لا تتركني وحدي
لا تتركني وحدي
يشعر الطفل بالخوف إن تُرك وحيدًا بلا حول ولا قوة ودون رعاية، فالوحدة تسبِّب له الشعور بالألم والإهمال وأنه ليس هناك من يحبه، فالطفل يعتمد على رعاية الكبار ودعمهم وتشجيعهم له بشكل أساسي، ويلتمس منهم الرضا عن سلوكياته وأفعاله، فإلم يجد الرضا منهم بحث عنه في الأشياء، كالدمى أو الأصحاب الخياليين، ولا يتعلم الطفل وينمو إلا بالعطف والتشجيع والحب، فتراه عندما يتعلم شيئًا جديدًا يسرع ليريه لأمه، ويحرص على تكرار ما جعلها تبتسم له، فيغدو قادرًا على النمو بشكل صحي فيجرب ويتعلم، على عكس من يفتقد الاهتمام والعطف فإنه لا يرغب في تعلم شيء، لأنه لا يشعر بأهمية نفسه، تلك الأهمية التي كانت تدفعه ليجرب أكثر فينمو ويتعلم، وحتى عندما يكبر الطفل قليلًا ويذهب إلى المدرسة فإنه يحاول أن يفعل ما يجعله محبوبًا من قبل مدرسيه وزملائه، فهو بطبيعة الحال لا يفهم مغزى الحروف ولا الأرقام، لكنه يحاول جهده في تعلمها على كل حال لأن هذا ما يُنتظر منه، ما يجعل لمشاعر المدرس نحو طلابه بالغ الأهمية والأثر في نفوسهم، فهم يحتاجون أن يشعروا بحبه لهم، واهتمامه بهم، ليستجيبوا له.
ويخاف بعض الأطفال من ألا ينالوا نصيبهم من العطاء، والطفل لا يستطيع أن يحب إخوته وأصدقاءه ويتقاسم معهم الأشياء إلا إذا كان مطمئنًّا لنصيبه من الحب والعطاء، أما الطفل الذي يعاني الحرمان، فينشأ وهو يلازمه شعور الحرمان، والخوف المستمر من ألا يأخذ نصيبه.
الفكرة من كتاب مخاوف الأطفال
إن أغلب الاضطرابات النفسية قد يكون مردُّها إلى فقدان الطفل الشعور بالأمن، وليس ذلك في الأطفال وحسب، بل وحتى اضطرابات البالغين، وقد نقلِّل من شأن مخاوف الأطفال لصغرها في أعيننا، وقد نمر بأزمة كبيرة ونتجاهل الطفل ظنًّا منا أنه لا يفهم ما يحدث، وقد نسعد بهدوء الطفل دون أن نعلم أن من خلف ذلك الهدوء شبحًا كامنًا في أعماقه.
الخوف من فقد الحب، ومن الوحدة، ومن الظلام، ومن النمو والنضج، وقد لا تتصوَّر أنهم يخافون من أول يوم لهم في هذا العالم، ويكبرون وتكبر مخاوفهم، وما لم يتم احتواؤها فإنها تصبح عائقًا أمام نموِّهم العاطفي والعقلي وحتى الجسدي بشكل صحي، فالتحرُّر من المخاوف هو ما يدفع الطفل لاكتشاف قدراته وتجربتها، فينمو بشكل صحي، فكيف نحمي أطفالنا من الخوف، ليكبروا بنفوس آمنة مطمئنة؟
مؤلف كتاب مخاوف الأطفال
هيلين روس: مارست العلاج النفسي وكانت تدير معهدًا للتحليل النفسي في أمريكا.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد محمد خيري: حاصل على الدكتوراه في علم النفس، ورئيس سابق لقسم الدراسات النفسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ثم عميدًا للكلية، وهو صاحب كتاب “الإحصاء النفسي”.