الهندسة العكسية للدماغ
الهندسة العكسية للدماغ
لم تعد فكرة خلق عقل اصطناعي مادة للمزاح، ولا منطقة محرمة على البحث العلمي، فعلى نطاق واسع اليوم بدأ العلماء خلال هذا العقد العمل على إنشاء نسخة صناعية من الدماغ البشري، وبعدما كانت تلك الفكرة يُنظر إليها على أنها ضرب من الخيال والجنون، أصبحت الآن ميدانًا للتنافس بين القوى العظمى، حيث يأمل الباحثون اليوم أن يتمكَّنوا من فك الشفرة الدماغية، ومعرفة الخريطة العصبية للدماغ وكيفية معالجته للمعلومات وإصدار الاستجابات المناسبة، فعن طريق فهم هذا النظام البشري يعتقد العلماء بقدرتهم على تطوير خوارزميات تسهم في إحداث ثورة علمية في نظم الذكاء الاصطناعي.
وبشكل أكثر تحديدًا يرغب العلماء في فك طلاسم الجهاز العصبي المركزي داخل الكائنات الحية، لخلق نماذج حاسوبية متطورة لشبكات عصبية اصطناعية تتمكَّن من مجاراة الدماغ البشري في مهارات التعرُّف والإحساس والكتابة والكلام وأداء بعض المهمات عبر استخدام حواسيب فائقة القدرة، وقد يصير هذا الحلم مفتاحًا لأحلام أخرى كمعالجة الأمراض المستعصية وفتح الآفاق لمجالات وصناعات جديدة، وربما لو نجح العلماء في ذلك فسوف يغيرون مجرى التاريخ البشري للأبد، ورغم الصعوبات الكبيرة والتحديات التي تواجههم فإن مشوار ألف ميل دائمًا ما يبدأ بخطوة صغيرة.
ويهدف الباحثون إلى فك الشفرة الجينية التي تتحكَّم في منحنى تطور الدماغ البشري، وفي سبيل ذلك ينتهج العلماء طريقتين؛ الأولى هي التمثيل الإلكتروني للخلايا العصبية في الدماغ عبر استخدام أجهزة إلكترونية فائقة التطور، ولا يزال الطريق طويلًا أمام تمثيل الدماغ البشري على هيئة حاسوب عملاق، أما الطريقة الثانية فتقوم على تطوير كشوفات مسح الدماغ البشري والكشف عن المدارات العصبية وكيفية إرسال واستقبال الإشارات الكهربية المختلفة، كمحاولة الكشف عن القوانين المخبأة داخل الأقبية المجهولة في الدماغ البشري، ومن ثم تحليل تلك الخوارزميات التي ينتهجها العقل البشري في تفسير الواقع المحيط والتفاعل معه بشكل سريع ودقيق وتحويلها إلى نماذج رياضية، واستخدامها لصنع شبكات اصطناعية شبيهة بالتي يستخدمها الدماغ.
الفكرة من كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
ظل العقل البشري كهفًا من الأسرار المغلقة لقرون عديدة، لا يجوز الاقتراب من أسواره أو المساس بعتباته المقدسة، إلى أن انقلب الأمر وبات العالم على موعد مع كتلة متحركة لا تعرف التوقف بحثًا عن فك مزيد من طلاسم وغموض ذلك الصندوق السحري المعروف بـ”الدماغ”.
فإذا كنت تتوق إلى فك طلاسم هذا العالم المجهول، فقد تجد ضالَّتك في هذا الكتاب، والذي يكشف نقاطًا ظلت مبهمةً لسنوات، فهو يستشرف المستقبل ويقتحم سرداب الدماغ البشري لاستكشاف أسراره، ويتساءل في غموض حول إمكانية أن يتحكَّم العقل في الواقع الخارجي، كما يلقي الضوء على ثورة الذكاء الاصطناعي، ومحاولات البشر لصنع عقل اصطناعي يحاكي العقل البشري.
مؤلف كتاب مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته
الدكتور ميشيو كاكو (Michio Kaku): هو عالم أمريكي من أصل ياباني مختص بمجال الفيزياء النظرية ومجال الدراسات المستقبلية، ولد في سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 24 يناير عام 1947، من والدين يابانيين مهاجرين إلى الولايات المتحدة، حصل على درجة الدكتوراه في عام 1972، ويعمل أستاذًا للفيزياء النظرية بجامعة سيتي الأمريكية، كما أنه بروفيسور زائر في كل من جامعة برنستون وجامعة نيويورك.
له العديد من المؤلفات منها: “رؤى مستقبلية؛ كيف سيغير العلم مستقبلنا في القرن الواحد والعشرين”، و”الفضاء الفائق”، و”فيزياء المستقبل”.