سيدي الزوج
يعد النوع الأكثر انتشارًا من أنواع الذكورة الشرقية هو الذكر “والد زوجته”، ويمارس هذا النوع سلطته الأبوية على كل أنثى في محيطه، وينمو هذا الإحساس بداخل كل ذكر شرقي بسبب عوامل أسرية (تأتي من ممارسة أبيه للسلطة الأبوية على أمه)، وعوامل اجتماعية (تتمثل في مجموعة من النصائح والتوجيهات المجتمعية التي تقلل من شأن المرأة)، وبعض الموروثات الثقافية (مثل حق الرجل في تقويم زوجته وتأديبها بطريقة قد لا تكون سليمة).
هذا الخلط في الأدوار الاجتماعية ينتج تناقضًا وازدواجية في المعايير، ويؤدي إلى ارتفاع نسب حالات الطلاق والخيانة في المجتمعات الذكورية.
أنتجت التفرقة بين الذكور والإناث في التربية، وإجبار الأخت على خدمة أخيها، بل والسماح له بالتحكم فيها وتقويم سلوكها، ذكورًا شرقيين نرجسيين يؤمنون أنهم أشخاص كاملو الأهلية، لديهم العقل الأرجح، ولهم حق الوصاية على الأنثى الناقصة الأهلية.
هذه الثقافة كلها قائمة على احتقار المرأة والتقليل من وجودها، واعتبارها السبب الرئيس في أي مشكلة تتعلق بالجنس أو الشرف، وفي الوقت نفسه تنتج نفوسًا نرجسية منتفخة تشعر بالقدسية لمجرد انتمائها إلى جنس الذكور.
عندما يتمرد الأبناء وترفض الزوجات الضرب والإهانات الجسدية، وتبدأ الأنثى في تصديق أن لها حق الاحترام والتقدير مثل الرجل، يمكن أن تصاب هذه النفوس الذكورية النرجسية بصدمة نفسية تسمى “الجرح النرجسي”، وهي حالة تصيب النرجسي عندما يعترض شخص ما على تصرفاته أو يرفض سلوكه، فيشعر بالخوف والتهديد، ويضطر إلى اللجوء إلى سلاح نفسي يعرف باسم “الغضب النرجسي” يخرج في شكل إهانة وتطاول، ويصل في بعض الأحيان إلى القتل.
الفكرة من كتاب ذكر شرقي منقرض
في وقتٍ مضى من تاريخ المجتمعات الشرقية كان الرجل الشرقي شهمًا شجاعًا غيورًا، يلبي احتياجات أسرته قبل احتياجاته، ويؤثرها على نفسه، ولكن العوامل التربوية والاجتماعية في العقود الأخيرة ساهمت في توصيل رسائل نفسية إلى الذكور تنمي بداخلهم الشعور بالأفضلية، فنشأت على هذا المفهوم المختل أجيال تربت على التمييز بين الذكور والإناث في أبسط الحقوق الإنسانية، وهكذا أُقنِعت الأنثى بأنها أدنى من الرجل، وبذلك صُنِعَ “الذكر الشرقي” بامتياز.
ولكي تُعالج مشكلة “الذكر الشرقي“، لا بد من دراسة أسباب المشكلة وأعراضها، واكتشاف أنواعها ومضاعفاتها لبدء خطوة التغيير التي لا بد منها، خصوصًا مع هذا الجيل الذي يفكر في كل ما يستقبله، ويراجع كل ما وصل إليه من عادات وتقاليد وأفكار وموروثات على مدى العقود.
مؤلف كتاب ذكر شرقي منقرض
محمد طه: كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا مختصًّا بالطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، وله ثلاثة مؤلفات أخرى تحت عنوان: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”لأ بطعم الفلامنكو”.