ما بين اللعب والعتاب
ما بين اللعب والعتاب
إن الألعاب هي أحد العناصر الرئيسة لحياة الطفل للدرجة التي جعلت الإمام الغزالي نفسه يتحدث عنها حين نصح بضرورة لعب الطفل بعد الفراغ من الكتّاب، لأن ذلك يرفع من ذكائه، وليست الألعاب هنا تلك الأشياء الباهظة الثمن، بل يمكن للطفل الاستمتاع بأشياء بسيطة يمكن تجميعها في ركن أو صندوق خاص به، فذاك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يُجري مسابقة جري بين أطفال بني عمه العباس، فكان يستقبل الفائز بصدره ثم الآخر وهكذا.
بالنسبة إلى العتاب، فيجب أن يكون أغلب عتاب الأب لطفله سرًّا، ولا يكون التوبيخ إلا أحيانًا، فالتوبيخ العادي الخفيف أكثر فاعلية من العقاب الجسدي الشديد، ولنتذكر أمر نبي الله (صلى الله عليه وسلم) بعدم ضرب الوجه أو التشهير بالطفل كقول: “يا كذاب”، ولا يجب جعل الضرب وحده وسيلة العقاب بل يكون آخر الحلول، فمثلًا يعوّد بعض الآباء أبناءهم مجرد النظرة الحادة، أو عند الدخول إلى البيت يسلم على الجميع ما عدا الابن الذي أخطأ حتى يُشعره بخطئه، لكن لا يجب إرسال الولد إلى سريره عند ارتكاب خطأ، حتى لا يرتبط السرير بالعقاب، ولا يجب حبسه في غرفة وإغلاق الباب عليه.
وهناك أسلوب يُدعى “أسلوب الإقصاء” في العقاب، ويتمثل في إبعاد الطفل لمدة قصيرة عن الأنشطة التي يمارسها أو الموقف السار الذي حصل في أثنائه سوء التصرف، وتكون مدة الإقصاء دقيقة لكل سنة من عمر الطفل، وما إن تنتهي المدة تعود العلاقة الطبيعية بين الأب وطفله، وتكمن فاعلية هذه الطريقة في أن الأطفال يشعرون فيها بأن تصرفهم السيئ أفقدهم جذب اهتمام عائلاتهم وحرية اللعب، ويمكن استخدامها في حال ضرب أخيه أو صديقه، أو إذا قال لفظًا بذيئًا، لكن لا يُنصح باستخدامها في حالات النشاط الزائد أو السلوك الانعزالي أو الواجبات المدرسية.
الفكرة من كتاب كيف تربي أبناءك في هذا الزمان
يقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): “رحم الله أمرأً أعان ولده على برِّه”، ولا شك في تأثير السنين الأولى من عمر الإنسان في بقية حياته، وتلك السنون الأولى هي الفترة التي يرى فيها المرءُ أولى لحظاته بين يدي أبويه اللذين سيكون لهما تأثيرٌ كبيرٌ في جعله إنسانًا ناجحًا أو فاسدًا.
وإن التربية في حد ذاتها فنٌّ ومهارة، تحتاج إلى صبرٍ وحكمة وقدرة على التعامل مع كل موقف يظهر من الأبناء تجاه آبائهم وأمهاتهم، فتلك أمورٌ تحتاج إلى لطفٍ، وهذه أخرى تحتاج إلى حزم وشدة، ويناقش هذا الكتاب فنّ معاملة الأبناء وتربيتهم في مثل هذا الزمان.
مؤلف كتاب كيف تربي أبناءك في هذا الزمان
حسان باشا: طبيب ومؤلف سوري، حاصل على شهادة عضوية الكلية الملكية للأطباء الداخليين في بريطانيا، وله عدد من المؤلفات الطبية والتاريخية والتربوية، ومن أهم مؤلفاته:
الثقافة الطبية : متعة الحياة.
هكذا كانوا يوم كنا.
أسعد نفسك وأسعد الآخرين.