قلب الصلاة هو الركوع
قلب الصلاة هو الركوع
نأتي إلى ثاني هيئات الصلاة، فبعد القيام يأتي الركوع، والركوع هو وسط بين القيام والسجود، إلا أن الركوع له أهمية بالغة، فكل صلاة تتكون من وحدات، هذه الوحدات تُسمى ركعات، فبين الهيئات الثلاث القيام والركوع والسجود سُميت الوحدة الأساسية للصلاة ركعة وليست قومة أو سجدة.
والركوع هو صفة اختص الله بها الإنسان، فالشمس والقمر يسجدان ولا يركعان، ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض ولم يقل رب العالمين “يركع” ما في السموات وما في الأرض، وفي الركوع خفض للرأس، الذي يحوي العقل الذي ميَّز الله عز وجل به الإنسان عن غيره من المخلوقات، وبهذا العقل صار الإنسان مكلفًا ومستخلفًا، والركوع هو تمهيد للسجود، وكأن الله يُظهر لنا أنه قبل السجود الذي يعبر عن قمة الخضوع والانكسار، فلا بدَّ من خضوع العقل الكامن في الرأس قبل أن يخضع الجسد كله، وفي مواضع عدة من القرآن يظهر هذا الأمر، كقوله تعالى: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾، ولا يكون استثناء ذلك إلا في آية واحدة في سورة آل عمران، في قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وهذا الاستثناء يثبت القاعدة، وهذا الاستثناء مفهوم، فما حدث لمريم لن يتكرر مع غيرها أبدًا إلى يوم الدين.
نردد ونحن راكعون “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات، وقد اختص الله عز وجل اسم العظيم من أسمائه الحسنى، وفي هذا الموضع نخفض رؤوسنا ونخضع عقولنا، لأن عظمة الله عز وجل متجاوزة لحدود العقل البشري الذي ينحني في هذا الموضع، فيقف العقل عاجزًا عن إدراك “العظيم” وعظمته، فهو عظيم في كل شيء؛ في رحمته وفي قدرته وفي مغفرته، وقد ورد الأمر بأن نسبح باسم الله العظيم في القرآن ثلاث مرات، في سياقات كلية تنبهنا إلى الخلق الأول وخلق النجوم وما نبصره وما لا نبصره، ومنها قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾.
الفكرة من كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
يقول رسول الله (ﷺ): “ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”.
في هذا الكتاب؛ يعرض أحمد خيري العمري هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، موضحًا المعاني الكامنة حول تلك الهيئات، وأنه لا ينبغي أن يقتصر المرء على القيام بالحركات والأوضاع دون فهم المعاني المرتبطة بتلك الحركات والمغزى من ورائها.
مؤلف كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، اشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، وتم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
الذين لم يولدوا بعد.
المهمة غير المستحيلة.
لا نأسف على الإزعاج.