذنوب والمعاصي، لذا لا تيأس أيها الأب منه مهما انحرف عن الطريق، بل تمسَّك بالدعاء له.
وتعدَّدت جوامع الأدعية في السنة والقرآن الكريم، ومن الآيات المهمة التي تحمل وصايا لأبنائنا وللوالدين، قول الله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، فالله تعالى يوصي ابن آدم بوالديه في حياتهما وبعد مماتهما والدعاء لهما، فعلى الأب أن يعلم ابنه أن يشكر أنعم الله ويدعو لوالديه ولنفسه ولذرياته فيما بعد، ويعلمه أن ذلك فيه اقتداء بالأنبياء والرسل بحفظ أدعيتهم وترديدها.
ويجب تنبيه أبنائنا أنهم يحتاجون إلى الدعاء في الرخاء مثل الشدة، فقد قال النبي (ﷺ): “من سرَّه أن يستجيبَ اللهُ له عندَ الشَّدائدِ والكُرَبِ، فلْيُكثرِ الدُّعاءَ في الرَّخاءِ”، ويجب ألا يتركوا الدعاء عند وقوع البلاء فقط يأسًا منهم بتأخُّر الاستجابة، وقد أرشدنا النبي (ﷺ) أن نواسي أطفالنا في مصائبهم الطفولية ونعلمهم كيف يواسون الآخرين، وأن يظلوا يدعون حتى لو وقعوا في ذنب، فالشيطان له حيله الماكرة مع المسلم، وقد جاء النبي (ﷺ) رجل مذنب فاشتكى ذنوبه مرتين أو ثلاث مرات، وهو يظن أن الله لن يغفر له فجعله النبي (ﷺ) يدعو ربه قائلًا: “اللهم مغفرتُك أوسع من ذنوبي، ورحمتُك أرجى عندي من عملي”، وجعله (ﷺ) يكرِّره ثلاث مرات.
الفكرة من كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
إن التربية علمٌ مُمتدٌّ أثره ومهم لكل أب، فتربية أبنائك مسؤولية واقعة على كاهليك أمام الله، وقال رسول الله (ﷺ): “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته”، وأسوةً برسول الله (ﷺ) وأثره في تربية أجيال كاملة من صغار وكبار نقتدي به للتعامل مع صغارنا.
مؤلف كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
عبد الله محمد عبد المعطي: خبير تربوي، وله عدة مؤلفات تربوية مهمة، منها: “بالحب نربي أبناءنا”، و”أطفالنا: خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا”، و”حياتنا الأسرية بدون عصبية”.